الإمارات في السودان.. ريادة إنسانية ودبلوماسية
منذ بداية الأزمة بالسودان قبل 4 أشهر وحتى اليوم، لم تتوقف جهود الإمارات لوقف التصعيد وإنهاء الأزمة بالحوار والطرق السلمية.
جهود دبلوماسية وإنسانية انطلقت منذ اللحظة الأولى لاندلاع الأزمة منتصف أبريل/نيسان الماضي، وتطورت على مدار الفترة الماضية وفقا لتطورات الأزمة حرصا على التخفيف من وطأتها وتداعياتها الإنسانية.
- الحل الدبلوماسي أولويتنا.. الإمارات تنفي مزاعم تسليح أي من أطراف نزاع السودان
- الإمارات والسودان.. دبلوماسية نشطة للسلام تسرع حل الأزمة
تلك الجهود البارزة حاول البعض عبثا التشويش عليها عبر أكاذيب مغرضة وافتراءات لا تمت للحقيقة بصلة، تزعم انحياز دولة الإمارات لأحد أطراف الأزمة في السودان ودعمه بالأسلحة والذخائر.
أكاذيب سرعان ما نفت صحتها وزارة الخارجية الإماراتية، في بيان، دحضت فيه دولة الإمارات، الأحد، المزاعم بشأن انحيازها لأي من أطراف نزاع السودان، مؤكدة أن السلام والحل السياسي أولويتها.
وشددت دولة الإمارات، على أنها "لم تقدم أي أسلحة أو ذخائر لأي من الأطراف المتحاربة في السودان منذ اندلاع النزاع".
ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، يخوض الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" اشتباكات لم تفلح سلسلة هدن متتالية في إيقافها، ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم من المدنيين، وأكثر من 4 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.
تفنيد الأكاذيب
وقالت وزارة الخارجية الإماراتية في بيانها، اليوم الأحد: "نؤكد عدم انحياز بلادنا إلى أي طرف في الصراع في السودان ونسعى إلى إنهاء الصراع وندعو إلى احترام سيادة البلاد".
وأضافت: "دعت بلادنا منذ بداية الصراع في السودان إلى وقف التصعيد ووقف إطلاق النار وبدء الحوار الدبلوماسي"، مستطردة: "دعمنا باستمرار العملية السياسية والجهود المبذولة لتحقيق التوافق الوطني نحو تشكيل الحكومة في السودان".
وتابعت: "ستواصل دولة الإمارات دعم جميع الجهود الهادفة إلى تحقيق الأمن في السودان وتعزيز استقراره وازدهاره إلى أن يتم ضمان وقف إطلاق النار".
وأكد البيان أن "دولة الإمارات تواصل رصد الأوضاع الإنسانية التي يعاني منها الشعب السوداني وانعكاساتها على دول الجوار، و تسعى دولة الإمارات إلى تقديم جميع أشكال الدعم لتخفيف المعاناة الإنسانية".
ما ذكرته الخارجية الإماراتية في بيانها، عن الجهود لدبلوماسية والإنسانية الإماراتية بشأن الأزمة السودانية، حقائق واضحة وضوح الشمس، وشمس الحقيقة لا يمكن بحال من الأحوال أن يحجبها "غربال الأكاذيب".
وهو ما أكد عليه أيضا، الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، في تغريدة عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا)، قال فيها: "اسمع من دولة الإمارات ولا تسمع ما يريد البعض قوله عنها".
وأردف:" تصريح الدولة واضح، لسنا طرفاً في تسليح أي طرف في السودان، وأولوياتنا سياسية وإنسانية منصبة على وقف فوري لإطلاق النار والتهيئة لحل سياسي يؤدي إلى حكومة انتقالية وانتخابات عامة".
حراك دبلوماسي وسياسي
" العين الإخبارية" تعيد في السطور التالية تسليط الضوء مجددا على الجهود الدبلوماسية والإنسانية الإماراتية لإنهاء الأزمة في السودان منذ اندلاعها.
وضمن حراك إماراتي سياسي ودبلوماسي متواصل لم تتوقف جهود دولة الإمارات وقيادتها ودبلوماسيتها على مدار الساعة لبحث جهود وقف التصعيد.
وفور اندلاع الأزمة، سارعت دولة الإمارات بإصدار بيان أعربت فيه عن قلقها من التطورات الحادثة في السودان، ودعت جميع أطراف النزاع في السودان إلى التهدئة وضبط النفس وخفض التصعيد والعمل على إنهاء هذه الأزمة بالحوار.
