الإمارات في يوم العمل الإنساني.. مصدر إلهام وبلسم لأوجاع العالم
أنهار عطاء تتدفق، وجسور أمل تمتد.. تلك هي إنسانية الإمارات العابرة للقارات لتخفيف أوجاع المكلومين حول العالم.
جهودٌ يستحضرها العالم، عشية إحياء اليوم العالمي للعمل الإنساني الذي يصادف 19 أغسطس/آب من كل عام.
وتحل هذه المناسبة فيما تتدفق المساعدات الإماراتية كأنهار عطاء جارية لمد يد العون والمساعدة لإغاثة جميع الشعوب التي تمر بظروف صعبة، جراء الحروب والصراعات والكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية.
عطاءٌ يأتي في إطار استراتيجية الأخوة الإنسانية التي تنتهجها الإمارات وتضع في أولوياتها "الإنسان أولاً"، دون تمييز جغرافي أو عرقي أو ديني.
وتواصل دولة الإمارات العربية المتحدة، حاليا تنفيذ برنامج الإمدادات الغذائية للاجئين السودانيين والمجتمع المحلي في جمهورية تشاد، من خلال فريقها الإنساني الموجود هناك.
يأتي هذا بعد أيام من إرسال باخرة تحمل 250 طناً من المساعدات لأوكرانيا مطلع الشهر الجاري، وبعد نحو شهرين من إرسال سفينة مساعدات لسوريا.
ويأتي الاحتفاء بالعمل الإنساني، هذا العام، فيما تحقق دبلوماسية الإمارات الإنسانية إنجازا تلو الآخر، كان أحدثها رسالة شكر من بنغلاديش للدور المهم الذي قامت به في الإفراج عن موظفي منظمة الأمم المتحدة المختطفين في اليمن لأكثر من عام وأحدهم من رعايا بنغلاديش.
جهود ومبادرات ترسخ بها دولة الإمارات مكانتها كداعم رئيسي لجهود تعزيز الأمن والاستقرار حول العالم من خلال برامجها التنموية ومساعداتها الإنسانية ومبادراتها التي تستهدف خير ونماء البشرية ونشر قيم الخير والسلام.
مساعدات ومبادرات تأتي بتوجيهات من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، في عطاء يسير على نهج المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في مواصلة أعمال الخير.
السودان.. عطاء يتواصل
وفي السودان الذي يكتوي بنار الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، تواصل دولة الإمارات تنفيذ برنامج الإمدادات الغذائية للاجئين السودانيين والمجتمع المحلي، في مخيمات النزوح بتشاد.
ويضم فريق الإمارات الإنساني هناك مكتب تنسيق المساعدات في تشاد، وهيئة الهلال الأحمر، ومؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية.
ويجري الفريق زيارات ميدانية لمنطقتي (أرسو ا وأرسو 2)، وزع خلالها السلال الغذائية على النازحين في المنطقتين، والتي اشتملت على السلع الغذائية الضرورية.
وتسبب الصراع في السودان، في مقتل أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم من المدنيين، وأكثر من 4 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.
ومنذ بداية الأزمة وحتى اليوم، لم تتوقف جهود دولة الإمارات لوقف التصعيد وإنهاء الأزمة بالحوار والطرق السلمية.
وبموازاة جهودها الدبلوماسية التي انطلقت منذ بداية الأزمة كانت دولة الإمارات حاضرة، بل رائدة في مبادراتها الإنسانية، الهادفة لتخفيف وطأة الأزمة على المدنيين، سواء من أهل السودان أو من الرعايا الأجانب المقيمين به.
ففي بداية الأزمة، سيّرت الإمارات جسراً جوياً وبحرياً نقل قرابة 2000 طن من المواد الطبية والغذائية والإغاثية المتنوعة إلى كل من بورتسودان في السودان لدعم المتضررين في الداخل، وإلى تشاد لدعم اللاجئين الفارين من نيران المعارك.
وضمن أحدث جهود المساعدات أرسلت دولة الإمارات، قبل أيام، طائرة مساعدات إلى تشاد تحمل على متنها 13 طناً من الإمدادات الغذائية لتوفير الاحتياجات الإنسانية الضرورية للاجئين، وكذلك لدعم المجتمع المحلي، خاصة الفئات الأكثر احتياجا من المرضى والأطفال وكبار السن والنساء.
جهود تتواصل لتخفيف معاناة اللاجئين السودانيين بسبب الأوضاع الراهنة التي تمر بها البلاد، فيما يواصل المستشفى الميداني الإماراتي في أمدجراس بتشاد جهوده لتخفيف أوجاع المصابين.
وتم إنشاء المستشفى الميداني في التاسع من يوليو/تموز الماضي، تنفيذاً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، دعماً للاجئين من الأشقاء السودانيين.
