الحوثي والمراكز الدينية.. حرب لمقايضة "الوسطية" بـ"الطائفية"
لم تكتف مليشيات الحوثي بفتح مئات المراكز الصيفية لتحشيد آلاف الأطفال وغسل أدمغتهم لنشر مشروعها الطائفي.
وإنما عمدت لمساومة مراكز التعليم الديني غير الخاضع لسيطرتها لفرض تدريس مناهجها أو إغلاق أبوابها.
فبعد "أدلجتها" للمناهج التعليمية في المدارس، انتقلت مليشيات الحوثي لمحاربة المراكز الدينية ضمن حرب تستهدف مقايضة الوسطية بمشروعها الطائفي.
- الاغتيالات الحوثية تصل ريمة اليمنية.. تصفية ضابط بارز
- صراع الحوثيين يلفظ حممه البركانية.. شهية الانقلابات تطيح بقيادي بارز
تلك الحرب ذات الصبغة الدينية والتي تهدد بنسف تعايش اليمنيين منذ قرون؛ تجلت عقب اقتحام عدد من مراكز ومدارس العلوم الشرعية وتحفيظ القرآن الكريم، كان آخرها اقتحام مليشيات الحوثي، الأربعاء، مسجدا ومركزا للعلوم الشرعية في محافظة إب وسط البلاد.
أحدث الجرائم
مصادر محلية وإعلامية قالت لـ"العين الإخبارية"، إن "مليشيات الحوثي الإرهابية اقتحمت مسجد ومركز التوحيد للعلوم الشرعية في بلدة المعاين بمدينة إب، قبل أن تصادره وتحوله إلى مركز صيفي تابع لها".
وبحسب المصادر فإن مسلحين حوثيين يقودهم القيادي الحوثي أحمد العصري الحمران، مشرف ما يسمى "الأوقاف والإرشاد" في محافظة إب قاموا بطرد الطلاب الذين يزيد عددهم عن 400 طالب، واستقدموا طلابا من مراكز حوثية من خارج المحافظة وأسكنتهم في دار التحفيظ وطوقت المكان.
وبحسب المصادر فقد شوهد عناصر المليشيا وهم ينصبون شاشات تلفزيونية داخل المسجد، كما نهبوا أثاثا وممتلكات خاصة بالمركز وطلاب العلم.
ويدرس بمركز التوحيد الديني 400 طالب، بعضهم ممن جرى تهجيرهم من مركز دماج بمحافظة صعدة عندما اجتاحته المليشيات الحوثية مطلع العام 2014م، في مفتتح معاركها التي تمددت خلالها إلى صنعاء وسيطرت عليها.
وهذا ثاني هجوم مسلح يتعرض له المركز الديني في المعاين، حيث سبق وهاجمته مليشيات الحوثي أول أيام عيد الفطر المبارك ومنعت الإمام القائم عليه من إلقاء خطبة العيد بقوة السلاح.
وعلى مدى السنوات الماضية شنت مليشيات الحوثي حربا شعواء ضد المراكز الدينية وتحفيظ القرآن في إب منها تفجير دار القرآن في مدينة يريم شمال شرقي محافظة إب.
إضافة إلى إغلاق دار "الأجلب"، ودار أخرى بقرية "قرعد" بمديرية الرضمة، ودار للقرآن في منطقة اليهاري بمديرية ريف إب، ودار للقرآن في سوق الجبري بمنطقة دار الشرف جنوب مدينة إب.
كما أغلقت مركزا لتحفيظ القرآن في بلدة "نجد العقما" وآخر في بلدة "الحرث" بمديرية بعدان شرقي إب فضلا عن إغلاق مركز الإمام الذهبي في المخادر وجامع البر، أحد أهم وأكبر جوامع إب، وبه العديد من الملحقات ومدرسة التحفيظ ومصلى للنساء ومغسلة خيرية للموتى.
مسلسل الجرائم
لم تكن المراكز الدينية ودور تحفيظ القرآن في محافظة إب هي الوحيدة وإنما امتدت حرب مليشيات الحوثي لمختلف المحافظات الخاضعة لسيطرتها لا سيما صنعاء.
وفي أحدث جرائمها في صنعاء، قامت عناصر المليشيات الحوثية بإغلاق مركز "عمار بن ياسر" لتحفيظ القرآن في حي النور بمديرية الصافية، وذلك في 14 مايو/أيار الجاري.
آنذاك، تحججت مليشيات الحوثي بأنّ المراكز الدينية ودور تحفيظ القرآن "تعيق المسيرة القرآنيّة"، على حد زعمها ما تسبب بتسريح وطرد 20 طالبا عن تعليم كتاب الله.
وسبق ذلك إغلاق المليشيات الحوثية المدعومة إيرانيا مركزًا لتحفيظ القرآن تابعًا لمسجد السنة في بلدة "سعوان" للأسباب ذاتها، ما أثار غضب أهالي الحي باعتباره إلغاء لمبدأ التعايش الذي عرفته اليمن منذ قرون من الزمن.
وفي 8 أبريل/نيسان الماضي اقتحمت مليشيات الحوثي مركز "معاذ بن جبل لتحفيظ القرآن" في منطقة جدر بصنعاء وقدمت على اختطاف العشرات من طلاب المركز التابع لرجل الدين عبدالسلام النهاري.
كما أغلق الحوثي مسجدا صغيرا بحارة "بئر عرهب" شمال العاصمة صنعاء، حيث اعتادت نساء الحي، منذ سنوات طويلة، أن يجتمعن في الدور الأرضي للجامع؛ لتدارس وحفظ القرآن الكريم كمشروع تطوعي.
وفي محافظة ريمة (غرب) اقتحمت مليشيات الحوثي مركزًا لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة السلفية وأشعلت النيران بداخله، بعد العبث بمحتوياته وإغلاقه، العام الماضي.
ومنذ مطلع العام الجاري بدأت مليشيات الحوثي حملة جديدة خاصة في إب لإغلاق ما تبقى من مدارس ومراكز دينية، حيث طالبت القائمين عليها باستصدار تصاريح عمل، للاستمرار في أنشطتهم، وكثفت من محاولات التضييق، للدفع نحو إغلاقها أو التنازل عنها لصالح المراكز الصيفية.
وبحسب رجال دين فإن "التصاريح التي ابتكرتها مليشيات الحوثي تستهدف الحصول على مبرر لإغلاق تلك المراكز التي لا تتوافق مع توجهها".
وأشاروا إلى أن "من بين الشروط تدريس ملازم مؤسس المليشيات الهالك حسين الحوثي واشتراطات أخرى، تصب في زيادة نشر أفكارها الطائفية".
ووفقا لمراقبين فإن "مليشيات الحوثي تسعى من إغلاق المراكز الدينية ومدارس تحفيظ القرآن إلى تشييد مراكز تنشئة صيفية لاستقطاب الشباب اليمني والناشئة لتغيير معتقداتهم وهويتهم، ودفعهم إلى جبهات القتال".