20 ضربة حوثية للقطاع المصرفي.. حرب مدمرة تشل دورة اقتصاد اليمن
سلسلة من الضربات المميتة والمدمرة، وجهها الحوثيون للقطاع المصرفي في اليمن ضمن حرب واسعة النطاق استهدفت شل الدورة الاقتصادية للبلاد.
واستغلت مليشيات الحوثي تواجد غالبية المراكز الرئيسية للبنوك في صنعاء وسعت لتدمير القطاع المصرفي والمالي وإلحاق بالغ الضرر به لاسيما عقب نقل المقر الرئيسي للبنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن منتصف 2016.
وقدم تقرير حديث للبنك المركزي اليمني في عدن لأول مرة عرضا منهجيا لحرب الحوثي المدمرة والتي وجهت أكثر من 20 ضربة قاصمة للقطاع المصرفي بهدف وضع المليشيات يدها على القطاع المصرفي وتسخير مقدرات البنوك والمؤسسات المالية، لخدمة أنشطتها وحروبها العبثية.
التقرير الذي نشره البنك المركزي اليمني، ووصل "العين الإخبارية" ملخص منه، اعتبره خبراء، نقلة نوعية في مسار المعركة الاقتصادية الوقائية والتي تستهدف فضح ممارسات مليشيات الحوثي وجرائمها بحق العملة الوطنية وخطواتها التدميرية لضرب القطاع المصرفي، محليا ودوليا.
سلسلة الضربات
أول ضربة حوثية تمثلت بتعقيد بيئة عمل البنوك، والمؤسسات المالية المنتشرة في مختلف مناطق الجمهورية، بهدف الإضرار بالوضع الاقتصادي والمالي للبلد.
والضربة الثانية شملت وضع مليشيات الحوثي قيود مشددة أمام الأنشطة المالية والمصرفية والتحويلات والمعاملات النقدية بين مناطق البلد الواحد.
أما ثالث ضربة، تقسيم مليشيات الحوثي للاقتصاد ومنع تداول الطبعات الجديدة من فئات العملة الوطنية القانونية.
ورابع ضربة، اقتحام مليشيات الحوثي بشكل متكرر مقرات البنوك والمؤسسات المالية والشركات التجارية في مدينة صنعاء ومناطق سيطرتها، لنهب العملة الجديدة ومصادرتها ابتداء من ديسمبر 2019.
والخامسة، نهب مليشيات الحوثي ومصادرة أموال المسافرين بين المحافظات عبر حواجز التفتيش بذريعة إتلاف الطبعة الجديدة من العملة، وتجريم حيازتها، فيما الحقيقة كانت تعمل على مبادلة تلك الأموال المنهوبة بعملات أجنبية والمضاربة بأسعار الصرف في مناطق الحكومة الشرعية.
هذه الخطوة التي تندرج ضمن الممارسات التدميرية للاقتصاد الوطني، وفرص الاستقرار النقدي والمالي، استهدفت إضعاف "الثقة بالعملة الوطنية، وبالتالي ارتفاع تكاليف السلع والخدمات، وتكبد الأفراد والقطاع التجاري خسائر فادحة من قيمة دخولهم ومدخراتهم، وكذا الإضرار بالأنشطة الإنتاجية والتجارية والاستثمارية في البلاد"، وفقا للتقرير.
وكشف التقرير أن مليشيا الحوثي استحوذت خلال (2016 – 2018) على جزء كبير من المبالغ النقدية للبنوك، مستغلة تواجد أغلب المراكز الرئيسية للبنوك في صنعاء، وأجبرتها على سحب السيولة النقدية المتوفرة في خزائن فروعها، ونقلها إلى مراكزها الرئيسية، ثم توريدها لحسابات حوثية واستخدامها كأحد مصادر دعم المجهود الحربي، مما أثر على نشاط البنوك وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها، وفقدان ثقة العملاء بالقطاع المصرفي.
الضربة الـ6, قام الحوثيون عبر ما سمي بلجنة المدفوعات سابقا، ولاحقا في البنك المركزي الخاضع لسيطرتها بالاستحواذ على موارد النقد الأجنبي للمؤسسات المالية في مناطق الانقلاب، وفرض بيعها تحت إشرافهم بسعر صرف منخفض للشركات والقطاع التجاري، الذي يفرضون عليه تسليم الكثير من الأموال والجبايات بمسميات مختلفة لتضاف في نهاية المطاف على قيمة وأسعار السلع والبضائع.
الضربة الـ7, تدمير مليشيات الحوثي آلية وقواعد السوق القائمة على العرض والطلب، واستخدامها للكسب والإثراء غير المشروع وأحد مصادر تمويل أنشطة وحروب المليشيات التدميرية، حيث قامت المليشيات بإجبار البنوك والمصارف على توفير مبالغ النقد الأجنبي بسعر صرف منخفض للجهات والكيانات التابعة للقيادات الحوثية.
الضربة رقم 8, استيلاء مليشيات الحوثي بطريقة احتيالية على مبالغ بالمليارات على حساب الأشخاص المستفيدين من الحوالات الواردة من الخارج بالعملة الأجنبية سواء تلك المتمثلة بمبالغ المساعدات الإنسانية، أو حوالات المغتربين، عبر إجبار أسرهم على استلام حوالاتهم بالريال اليمني بسعر صرف منخفض، وغير عادل.
الضربة الـ9, استخدام مليشيات الحوثي بعض المؤسسات المالية في مناطق سيطرتها لفتح حسابات لجهات وكيانات وهمية كواجهة للقيام بعمليات مالية مشبوهة، بما في ذلك غسل الأموال التي يتم نهبها من مصادر غير مشروعة، وإدخالها في النظام المالي، وتمويل أنشطتها غير القانونية، مما عرض القطاع المصرفي اليمني، لمخاطر عالية وكبيرة بما فيه العقوبات الدولية.
ضربة رقم 10, خولت مليشيات الحوثي جهات قضائية غير قانونية في صنعاء منذ عام 2017، للقيام بتجميد أرصدة حسابات عدد كبير من العملاء والشركات التابعة لأشخاص معارضين او غير موالين لها، ومصادرة ونهب بعض من تلك الأرصدة، "بذرائع الخيانة والعمالة" المزعومة.
الضربة الـ11, فاقمت مليشيات الحوثي أزمة السيولة النقدية لدى البنوك، وعمقت عدم الثقة بالقطاع المصرفي، وخروج الدورة النقدية من البنوك والتأثير على استقرار سعر صرف العملة الوطنية، ما أجبر المودعين إلى سحب أرصدتهم بقيمة تقل عن قيمتها الحقيقية، واضطرار البنوك للتعامل مع الصرافين لدفع المبالغ، واستقطاع نسبة منها.
كما أدى ذلك إلى قيام المودعين بإعادة إيداع أموالهم وتحويلها إلى شركات ومنشآت صرافة أو لدى الأفراد أنفسهم، وهذا بدوره ساهم في خروج الدورة النقدية من البنوك والتأثير على استقرار سعر صرف العملة الوطنية".
الضربة الـ12, استولت مليشيات الحوثي على إدارات فروع البنوك الحكومية والمختلطة في صنعاء، وكلفت شخصيات موالية لها كمدراء تنفيذيين وأعضاء مجالس إدارة بصورة غير قانونية، للاستحواذ على أموال وموارد هذه البنوك، وتسهيل عمليات ومعاملات مالية لخدمة الأنشطة المالية للمليشيات وتمويلاتها المشبوهة.
كما حولت جزء كبير من النقد الأجنبي الناتج من ودائع المواطنين بالعملة الأجنبية إلى عملة محلية، ما أدى إلى ظهور عجز حاد في مراكز عملات تلك البنوك، وتكبيدها خسائر كبيرة، قادت إلى تآكل رؤوس أموالها، وعدم قدرة البنوك على الوفاء بطلبات المودعين.
الضربة الـ13, مارس الحوثيون الضغوط المتواصلة على البنوك في صنعاء، بغرض منعها من الاستثمار في الأدوات المالية الصادرة من المركز الرئيسي للبنك في عدن، وأجبروها على تمويل مشروعات لا تحقق أي أرباح، ضمن خطط المليشيات الرامية لمزيد من الاستيلاء على أموال المواطنين، ومدخراتهم، تحت مسمى "تغيير شكل النظام المصرفي المحلي القائم على الفائدة، الى نظام إسلامي".
الضربة الـ14، أصدرت المليشيات الحوثية 2023, فرمان تحت مسمى "قانون منع المعاملات الربوية، الذي تجرم من خلاله التعامل بالفائدة" كخطوة احتيالية على أموال المودعين من العملاء ونهب حقوقهم المتمثلة في العوائد المستحقة عن ودائعهم المصرفية، والقضاء على ما تبقى من ثقة بالقطاع المصرفي، والحافز على الادخار والاستثمار.
وأدت هذه الخطوة الى عواقب وخيمة على الوضع المالي وأداء الاقتصاد الوطني بشكل عام، بحسب التقرير.
الضربة الـ15, مارست المليشيات الترهيب والتهديد، والاعتقال بحق عدد من قيادات وموظفي البنوك في صنعاء، بغرض منعها من تقديم تقاريرها وبياناتها المطلوبة للبنك المركزي في عدن، للأغراض الرقابية والإشرافية بهدف إعاقته عن قيامه بوظائفه ومهامه القانونية.