وجاء افتتاح المستشفى في إطار الدعم الإنساني والإغاثي والطبي المقدم من دولة الإمارات للسودانيين المتأثرين بالأوضاع الصعبة التي تسبب بها الصراع. واستقبل المستشفى منذ افتتاحه 4147 حالة مرضية.
أوكرانيا.. دعم إغاثي
وبموازاة جهودها الإنسانية في السودان واصلت الإمارات دعمها الإغاثي المستمر للمساهمة في التخفيف من حدة التداعيات الإنسانية التي تواجه الأوكرانيين نتيجة الأزمة الحالية.
ففي مطلع أغسطس/آب الجاري أرسلت الإمارات باخرة تحمل على متنها 250 طناً من المساعدات الإغاثية للمتضررين في أوكرانيا، وذلك ضمن الدعم الإغاثي المستمر للمساهمة في التخفيف من حدة التداعيات الإنسانية التي خلفتها الحرب.
ويقوم مكتب الشؤون الدولية بالتنسيق مع وزارة الخارجية في الوقت الحالي بالعمل على تجهيز دفعة أخرى من المساعدات المدرسية تشمل أجهزة الحاسوب لطلاب المدارس والمعدات والمستلزمات الدراسية.
ومنذ بداية الحرب في فبراير/شباط 2022، قدمت دولة الإمارات إمدادات إغاثية عاجلة للمتضررين من الأزمة في أوكرانيا.
فالعام الماضي، تم الإعلان عن تقديم 100 مليون دولار أمريكي إلى المدنيين الأوكرانيين.
كما دشنت دولة الإمارات جسرا جويا تضمن إرسال 11 طائرة تحمل نحو 550 طناً من الإمدادات الإغاثية والمواد الغذائية الأساسية والطبية، و2520 مولداً كهربائياً، و6 سيارات إسعاف، منها طائرتان من المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي، إلى المدنيين داخل أوكرانيا.
فضلا عن تسييرها طائرات تحمل إمدادات إغاثية للاجئين الأوكرانيين في دول الجوار مثل بولندا ومولدوفا وبلغاريا.
وتقف الإمارات في مقدمة الدول التي تمد يد العون لكل من دفعتهم الظروف إلى ترك أوطانهم واللجوء إلى أماكن أخرى بحثاً عن الأمن والاستقرار، حتى باتت جهودها تشكل إحدى أهم نقاط الانطلاق الأساسية في التحرك الدولي نحو معالجة هذه المشكلة المتفاقمة، خاصة مع وصول عدد اللاجئين والنازحين في العالم إلى 110 ملايين نسمة.
دعم فلسطين.. أولوية إماراتية
ومن أوكرانيا إلى السودان، لم تنقطع جسور الإمارات الإنسانية، وهذه المرة فلسطين.
وضمن أحدث جهود الدعم الإنساني أعلنت الإمارات في يوليو/تموز الماضي، تقديم 15 مليون دولار لإعادة تأهيل المناطق المتضررة جراء الاعتداءات الإسرائيلية في جنين شمالي الضفة الغربية، وتوفير دعم عاجل لأسرها.
دعم جاء بتوجيه من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بعد نحو أسبوعين من توجيهه أيضا بتقديم مبلغ 7.3 مليون درهم دعماً لبلدية مدينة الخليل جنوبي الضفة.
وبعد نحو شهر من إعلان دولة الإمارات عن مساهمتها بمبلغ وقدره 20 مليون دولار أمريكي (73.6 مليون درهم)، لدعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأونروا".
في 16 مارس/آذار الماضي، وجه رئيس دولة الإمارات، أيضا، بتقديم 3 ملايين دولار لدعم إعادة إعمار بلدة حوارة شمالي الضفة، بعد اعتداءات المستوطنين عليها.
دعم استبقه بنحو 3 أشهر تسليم قطاع غزة أكبر قافلة مساعدات طبية، تضم أدوية ومستلزمات طبية ضرورية، بتبرع سخي من دولة الإمارات العربية المتحدة.
ووصلت القافلة، التي تضم أكثر من 85 طنا من الأدوية والمستلزمات الطبية بتكلفة 10 ملايين دولار عبر شاحنات ضخمة، من خلال معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر.
وجاء إرسال القافلة الطبية لغزة بعد نحو شهر من قيام دولة الإمارات بتوقيع اتفاقية تعاون مع منظمة الصحة العالمية، لدعم مستشفى المقاصد الذي يعد أكبر مستشفى أهلي خيري تعليمي في القدس الشرقية بـ25 مليون دولار، تنفيذاً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
مواقف تأتي جميعها ضمن جهود دولة الإمارات المستمرة لدعم قدرات المؤسسات الصحية الفلسطينية وتلبية متطلبات الشعب الفلسطيني في المجالات الإنسانية والمعيشية والصحية والاجتماعية والتعليمية وغيرها.
