الحوثي وصافر.. ابتزاز يهدد بكارثة والردع الدولي "ضرورة"
من سفينة صافر، تتخذ مليشيا الحوثي ورقة ابتزاز جديدة تتحدى المجتمع الدولي وتهدد بكارثة بيئية تتجاوز اليمن إلى محيطه والعالم بأسره.
وتتعامل مليشيا الحوثي مع الفرق الفنية الأممية المتخصصة في صيانة خزان "صافر" النفطي، بأسلوب ابتزازي مستهتر، فيما تحرص الحكومة اليمنية على تجنيب البلاد والمنطقة كارثة بيئية محتملة، جراء تسريب بات أقرب من أي وقت مضي من السفينة العائمة في ميناء رأس عيسى اليمني.
وبحسب مسؤولين يمنيين، فإن الإنقلابيين الحوثيين لديهم أهداف خاصة يستغلون من خلالها الخزان العائم والمهمل منذ انقلابهم أواخر عام 2014، دون أي صيانة أو حماية.
مصدر حكومي يمني مسؤول في المجال البيئي اتهم مليشيا الحوثي بابتزاز المجتمع الدولي، وتعمد إطالة أمد المباحثات حول صيانة خزان صافر؛ للحصول على مكاسب سياسية ومالية.
وعلمت "العين الإخبارية" من المصدر الحكومي الرفيع -غير مخوّل بالتصريح للإعلام- أن اللجان البيئية المنبثقة عن الفرق الفنية التابعة للأمم المتحدة التي أجرت التفاوض مع مليشيا الحوثي، اكتشفت هذه الحقيقة خلال جلسات المفاوضات الأخيرة.
وأكد المسؤول الحكومي البيئي أن المليشيات تدرك خطورة الوضع، لكنها تمضي في استغلال هذه القضية للفوز بمكاسب سياسية وعسكرية، وتطالب حتى بمساعدات مالية.
وأضاف أن الأمم المتحدة ألمحت في تقريرها، الأربعاء الماضي الذي اتهمت فيه الحوثيين بتحمل مسؤولية كارثة صافر، إلى هذه الحقيقة، معتبرًا أن المواربة الأممية في تقاريرها، وعدم توضيح هذه الحقيقة بشكل مباشر، وتواطؤ المجتمع الدولي مع ابتزاز الحوثيين، لن تأتي بأي خير على اليمن وبيئته، والبيئة البحرية العالمية بشكل عام.
وأشار إلى أن الأمم المتحدة والدول المؤثرة عالميًا لم تقم بما يجب لمنع حدوث كارثة بيئية محتملة؛ نتيجة التراخي في التعامل مع الحوثيين، رغم مرور أكثر من 6 أعوام على إهمال الخزان العائم.
ووفق المسؤول اليمني، فإن الحوثيين يدركون مدى خطورة انفجار الوضع البيئي على المنطقة والعالم بأسره، ورغم ذلك، فهم ماضون في ابتزاز العالم.
وتضم سفينة صافر العائمة قبالة سواحل الحديدة التي تسيطر عليها المليشيات الحوثية، أكثر من مليون برميل من الخام مهددة بحدوث أكبر تسرب نفطي في التاريخ.
إدانة دولية غير كافية
والجمعة، حمّل مجلس الأمن الدولي، مليشيا الحوثي مسؤولية وضع ناقلة صافر، وما سيتسبب به في كارثة بيئية واقتصادية وبحرية وإنسانية لليمن والمنطقة.
وأعرب أعضاء المجلس عن القلق البالغ إزاء الخطر المتزايد من تضرر بدن السفينة أو انفجارها، داعيين الحوثيين إلى السماح لخبراء الأمم المتحدة بالوصول إلى الناقلة النفطية المتهالكة دون تأخير.
وتعليقا على بيان مجلس الأمن، قالت حكومة اليمن إنه "غير كافٍ" ودعت لدراسة كل الخيارات لتفادي الكارثة الوشيكة بما فيها القوة العسكرية.
وأوضح وزير المياه والبيئة اليمني توفيق الشرجبي، أن "الدعوات الدولية والإقليمية والمحلية مستمرة منذ أعوام لكنها لم تتمكن من السماح لمفتشي الأمم المتحدة بالوصول إلى الناقلة التي تهدد العالم بأكبر تسرب نفطي بالتاريخ إثر رفض مليشيا الحوثي المتكرر".
واعتبر الوزير اليمني بيان مجلس الأمن الداعي إلى وصول آمن وغير مشروط لخبراء الأمم المتحدة لإجراء تقييم محايد وشامل بدون تأخير بأنه "غير كافٍ وخطوة لا تعكس مستوى التهديد البيئي والإنساني الخطير".
