الحوثيون و"صافر".. تحذيرات من "كارثة" وآمال في صيانتها
أصبح انفجار "قنبلة صافر" العائمة في السواحل اليمنية مسألة وقت، مع استمرار رفض مليشيا الحوثي كل المبادرات الدولية لتدارك الكارثة.
وبدأت الحكومة اليمنية فعليا في اتخاذ إجراءات وقائية استعدادا لمواجهة كارثة الخزان النفطي "صافر" بعد فشل كل المساعي الأممية في إقناع الحوثيين بالسماح بصيانة أو تفريغ الناقلة المتهالكة.
وترسو الناقلة المتخذة كخزان عائم قبالة ميناء رأس عيسى في شمال مدينة الحديدة، حيث تحمل على متنها 1.1 مليون برميل من النفط الخام، وتقع تحت سيطرة مليشيا الحوثي التي تستغلها لابتزاز المجتمع الدولي.
وكانت تقارير دولية حذرت من وقوع أكبر كارثة بيئية في القرن الـ21 وإحدى أسوأ 10 كوارث في التاريخ، في حال انهيار الخزان النفطي المتآكل والذي لم يخضع لأي صيانة من 5 أعوام جراء الانقلاب الحوثي.
وفي يونيو/حزيران الماضي، أعلنت مليشيا الحوثي أن المفاوضات من أجل السماح للمفتشين الدوليين بصيانة الخزان "وصلت إلى طريق مسدود".
وتقول الحكومة اليمنية إن التعنت الحوثي قد يتسبب بوقوع كارثة بيئية واقتصادية وإنسانية هي الأكبر في تاريخ البشرية سيتضرر منها ملايين البشر، وستدفع ثمنها المنطقة والعالم لعقود مقبلة.
وأمام هذا الواقع، تم تشكيل لجنة محلية أواخر الشهر الماضي لمواجهة كارثة خزان صافر وتفادي ما أمكن من آثار الكارثة التي قد تقع في أية لحظة.
رئيس اللجنة مدير عام هيئة حماية البيئة بمحافظة الحديدة، فتحي عطا، خصّ "العين الإخبارية" بأول تصريح عقب تشكيل اللجنة، للوقوف على أبعاد الكارثة والحديث عن إمكانية تلافيها أو التخفيف من آثارها.
استعدادات عملية
وقال المسؤول اليمني لـ"العين الإخبارية" إنه بعد مشاركة الفريق في الدورة التدريبية رأى محافظ الحديدة الدكتور حسن طاهر أن المحافظة تمتلك كوادر مدربة ومؤهلة فأصدر قرارا بتشكيل اللجنة المحلية لمواجهة كارثة خزان صافر.
وأضاف فتحي عطا، الذي عُين رئيسا للجنة، أنه عقد أول اجتماعات اللجنة عقب عودة أعضائها من الدورة التدريبية في 24 يونيو/حزيران الماضي بحضور محافظ الحديدة لإطلاعه على آخر المستجدات والخطط التي سوف تقوم بها اللجنة والبحث عن تمويل لها.
وأوضح عطا لـ"العين الإخبارية" أن اللجنة قامت بإعداد دراسة متكاملة لتدريب أكثر من 200 شخص من جميع القطاعات المدنية وجمعيات الصيادين وحتى طلاب الثانوية ليكونوا مؤهلين ومستعدين لمواجهة أي كارثة بيئية من الناقلة صافر.
وأضاف: "نحن نتواصل مع الهيئة الإقليمية للحفاظ على البحر الأحمر وخليج عدن والمنظمات الدولية ذات العلاقة لتمويل الدورات التدريبية المحلية والتي ستكون على امتداد الساحل الغربي من مديرية المخا وحتى مديرية الحوك في الأجزاء المحررة من محافظة الحديدة".
ودعا رئيس اللجنة المحلية لمواجهة كارثة "صافر" الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، بالتدخل ودعم اللجنة لتتمكن من القيام بواجبها وتدريب أبناء المنطقة للاستعداد لمواجهة أي كارثه بيئية قد تحصل من الناقلة صافر، مطالبا المجتمع الدولي بممارسة الضغوط القصوى على الميليشيا الحوثية لسرعة صيانة الخزان قبل فوات الأوان.
ومطلع الشهر الماضي، حذرت الحكومة اليمنية من خطورة غرق خزان النفط العائم "صافر"، بعد حدوث ثقب في أحد الأنابيب وتسرب مياه البحر لغرفة المحركات، وحملت مليشيا الحوثي المسؤولية.