كما أخضعت الموظفين لعمليات تفتيش طالت اجهزتهم وايميلاتهم ومراسلاتهم الشخصية، وتعرض بعضهم للحجز والسجن بصورة غير قانونية في انتهاكات غير مسبوقة بحق القطاع المصرفي.
الضربة الـ16, قامت المليشيات في مارس 2020م من خلال فرع البنك المركزي في صنعاء، بإصدار تعليمات وقواعد غير قانونية تتعلق بتقديم المؤسسات المالية خدمات الدفع الإلكتروني عبر الهاتف المحمول، واستهدفت بذلك السماح، بإصدار نقود إلكترونية بلا رقابة، وتوظيفها في خدمة مشاريعها وأنشطتها الارهابية.
الضربة 17, سيطر الحوثيون على كيان جمعية البنوك اليمنية، وحولوها إلى ناطق بإسمهم لتبرير السيطرة على موارد البنوك وتوظيفه لمساندة أنشطتهم وممارساتهم غير القانونية.
الضربة 18, توجه مليشيات الحوثي مؤخرا نحو استخدام اداة الإصدار النقدي غير القانوني وغير الدستوري، كوسيلة لتمويل نفسها ومشاريعها، بمورد مالي غير مقيد بسقف محدود ولا يخضع لأي قيود أو رقابة داخلية أو خارجية، وغير خاضع للمساءلة.
واعتبر التقرير هذه الخطوة أنها "تنذر بتداعيات مدمرة وكارثية، وبشكل غير مسبوق للنظام المصرفي والمالي والاقتصاد الوطني الضعيف والمنهك بالإجراءات التعسفية الحوثية على مدى السنوات الماضية".
الضربة 19, حول الحوثيون جزء كبير من النقد الأجنبي الناتج من ودائع المواطنين بالعملة الأجنبية إلى عملة محلية، ما أدى إلى ظهور عجز حاد في مراكز عملات البنوك وتحقيقها خسائر كبيرة وتآكل رؤوس أموالها وعدم قدرتها على الوفاء بطلبات المودعين.
الضربة الـ20, ضغط الحوثيون على عدد من البنوك الخاصة لتعيين أشخاص من الموالين للمليشيات الحوثية في عدد من مواقعها الإدارية.
الفقر لليمنيين والثراء للحوثيين
سلسلة الضربات الحوثية هذه، أكد التقرير أنها ستدفع "المزيد من شرائح المجتمع نحو الفقر المدقع، وسيقضي على ماتبقى من مدخراتهم، في مقابل نمو وازدهار ثروات قيادات المليشيات وأصحاب المصالح من اتباعها".
وحذر التقرير من "هذا الصعيد ومن مخاطر إقدام المليشيات نهاية شهر مارس الماضي، على صك وطرح عملة معدنية غير قانونية فئة 100 ريال، واتخاذ خطوات تعسفية لفرضها على المواطنين، والبنوك والمؤسسات المالية في صنعاء، مع إطلاق تلميحات بالاستمرار في القيام بإصدارات نقدية غير قانونية أخرى خلال الفترات القادمة.
تدخل وقائي حازم
ولم يقف البنك المركزي اليمني مكتوف الأيادي أمام عبث مليشيات الحوثي، حيث اتخذ مؤخرا حزمة من السياسات والتدابير الحمائية للنظام المصرفي، والحفاظ على الاستقرار النقدي، كان آخرها إلزام البنوك التجارية والاسلامية بنقل مراكز عملياتها إلى العاصمة المؤقتة عدن.
وأكد البنك المركزي اليمني قيامه بما يتوجب عليه من سياسات وإجراءات حمائية للحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي، بالتعاون مع المؤسسات المالية الدولية، والشركاء من الأشقاء والأصدقاء وانطلاقا من مسؤولياته واختصاصاته الدستورية والقانونية لمواجهة الممارسات الحوثية التدميرية.
كما أكد عمله "كسلطة نقدية قانونية مسؤولة في البلاد، باعتباره الجهة الوحيدة المخولة بعملية الإشراف والرقابة المصرفية وفقا للدستور والقوانين اليمنية النافذة، بالتنسيق مع المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية المختصة بالشؤون المالية والمصرفية والمجالات ذات العلاقة".
ويقف البنك المركزي "على مسافة واحدة من كافة البنوك والمؤسسات المصرفية باعتباره بنك البنوك، وحرصا منه على تحقيق الاستقرار المالي والنقدي، والحفاظ على القطاع المصرفي، وحمايته من التأثيرات السلبية، الناتجة عن التعقيدات والمتغيرات الداخلية والخارجية"، وفقا للتقرير.
aXA6IDMuMTQxLjIwMS45NSA= جزيرة ام اند امز