عصر الذكاء الاصطناعي.. تحديات اقتصادية مع تصاعد التكاليف وتأخر العوائد

مع مرور أكثر من عامين على انطلاق «عصر الذكاء الاصطناعي»، بدأت الحقائق الاقتصادية لهذه الثورة التقنية تتضح أكثر.
هذا ما توصل إليه تحليل نشره موقع "إف تي أدفايزر" الذي اعتبر أنه قد ظهر جليًا أن تكلفة تطوير وتشغيل هذه التكنولوجيا تتصاعد بوتيرة أسرع من العوائد المالية التي تحققها الشركات.
ويرى المراقبون أن الاستثمارات الضخمة التي تضخها شركات التكنولوجيا في بناء بنى تحتية متطورة وتطوير نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة، مدفوعة بتوقعات عالية من المستثمرين، باتت تشكل ضغطًا كبيرًا على ميزانيات الشركات، التي تضطر اليوم إلى البحث عن تحقيق أرباح ملموسة لتبرير ضخ الأموال المستمر.
ووفقا للتقرير، فإن الفرق الجوهري يكمن هنا بين الذكاء الاصطناعي والثورات الرقمية السابقة، حيث شهدت شركات مثل "مايكروسوفت" و"فيسبوك" أرباحًا كبيرة مع تكاليف تشغيل منخفضة، بينما تسجل شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى خسائر ضخمة. على سبيل المثال، تتوقع شركة "أوبن إيه آي" هامش تدفق نقدي سلبي بنحو 54% في 2025، فيما تصل خسائر "إكس إيه آي" التابعة للملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى نسب غير مسبوقة.
وهذا المشهد يشبه ما شهدته شركات مثل "أوبر" و"WeWork" التي استثمرت مبالغ ضخمة أملا في تحقيق أرباح مستقبلية، لكن التحدي الأكبر يكمن في غموض القوة التسعيرية للذكاء الاصطناعي، خصوصًا مع المنافسة الشديدة والضغط لخفض الأسعار.
وفي وسط هذه الصورة المعقدة، تبرز شركة "إنفيديا" كمزود رئيسي للمعالجات الرسومية المستخدمة في تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي، لكنها تواجه هي نفسها تحديات تتعلق بتنويع قاعدة عملائها.
إقبال ومخاوف
ولا تزال تطبيقات الذكاء الاصطناعي تلقى قبولًا سريعًا بين المستهلكين، لكن اعتمادها في الشركات الكبرى يتباطأ بسبب مخاوف تتعلق بالدقة والموثوقية، خصوصًا في القطاعات التي تتطلب التزامًا قانونيًا ومهنيًا عاليًا.
كما أن الشركات التي تمتلك قواعد بيانات ضخمة وخاصة، مثل "فيريسك" و"ماستركارد"، تحتل موقعًا مميزًا، حيث تستغل الذكاء الاصطناعي لتعزيز إنتاجية محترفيها وتقديم خدمات معلوماتية متقدمة، ما يمنحها ميزة تنافسية في سوق يزداد تعقيدًا.
وفي ظل تزايد تكاليف تحسين جودة البيانات والنماذج، كما ظهر في صفقات استحواذ كبرى، تتصاعد المخاوف من تضخم فاتورة الذكاء الاصطناعي مقارنة بالعوائد المؤجلة التي قد تحتاج إلى وقت طويل لتتحقق.
في نهاية المطاف، يبقى السؤال حول مدى قدرة الذكاء الاصطناعي على تحقيق فوائد واسعة ومستدامة في الاقتصاد العالمي، أم أنه سيقتصر على استخدامات محدودة مثل المساعدة البرمجية والترجمة. وفي كل الأحوال، تؤكد التجربة أن النجاح الاقتصادي للذكاء الاصطناعي مرتبط ارتباطًا وثيقًا بقدرته على تحقيق أرباح حقيقية، وليس فقط الابتكار التقني.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMiA= جزيرة ام اند امز