وأعقب البيان تحركات متواصلة لرأس الدبلوماسية الإماراتية عبر مباحثات هاتفية أجراها الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي مع نظيريه السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله والأمريكي أنتوني بلينكن، أعقبتها مباحثات هاتفية أخرى مع جوزيب بوريل الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بشأن تطورات الأوضاع في السودان وسبل وقف التصعيد.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان دعم دولة الإمارات لكل الجهود التي تقود إلى وقف التصعيد في السودان، وبدء حوار سياسي لحل الأزمة الحالية، مشيرا إلى "أهمية العمل من أجل أن ينعم الشعب السوداني الشقيق بالأمن والاستقرار والازدهار".
أيضا أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات مباحثات هاتفية مع كلا من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وشارل ميشال رئيس المجلس الأوروبي خلال الأيام الأولى من الأزمة تناولت أهمية وقف التصعيد وضمان حماية المدنيين وإعلاء المصلحة العليا للسودان والعودة إلى المسار السياسي.
وتطرقت مباحثات الرئيسين الإماراتي والمصري، في 20 أبريل/نيسان، إلى الجهود الحثيثة التي يبذلها البلدان لتهدئة الأوضاع في السودان ووقف التصعيد والعودة إلى الحوار واستعادة المسار السياسي وذلك في ضوء دعم دولة الإمارات ومصر للشعب السوداني الشقيق في جهوده لتحقيق تطلعاته نحو تعزيز الأمن والاستقرار والتنمية في بلده.
ومع استمرار الأزمة، أجرى الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس دولة الإمارات، في 30 أبريل/نيسان، اتصالاً هاتفياً مع الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، لبحث تطورات الأوضاع على الساحة السودانية.
وأكد الشيخ منصور بن زايد آل نهيان حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات السياسية السلمية الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان الشقيق بما يسهم في تعزيز استقراره وأمنه ويحقق تطلعات شعبه إلى التنمية والرخاء.
وشدد على ضرورة تغليب صوت الحكمة والحوار السلمي وإعلاء مصالح السودان العليا والحفاظ على أمنه واستقراره.
من جانبه، أعرب الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، عن تقديره لمواقف دولة الإمارات الأصيلة تجاه أشقائها في مختلف الظروف، وحرصها على استقرار السودان وأمنه وسلمه، مؤكداً الحرص المتبادل على تعزيز التعاون المشترك لما يخدم مصالح البلدين.
ومع كل حراك كانت تقوم به الدول الشقيقة والصديقة لإنهاء الأزمة، كانت الإمارات في طليعة الدول الداعمة له.
وسبق أن رحبت دولة الإمارات بإعلان السعودية والولايات المتحدة الأمريكية عن توقيع ممثلي القوات المسلحة وقوات الدعم السريع بالسودان في جدة يوم 11 مايو/أيار الماضي على إعلان الالتزام بحماية المدنيين في السودان بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان لتسهيل العمل الإغاثي وتلبية الاحتياجات الطارئة للمدنيين.
كما رحبت دولة الإمارات في 14 يوليو/تموز الماضي بالبيان الختامي الصادر عن “قمة جوار السودان” التي عقدت في القاهرة والذي أكد على أهمية حماية السودان والحفاظ على مقدراته ومنع تفككه، ودعا إلى الاحترام الكامل لسيادة السودان وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية.
وأكدت وزارة الخارجية الإماراتية على موقفها الثابت المتمثل بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار والعمل على إيجاد حل سلمي للأزمة بين الأطراف المعنية، بما يعزز استقرار السودان و يلبّي تطلعات شعبه الشقيق في التنمية والتطور والنماء.
سبق إنساني
وبموازاة جهودها الدبلوماسية التي انطلقت منذ بداية الأزمة، كانت دولة الإمارات حاضرة بل ورائدة في مبادراتها الإنسانية، الهادفة لتخفيف وطأة الأزمة على المدنيين، سواء من أهل السودان أو من الرعايا الأجانب المقيمين بها.
ونجحت دولة الإمارات في بداية الأزمة في إجلاء عدد من مواطنيها ورعايا نحو 19 دولة من السودان، مع منح الأولوية للفئات الأكثر احتياجا من المرضى والأطفال وكبار السن والنساء.
وقامت دولة الإمارات باستضافتهم على أراضيها ووفرت لهم كل الخدمات قبيل نقلهم إلى دولهم.
يأتي هذا في إطار جهود دولة الإمارات الإنسانية والتزامها بتعزيز التعاون والتضامن العالميين، واستمرارا لنهجها الإنساني القائم على توفير الحماية للمدنيين، ومد يد العون للدول في أوقات الحاجة.
