تؤمن القيادات الحوثية ومفكروها ومنظروها بأن تنصلهم من كل تعهداتهم هو ضرب من الذكاء والحكمة والفطنة السياسية
ما الحوثيون إلا شرذمة قليلة بنوا معتقداتهم وصمموا مناهجهم ورسموا سياساتهم على الغدر والخيانة والنكث بالعهود ونقض المواثيق، والتنصل من كل الالتزامات، والتجرد من كل المعاهدات التي يبرمونها مع كل الأطراف، بدءاً من حروبهم الست مع الحكومة اليمنية.
ما زالت عدد من المنظمات والقوى الدولية تكافئ الحوثيين على تعنتهم واستخفافهم وتنصلهم من كل القرارات الصادرة التي وقعوا عليها والتزموا بتنفيذها بدعوتهم إلى المفاوضات تلو الأخرى
تؤمن القيادات الحوثية ومفكروها ومنظروها بأن تنصلهم من كل تعهداتهم هو ضرب من الذكاء والحكمة والفطنة السياسية، والمتابع لشأن الحوثي عبر التاريخ الطويل يجد أنهم لا يدخلون في مفاوضات ولا يبرمون معاهدات مع الأطراف المعادية لهم إلا إذا كانوا في مواقف ضعف وحالات انكسار، فيلجؤون إليها لإعادة تنظيم صفوفهم وتجميع شتاتهم، وحشد أتباعهم مجدداً والتقاط أنفاسهم وانتظار الدعم العسكري واللوجستي من حلفائهم الإيرانيين والقطريين وخونة العرب.
لقد غدروا بالرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح وقتلوه بعد أن سلمهم مفاصل الدولة، ووضع أسلحة وعتاد وأفراد الجيش اليمني بين أيديهم وتحت تصرفهم، وخرجوا على مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية ولم يلتزموا بها، ولاحقوا الرئيس اليمني وحاولوا القبض عليه تمهيداً لقتله كونه يمثل الشرعية اليمنية، وأسروا وزير الدفاع الصبيحي مع رجال الساسة والوزراء اليمنيين، وسجنوا الإعلاميين واقتادوا الأبرياء للمعتقلات، ودمروا الممتلكات وهجروا المواطنين اليمنيين من منازلهم.
دخلوا في المفاوضات التي جرت في الكويت الشقيقة، ووافقوا على بنودها، وسرعان ما تنصلوا منها، وتلتها مفاوضات السويد وما أسفرت عنها من قرارات أممية بتسليم السلاح، ورفع أيديهم عن ميناء الحديدة وتسليمه للشرعية اليمنية، والخروج من المدن والمحافظات اليمنية، وإطلاق سراح الأسرى، وتسليم خرائط الألغام التي زرعوها، وعدم التعرض لقوافل الإغاثة الأممية، والغريب بأن كل تلك الانتهاكات والتجاوزات الحوثية والالتفافات المتكررة والسافرة على القرارات الدولية لم تجد حسماً وردعاً وإرغاماً أممياً للحوثيين على الالتزام بالقرارات الصادرة بقوة السلاح.
ما زالت عدد من المنظمات والقوى الدولية تكافئ الحوثيين على تعنتهم واستخفافهم وتنصلهم من كل القرارات الصادرة التي وقعوا عليها، والتزموا بتنفيذها بدعوتهم إلى المفاوضات تلو الأخرى.
كلما شعروا بأن نبتتهم الحوثية الخبيثة توشك على الاقتلاع من الجذور من قبل التحالف العربي والجيش الشرعي سارعوا لحمايتها باتفاقات ومفاوضات جديدة، وإعطاء الحوثيين فرصة لالتقاط الأنفاس وترتيب صفوفهم والاستمرار بقتل اليمنيين وتدمير بناهم التحتية، مع يقينهم بأن الحوثيين لن يلتزموا بهذه المفاوضات ولن ينفذوها، حتى أضحى اليمنيون يتوجسون خيفة من الأمم المتحدة ذاتها، ويشعرون بأنها تقف بجانب الحوثيين وتساندهم.
كأنهم بذلك يريدون إحراج التحالف العربي أمام الشعب اليمني، بعدم جديته في تحرير اليمن من سطوة الحوثيين، مستغلين تخويلهم للتحالف العربي بإعادة الشرعية وتهديد دول التحالف العربي بإلغاء التفويض الأممي لهم في اليمن إن لم يوقفوا الحرب ويدخلوا مع الحوثيين في مفاوضات، تاركين الفرصة لمحور الشر إيران وتركيا وقطر في استغلال هدنة المفاوضات لدعم الحوثي بالسلاح واستعادة الأراضي التي حررها التحالف والمقاومة الشعبية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة