بوعود خادعة.. الحوثيون «يجندون» يمنيين للقتال في أوكرانيا
وظائف ورواتب عالية وحتى جنسية جديدة.. هكذا تبدأ رحلة الاحتيال الحوثية في تجهيز خلطة وقود بشرية لحروب خارج الحدود.
هذا ما ذكرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، التي كشفت عن عمليات "تهريب غامضة يجند من خلالها الحوثيون أعدادا من اليمنيين لصالح الجيش الروسي من أجل القتال في أوكرانيا".
ولم يتسن لـ"العين الإخبارية" التحقق من صحة ما ورد في الصحيفة الأمريكية سواء من معلومات أو روايات مجندين.
كما لم يتسن الوصول بشكل فوري للجهات الرسمية في روسيا للتعليق على الموضوع نفسه.
ونقلت الصحيفة عن مجندين يمنيين سافروا إلى روسيا، أنهم "وعدوا بوظائف ذات رواتب عالية وحتى الجنسية"، و"عندما وصلوا بمساعدة شركة مرتبطة بالحوثيين، تم تجنيدهم قسرا وإرسالهم إلى الخطوط الأمامية في أوكرانيا".
والعقود التي وقعها اليمنيون، والتي اطلعت عليها الصحيفة البريطانية، تضمنت شركة أسسها عبدالولي عبده حسن الجابري، وهو سياسي حوثي بارز.
وشركة الجابري، تم تسجيلها على أنها سياحية ومورد تجزئة للمعدات الطبية والأدوية.
وتشير "فايننشال تايمز" إلى أن تجنيد الحوثي لهؤلاء اليمنيين بدأ في وقت مبكر من شهر يوليو/تموز الماضي.
ولفتت الصحيفة إلى أنها اطلعت على عقد تجنيد مؤرخ في الثالث من يوليو، وكان موقعا عليه من قبل رئيس مركز اختيار الجنود المتعاقدين في مدينة نيجني نوفغورود.
200 مجند
وقد قدّر أحد المجندين، الذي يدعى نبيل، والذي تبادل رسائل نصية مع صحيفة "فاينانشال تايمز"، أنه كان "جزءا من مجموعة تضم نحو 200 يمني تم تجنيدهم في الجيش الروسي في سبتمبر/أيلول بعد وصولهم إلى موسكو".
وفي حين كان بعضهم من المقاتلين المتمرسين، لم يكن لدى الكثيرين منهم أي تدريب عسكري.
وقال نبيل- الذي طلب عدم ذكر اسمه الحقيقي- إنهم خُدعوا للسفر إلى روسيا ووقعوا على عقود تجنيد لا يستطيعون قراءتها.
ووفق الشخص نفسه، فقد تم إغراؤهم بوعود العمل المربح في مجالات مثل "الأمن" و"الهندسة"، على أمل كسب ما يكفي لإكمال دراسته.
وبعد بضعة أسابيع، تم احتجاز "نبيل" مع أربعة يمنيين آخرين وصلوا مؤخرا في غابة بأوكرانيا، مرتدين ملابس عسكرية تحمل شارات روسية، ووجوههم مغطاة بأوشحة، وفق "فايننشال تايمز".
وروى أحد الرجال في مقطع فيديو تمت مشاركته مع الصحيفة: "نحن تحت القصف. ألغام وطائرات بدون طيار وحفر مخابئ"، مشيرا إلى أن أحد زملائه حاول الانتحار وتم نقله إلى المستشفى.
وذكر أحدهم في الفيديو نفسه، أنهم كانوا يحملون ألواحا خشبية عبر غابة مليئة بالألغام، على ما يبدو لبناء ملجأ من القنابل.
وبعد بضعة أيام، أرسلت رسالة أخرى تفيد بأنهم ليس لديهم ملابس شتوية. وكشف عم نبيل الذي يعيش في بريطانيا، الأسبوع الماضي أن ابن أخيه أصيب مؤخرا وهو في المستشفى، لكنه لم يتمكن من مشاركة المزيد من التفاصيل.
ومكافآت أخرى
وقال عبد الله، وهو يمني آخر طلب عدم نشر اسمه الحقيقي، إنه وعد بمكافأة قدرها 10 آلاف دولار و2000 دولار شهريا، بالإضافة إلى الجنسية الروسية في نهاية المطاف، للعمل في روسيا لتصنيع الطائرات بدون طيار.
ووفق عبدالله، الذي وصل إلى موسكو في 18 سبتمبر/أيلول، فإن مجموعته "أُخذت قسرا من المطار إلى منشأة في مكان يبعد خمس ساعات عن موسكو حيث أطلق رجل يتحدث باللغة العربية البسيطة مسدسا فوق رؤوسهم عندما رفضوا التوقيع على عقد التجنيد، الذي كان مكتوبا باللغة الروسية".
وتابع "وقعت عليه لأنني كنت خائفا". ثم تم وضعهم في حافلات إلى أوكرانيا، وتلقوا تدريبا عسكريا أوليا وأُرسلوا إلى قاعدة عسكرية بالقرب من روستوف، بالقرب من الحدود.
وبحسب عبدالله، فإن العديد من المجموعة الأصلية من المجندين لقوا حتفهم في أوكرانيا، مستطردا "أحضرهم محتالون يتاجرون بالبشر. كان كل هذا كذبا".
ما وراء ذلك
ويقول دبلوماسيون أمريكيون إن التفاهم بين الكرملين والحوثيين، والذي كان لا يمكن تصوره قبل الحرب في أوكرانيا، هو "علامة على مدى استعداد روسيا للذهاب لتوسيع هذا الصراع إلى مسارح جديدة بما في ذلك الشرق الأوسط".
وقال ماجد المذحجي، رئيس مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، وهو مركز أبحاث يركز على اليمن، إن روسيا أيضا مهتمة "بأي مجموعة في البحر الأحمر، أو في الشرق الأوسط، معادية للولايات المتحدة".
وأضاف في حديثه للصحيفة، أن "المرتزقة يتم تنظيمهم من قبل الحوثيين كجزء من الجهود الرامية إلى بناء روابط مع روسيا".