الحوثي بعد عقوبات أمريكا.. تصعيد أم استسلام؟

في ضربة استراتيجية موجعة، أزالت الولايات المتحدة الستار عن إجراءات عقابية غير مسبوقة تستهدف الجناح السياسي للحوثيين، بعد تصنيف المليشيات كمنظمة إرهابية أجنبية.
هذه العقوبات، التي طالت كبار قادة الحوثي مثل محمد عبدالسلام ومهدي المشاط، لم تكن مجرد إجراء روتيني، بل كانت محاولة لتفكيك البنية السياسية التي وفرت للحوثيين غطاءً شرعياً لعقود من التمدد والعنف.
هذه الخطوة الأمريكية ليست مجرد ضربة للحوثيين، بل رسالة واضحة للدول التي تدعمهم، خاصة إيران. فبعد سنوات من التوسع والتهديد للملاحة البحرية والمصالح الدولية، أصبحت الجماعة أمام خيارين: إما الاستسلام لضغوط العقوبات، أو الاندفاع نحو المزيد من التصعيد الذي قد يقودها إلى الهاوية، فهل ستنجح هذه العقوبات في كسر شوكة الحوثيين، أم أنها ستزيد من تعقيد المشهد اليمني؟
وكانت العقوبات الأمريكية، طالت كبير مفاوضي الحوثي محمد عبدالسلام ومساعده إسحاق المروني ونائبه عبدالملك العجري بالإضافة لرئيس مجلس الحكم للمليشيات مهدي المشاط وعضو المجلس السياسي محمد علي الحوثي، و3 آخرين.
لا خيارات
بحسب مراقبين، فإن مليشيات الحوثي استخدمت المناورات والمراوغات السياسية في نسف أكثر من 110 اتفاقات كان أبرزها اتفاق ستوكهولم أواخر 2018 والذي حصلت بموجبه المليشيات على اعتراف دولي كـ"سلطة أمر واقع" في شمال اليمن.
وتجهض العقوبات على قادة الجناح العسكري للحوثيين مخطط مليشيات الحوثي وتقمصها هوية «سلطة أمر واقع» لاكتساب الشرعية المحلية والاعتراف الدولي، وتعد رسالة قاسية للدول التي ترعى هذا الجناح والذي شجعت المليشيات على تهديد المصالح العالمية والملاحة البحرية.
ووفقا لرئيس تحرير صحيفة الثوري سابقا خالد سلمان، فإن التصنيف والعقوبات الفردية على قادة الجناح السياسي للحوثيين «يُخرج المليشيات من طاولة التسوية ويصبح وضعها يتطابق مع توصيف الكيانات الإرهابية المماثلة للقاعدة وداعش».
وأوضح سلمان لـ"العين الإخبارية"، أن العقوبات والتصنيف تجعل كل الفاعلين بالملف اليمني يبحثون عن قراءة تنسجم مع الموقف الأمريكي والدولي، وتجعل الحوثي يجد نفسه بلا ترف الخيارات المتعددة ويواجه حتمية مصيره.
وأشار إلى أن مصير الحوثي يتحدد بين الهروب إلى الأمام نحو "الضغط على زر تفجير الحرب نحو مثلث الثروات أو الموت الحقيقي تحت تأثير تداعيات مفاعيل قرارات الخنق الأمريكي الغربي الإقليمي وانهيار مرجعيته (إيران)".
وكانت الحكومة اليمنية رحبت على لسان وزير إعلامها معمر الإرياني، بالتصنيف والعقوبات الأخيرة، معتبرة إياها انعكاسا لـ«الالتزام الجاد من الولايات المتحدة الأمريكية، بملاحقة مليشيات الحوثي التي تتحرك كأداة إيرانية لزعزعة الامن والاستقرار في المنطقة وتهديد المصالح الدولية».
وأكد "أهمية استمرار مثل هذه الإجراءات بالتنسيق مع الشركاء الدوليين، كون التعامل بحزم مع الإرهاب الحوثي ضرورة لحماية الأمن والاستقرار".
تاريخ حافل بالمراوغات
ومنذ نشأة المليشيات الحوثية في صعدة في ثمانينات القرن الماضي، لعب الجناح السياسي للمليشيات الدور الأهم في الترويج للمليشيات وتبييض جرائمها وتعبيد الطريق أمام تمدد الجماعة مستخدما المراوغات بجانب مجموعة من الهويات الدينية والسياسية والاجتماعية.
وبرز دور الجناح السياسي للحوثيين منذ عام 2004، كمنصة لأجندة المليشيات عقب أول تمرّد عسكري للمليشيات مُستخدماً لهذا الغرض المظلومية والتضامنات المذهبية قبل التمدد بهوية الحق الإلهي خارج المناطق التقليدية.
كما استغل الجناح السياسي للحوثيين بشكل مدروس مشاركتهم في ساحات الإخوان 2011 ومؤتمر الحوار الوطني 2013, في التواصل مع دبلوماسيين غربيين لتغيير السمعة التي كانت رائجة آنذاك بأنهم مليشيات عسكرية وهو نهج اتبعته محليا ايضا، وفقا لتقارير دولية.
ووفر الجناح السياسي للحوثيين الغطاء المناسب للمليشيات للسيطرة على صعدة والتوسع في حجة والجوف وإسقاط عمران ثم صنعاء تحت غطاء رفض "جرعة ارتفاع الوقود" أواخر 2014.
كما استغل الحوثيون شعار مكافحة الإرهاب والتطرف للتقرب من الغرب والتمدد جنوبا وغربا، تحت يافطة محاربة الإرهاب قبل أن يفتضح أمر المليشيات مؤخرا بدعمها لهذه الجماعات ووصل الحد لدعم حركة الشباب فرع قاعدة الصومال بهدف تقويض حرية الملاحة البحرية.
aXA6IDE4LjExNi4yNi42OCA= جزيرة ام اند امز