350 عاماً لإعادة إعمار غزة.. الخسائر الاقتصادية تكشف وحشية الحرب
يتوق الفلسطينيون في قطاع غزة إلى مغادرة مخيماتهم البائسة والعودة إلى منازلهم مع بدء سريان وقف إطلاق النار اليوم الأحد.
لكن الكثيرين منهم سيجدون أنه لم يتبق شيء ولا سبيل لإعادة البناء.
ووفقا لتقرير نشرته مجلة التايمز، فقد أدى القصف الإسرائيلي والعمليات البرية إلى تحويل أحياء بأكملها في العديد من المدن إلى مناطق قاحلة مليئة بالركام، مع هياكل محترقة من المباني وأكوام من الحطام تمتد في كل الاتجاهات. إذ جرفت قوات الاحتلال الطرق الرئيسية وتركت البنية التحتية الحيوية للمياه والكهرباء في حالة خراب، ومعظم المستشفيات لم تعد تعمل، وليس من الواضح متى أو حتى ما إذا كان سيتم إعادة بناء الكثير منها.
تدمير ثلثي جميع الهياكل
ولن يتم معرفة المدى الكامل للأضرار إلا بعد انتهاء العدوان تماماً وحصر الخسائر بعد حصول المفتشين على إمكانية الوصول الكامل إلى المنطقة.
وكانت القوات الإسرائيلية قد أغلقت الجزء الأكثر تدميراً في قطاع غزة، الواقع في الشمال، وتم إخلاء معظم سكانه في عملية بدأت في أوائل أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وباستخدام بيانات الأقمار الاصطناعية قدرت الأمم المتحدة الشهر الماضي أن 69% من المباني في غزة تعرضت للضرر أو الدمار، بما في ذلك أكثر من 245 ألف منزل.
وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن الأضرار بلغت 18.5 مليار دولار -ما يعادل تقريبا الناتج الاقتصادي المشترك للضفة الغربية وغزة في عام 2022- نتيجة الأشهر الأربعة الأولى فقط من الحرب.
ولا ينص الاتفاق على تصور من سيحكم غزة بعد الحرب، أو ما إذا كانت إسرائيل سترفع الحصار الذي يحد من حركة الأشخاص والبضائع والذي فرضته عندما سيطرت حماس على القطاع في عام 2007.
وفي حال استمرار الحصار فإن إعادة إعمار القطاع تستغرق أكثر من 350 عاما، بحسب الأمم المتحدة.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على غزة عن مقتل أكثر من 46 ألف فلسطيني، أكثر من نصفهم من المدنيين، وقالت وزارة الصحة في القطاع إن ثلثي القتلى من النساء والأطفال.
جبال من الأنقاض
قبل أن يتم إعادة بناء أي شيء، لا بد من إزالة الأنقاض، وهي مهمة مذهلة في حد ذاتها.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الحرب خلفت في غزة ما يزيد على 50 مليون طن من الأنقاض أي ما يقرب من 12 ضعف حجم الهرم الأكبر في الجيزة.
ومع وجود أكثر من 100 شاحنة تعمل بدوام كامل فإن إزالة الأنقاض سوف يستغرق أكثر من 15 عاماً، وهناك مساحة مفتوحة قليلة في المنطقة الساحلية الضيقة التي يسكنها نحو 2.3 مليون فلسطيني.
كما أن نقل الحطام سيكون معقدا بسبب احتوائه على كميات هائلة من الذخائر غير المنفجرة وغيرها من المواد الضارة، فضلاً عن بقايا بشرية.
وتقول وزارة الصحة في غزة إن الآلاف من الشهداء جراء الغارات الجوية ما زالوا مدفونين تحت الأنقاض.
تكلفة كبيرة
وإزالة الأنقاض وإعادة بناء المنازل في نهاية المطاف سوف تتطلب مليارات الدولارات والقدرة على جلب مواد البناء والمعدات الثقيلة إلى المنطقة، وكلاهما غير مضمون.
وينص اتفاق وقف إطلاق النار على البدء في مشروع إعادة إعمار يستغرق ما بين ثلاث وخمس سنوات في مرحلته النهائية، بعد إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين المائة المتبقين وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.
ولكن حتى في هذه الحالة فإن القدرة على إعادة البناء سوف تعتمد على الحصار، الذي طالما أدانه المنتقدون باعتباره شكلاً من أشكال العقاب الجماعي.
وتقول إسرائيل إن ذلك ضروري لمنع حماس من إعادة بناء قدراتها العسكرية، مشيرة إلى أن الأنابيب الأسمنتية والمعدنية يمكن استخدامها أيضا في الأنفاق والصواريخ.
وربما تكون إسرائيل أكثر ميلاً إلى رفع الحصار لو لم تعد حماس في السلطة، ولكن لا توجد خطط لتشكيل حكومة بديلة.