وبلغ إجمالي المساعدات الإماراتية لفلسطين خلال الفترة من 2010 حتى 2021 مبلغ 1.14 مليار دولار أمريكي، منها 254 مليون دولار لـ"الأونروا".
وتعد دولة الامارات من أكبر الجهات المانحة للأونروا لتمويل مختلف القطاعات في الأراضي الفلسطينية.
اليمن.. أياد بيضاء
وفي إطار مواصلتها العطاء الإنساني المستدام استحوذ اليمن على النصيب الأوفر من المساعدات الخارجية لدولة الإمارات، بمبلغ إجمالي تجاوز المليار و160 مليون درهم، بحسب وكالة الأنباء الرسمية (وام).
وتوزعت المساعدات المقدمة لليمن منذ 2015، على دعم البرامج العامة، والصحة، والمساعدات السلعية، وقطاع توليد الطاقة وإمداداتها.
كما شملت مساعدات الحكومة والمجتمع المدني، وقطاع النقل والتخزين، والخدمات الاجتماعية، فضلا عن مجالات متعددة.
دبلوماسية إنسانية.. إنجازات تتواصل
وقبل أيام، تلقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات اتصالاً هاتفياً من الشيخة حسينة واجد رئيسة وزراء جمهورية بنغلاديش، أعربت خلاله عن بالغ شكرها وتقديرها للدور المهم الذي قامت به دولة الإمارات في الإفراج عن موظفي منظمة الأمم المتحدة المختطفين في اليمن لأكثر من عام وأحدهم من رعايا بلادها.
كما ثمّنت خلال الاتصال جهود دولة الإمارات الحثيثة ومبادراتها الخيرة الساعية إلى تعزيز الأمن والاستقرار والسلام لشعوب العالم أجمع.
إنجاز دبلوماسي وإنساني جديد يأتي بعد نحو 4 أشهر من نجاح وساطة إماراتية في تأمين سلامة الجنود المصريين في السودان حتى عودتهم لبلادهم في أبريل/نيسان الماضي.
وجاء نجاح تلك الوساطة بعد نحو شهرين من نجاح وساطة إماراتية أخرى في فبراير/شباط الماضي، عبر إنجاز صفقة تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا تم بموجبها عودة 63 أسير حرب "من الفئة الحساسة" إلى روسيا، مقابل استعادة كييف 116 أسيرا.
كما جاء هذا الإنجاز بعد نحو شهرين كذلك من نجاح وساطة إماراتية سعودية مشتركة، في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، في الإفراج وتبادل مسجونين اثنين بين الولايات المتحدة وروسيا.
إنجازات تتوالى لترسخ مكانة دولة الإمارات كلاعب أساسي وشريك مهم في إنجاح مبادرات السلام على المستوى الإقليمي والدولي، انطلاقا من رسالتها الحضارية وإرثها التاريخي الراسخ الذي يقوم على التعاون والعمل الإنساني الذي يحقق الاستقرار والأمان للشعوب، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.
عاصمة عالمية للخير
مبادرات وجهود تتواصل تجسّد بها دولة الإمارات روح الأخوة الإنسانية في أسمى معانيها، سيراً على نهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في العطاء ومواصلة أعمال الخير، والتزاماً بنهج القيادة الرشيدة في ترسيخ قيم العطاء والتسامح وخدمة الإنسان.
وسبق أن أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن بلاده ستظل رمزاً للعون والنجدة في أوقات الشدة ومصدر إلهام في العمل الإنساني.
وأكد أن دولة الإمارات "لن تدخر جهداً في الوفاء برسالتها الإنسانية والمنطلقة من قيم العطاء وعمل الخير وترسيخ الأخوة الإنسانية والتضامن مع الشعوب خلال مختلف الظروف والتحديات".
وهو ما تُرجِم على أرض الواقع باحتلال الإمارات لسنوات عديدة المركز الأول عالمياً كأكبر جهة مانحة للمساعدات الخارجية في العالم قياساً إلى دخلها القومي.
في حين بلغ حجم المساعدات الإماراتية الخارجية منذ تأسيسها أكثر من 320 مليار درهم في 201 دولة.
وحرصاً على استدامة هذه الأعمال الإنسانية تمّ تضمينها في وثيقة مبادئ الخمسين التي تحدد توجهات الإمارات خلال الخمسين عاماً المقبلة.
وينص المبدأ التاسع في الوثيقة على أن "المساعدات الإنسانية الخارجية لدولة الإمارات هي جزء لا يتجزأ من مسيرتها والتزاماتها الأخلاقية تجاه الشعوب الأقل حظاً، ولا ترتبط مساعداتنا الإنسانية الخارجية بدين أو عرق أو لون أو ثقافة، والاختلاف السياسي مع أي دولة لا يبرر عدم إغاثتها في الكوارث والطوارئ والأزمات".