وفي وقت سابق، رصدت الأقمار الصناعية بقعة زيت في مياه البحر قرب الناقلة، وفق تقارير دولية أشارت إلى بدء حدوث تسريب للنفط الخام.
30 عاما
وأكد فتحي عطا أن عواقب انفجار "قنبلة صافر" ستكون مروعة جدا لأنها ستصل إلى كل دول الإقليم في البحر الأحمر وخليج عدن وستؤثر على جميع الأحياء البحرية وستحرم الصيادين من لقمة عيشهم.
وأشار إلى أن آثار الكارثة ستكون مدمرة على الحياة البحرية والشعاب المرجانية كما ستتأثر الجزر في البحر الأحمر بانفجار الخزان صافر، وستحتاج إلى 30 سنة لتنظيف البحر بتكلفة أولية تقدر بـ30 مليار دولار، حيث تحمل الناقلة أكثر من مليون برميل من النفط الخام.
ولدى سؤاله عن وجود أمل في تفادي الكارثة، قال المسؤول اليمني: "نعم، إذا تم الضغط بقوة على المليشيات الحوثية من الأمم المتحدة والدول الكبرى للسماح للمفتشين الدوليين بصيانة الناقلة أو تفريغ الوقود الذي تحتويه.
وأضاف، أن بيانات الإدانة وحدها لا تكفي، وأن المفاوضات السابقة مع الحوثيين استنفدت الكثير من الوقت وليس هناك مجال لإهدار المزيد.
ولفت رئيس اللجنة المحلية لمواجهة الكارثة، إلى أن السلطة المحلية في محافظة الحديدة تعي أهمية دور اللجنة وعلى استعداد لاستمرار دعمها وتسهيل كافة مهامها.
أشاد بجهود وزير المياه والبيئة المهندس توفيق الشرجبي، ومحافظ الحديدة حسن طاهر، والمهندس عمار العولقي رئيس الهيئة العامة لحماية البيئة، لاهتمامهم ومتابعتهم الحثيثة والمستمرة لوضع الناقلة صافر.
عامان من المماطلة
ومر أكثر من عامين على تحذير الحكومة اليمنية من هذه الكارثة المحتملة ومناشدتها لتدخل الأمم المتحدة، في وقت لا تزال المليشيا الحوثية ترفض السماح لفريق الأمم المتحدة بالوصول إلى الخزان النفطي.
وأكدت الحكومة اليمنية في غير مناسبة موافقتها على كافة المقترحات والمبادرات المطروحة لمعالجة وضع السفينة بما في ذلك المقترح الأخير للمبعوث الأممي السابق، مارتن غريفيث، المقدم في شهر أبريل/نيسان الماضي ضمن التدابير الإنسانية والاقتصادية.
وطالبت الحكومة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بتحمل مسؤوليتهم القانونية والأخلاقية والضغط على الحوثيين للسماح على الفور ودون تأخير أو شروط مسبقة بوصول الفريق الفني من الأمم المتحدة لإجراء عملية التقييم والصيانة وتفريغ كميات النفط المخزنة قبل وقوع الكارثة.
وتحذر التقارير أن من شأن أي تسرب نفطي أو انفجار التسبب بكارثة بيئية في البحر الأحمر التي يعتمد عليه قرابة ثلاثين مليون شخص بمن فيهم نحو 1.6 مليون يمني.
سيناريوهان
وتقول تقارير الخبراء إن التسرب سيدمر حوالي 500 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية يستغلها حوالي 3 ملايين مزارع و8 آلاف بئر ماء وسيخلف مستويات مضرة من الملوثات الهوائية تؤثر على أكثر من 8 ملايين شخص.
كما ستؤثر الكارثة على قدرة اليمن في استيراد 90% من الأغذية والمساعدات الإنسانية الأخرى، والسلع التجارية التي تحتاج إليها جراء إغلاق ميناء الحديدة.
ويتوقع الخبراء اثنين من السيناريوهات المحتملة لـ"قنبلة صافر"، الأول انفجار أو تسرب سيؤدي إلى واحدة من أسوأ الكوارث البيئية التي شهدها العالم، والسيناريو الآخر حدوث حريق كبير سيؤثر على 3 ملايين شخص في الحديدة ومناطق الساحل الغربي.