ودعا المسؤول اليمني، في بيان، إلى إصدار قرار دولي جديد مكملاً لقرارات مجلس الأمن السابقة بخصوص "صافر" ويتضمن آلية تطبيقية على الأرض تضمن تفريغ النفط من ناقلة صافر فوراً.
كما دعا إلى ممارسة كل الضغوط لحمل مليشيا الحوثي على الاستجابة للتحذيرات الدولية أو إدراج قيادة ميليشيا الحوثي كمجرمي بيئة.
وأكد الشرجبي أن الوقت يتطلب دراسة كافة الخيارات لتفادي الكارثة بما في ذلك دراسة إمكان استخدام القوة العسكرية من قبل الدول المتضررة لمحاصرة التهديد الذي يطال مواردها الطبيعة ونظامها البيئي.
وشدد على أن "دور مجلس الأمن مهم وضروري لكنه لم يساعد اليمن والإقليم بشكل كافٍ للخروج من هذه الكارثة والتي من شأنها أن تدمر النظم البيئية في البحر الأحمر وتضرب قطاع الصيد وتلوث آبار المياه وتؤثر على ممرات الملاحة الدولية والاقتصاد العالمي".
صافر.. القنبلة الموقوتة
مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة عبدالله السعدي، أكد الخميس، أن "وضع خزان صافر ازداد تدهورًا وأصبحت الأخطار التي قد تنتج عنه أكثر من أي وقت مضى"، موضحًا أن جماعة الحوثي قابلت الدعوات الأممية لحل خطر خزان صافر بالتعنت.
ووصلت جولة المفاضات الأخيرة الأممية - الحوثية إلى طريق مسدود، وذلك بعد نقاشات مكثفة امتدت على مدى 10 أيام بشأن ضمانات أمنية وتسهيلات لوصول ونشر فريق أممي فني لتقيم وصيانة الناقلة صافر قبل أن تخرج الأمم المتحدة، الأربعاء الماضي، وتحمل المليشيا مسؤولية أي تداعيات بشأن "قنبلة صافر".
من جانبها، حذّرت منظمة "غرينبيس" من احتمال وقوع انفجار في ناقلة النفط صافر المتهالكة في أي لحظة، داعية الأمم المتحدة إلى تحرك عاجل لمنع "كارثة".
وبحسب بيان للمنظمة المدافعة عن البيئة، فإنّ الانفجار على متن الناقلة قد يتسبّب بوقوع أحد أكبر عشرة حوادث مماثلة في التاريخ.
وقال المنسق الأول للحملات في "غرينبيس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" أحمد الدروبي، في بيان رصدته "العين الإخبارية"، إن "الأمر لا يتعلق بما إن وقعت الكارثة بل متى ستقع، ناقلة النفط صافر أكلها الصدأ ويمكن أن تتحطم أو تنفجر في أي لحظة".
وأضاف: "قد تؤدي الحرائق الناتجة عن الانفجار إلى تلويث الهواء مع آثار صحية خطيرة على المجتمعات المحلية المنكوبة بالفقر وعلى فرق الاستجابة".
بدورها، دعت المديرة التنفيذية لمنظمة غرينبيس الدولية جينيفر مورغان، الأمم المتحدة إلى "التحرك الآن لتجنب ما يمكن أن يكون أكبر كارثة نفطية في المنطقة هذا القرن. الحلول متوفرة، والخبرات والتقنيات معروفة".
وحذرت من تسرّب نفطي من شأنه أن يدمّر النظم البيئية في البحر الأحمر، ويضرب قطاع صيد السمك ويؤدي إلى إغلاق ميناء الحديدة الذي يعد شريانا حيويا لليمن لمدة ستة أشهر.
ومنذ خمسة أعوام، تصاعدت الاحتمالات والتوقعات والوصول إلى الخطر الكارثي في حال تسرب الكميات المخزنة في الناقلة صافر والبالغة 1.14 مليون برميل من خام مأرب الخفيف، خاصة بعد تسرب المياه إلى غرفة المحركات في يونيو/ حزيران الماضي.
والسفينة "صافر" التي صُنعت قبل 45 عاماً وتُستخدم كمنصّة تخزين عائمة، محمّلة بنحو 1,1 مليون برميل من النفط الخام قيمتها حوالى 40 مليون دولار، وهي مهجورة منذ 2015، وراسية قبالة ميناء الحديدة ولم تخضع، منذ ذلك الوقت، لأي صيانة ما أدّى الى تآكل هيكلها.
aXA6IDE4LjExOC4xMTkuMTI5IA== جزيرة ام اند امز