وعلى صعيد دعم السودانيين، أعلنت دولة الإمارات في 26 أبريل/نيسان تقديم 50 مليون دولار كمساعدات إماراتية إنسانية طارئة للسودان، في سبق إنساني وجهت دولة الإمارات عبره أنظار العالم إلى ضرورة التركيز على البعد الإنساني للأزمة السودانية لتخفيف وطأة الأزمة على المدنيين، وعززت من خلاله جهودها السياسية المتواصلة لاحتواء الأزمة.
ومطلع شهر مايو/أيار الماضي، أرسلت دولة الإمارات عبر مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، طائرة تحمل على متنها إمدادات غذائية عاجلة إلى مطار أبشي على الحدود السودانية التشادية لتوفير الدعم العاجل للاجئين السودانيين المتضررين من الظروف الحالية التي تشهدها السودان، والتي تسببت في نزوح الآلاف من الأسر، ونقص في المواد الغذائية الأساسية، خاصة للفئات الأكثر احتياجا من المرضى والأطفال وكبار السن والنساء.
ويأتي إرسال الإمدادات انطلاقاً من حرص دولة الإمارات على المشاركة بفاعلية في جهود الإغاثة الدولية في ضوء توجيهات القيادة الإماراتية بتقديم الدعم والمساندة للأشقاء السودانيين، وانسجاماً مع نهج دولة الإمارات حكومة وشعباً في الوقوف إلى جانب دول العالم وشعوبها وقت الحاجة.
وعقب وصول أولى طائرات المساعدات الإماراتية، وجه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بتوفير مساعدات إنسانية إضافية عاجلة للنازحين السودانيين.
ويستفيد من هذا الدعم، الذي يقدم على شكل مواد غذائية ومستلزمات طبية وخيم، من خلال مؤسسة "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية"، الفئات الأكثر تضرراً من النازحين السودانيين.
وضمن أحدث جهود الدعم الإنساني، شهدت منطقة أمدجراس في تشاد قبل نحو أسبوع افتتاح ثاني مكتب تنسيقي للمساعدات الخارجية الإماراتية ببعثات الدولة بالخارج، في إطار جهود دولة الإمارات المتواصلة لدعم الشعب التشادي، وتعزيز الجهود المبذولة لتوفير كل الدعم الإنساني والإغاثي من قبل المؤسسات الإنسانية الإماراتية للاجئين السودانيين في تشاد.
افتتاح المكتب جاء في وقت يواصل الفريق الإنساني الإماراتي المتواجد في تشاد توزيع الطرود الغذائية على اللاجئين السودانيين والمجتمع المحلي في عدد من قرى مدينة أمدجراس التشادية وذلك بالتنسيق مع وزارة الخارجية.
جهود تتواصل لتخفيف معاناة اللاجئين السودانيين بسبب الأوضاع الراهنة التي يمر بها السودان، فيما يواصل المستشفى الميداني الإماراتي في أمدجراس بتشاد جهوده لتخفيف أوجاع المصابين.
وتم إنشاء المستشفى الميداني، تنفيذاً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات بإنشاء مستشفى ميداني في جمهورية تشاد دعماً للاجئين من الأشقاء السودانيين.
وتم افتتاح المستشفى 9 يوليو/تموز الماضي بتعاون مشترك بين 3 مؤسسات إنسانية في دولة الإمارات ممثلة في هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، ومؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية.
ويأتي افتتاح المستشفى في إطار الدعم الإنساني والإغاثي والطبي المقدم من دولة الإمارات للأشقاء السودانيين المتأثرين بالأوضاع الصعبة التي تسبب بها الصراع في السودان منذ مطلع أبريل/نيسان الماضي، ودعماً لجهود تشاد في إطار الاستجابة للتخفيف من آثار الوضع الإنساني الناتج عن توافد أعداد كبيرة من اللاجئين السودانيين بسبب الأوضاع الراهنة في بلدهم.
واستقبل المستشفى منذ افتتاحه 4147 حالة مرضية.
ومنذ بداية الأحداث في السودان سيرت الإمارات جسراً جوياً وبحرياً نقل قرابة 2000 طن من المواد الطبية والغذائية والإغاثية المتنوعة إلى كل من بورتسودان في السودان لدعم المتضررين في الداخل السوداني، وإلى جمهورية تشاد لدعم اللاجئين من الأشقاء السودانيين.
وضمن أحدث جهود المساعدات، أرسلت دولة الإمارات، الجمعة، طائرة مساعدات إلى جمهورية تشاد تحمل على متنها 13 طناً من الإمدادات الغذائية لتوفير الاحتياجات الإنسانية الضرورية للأشقاء السودانيين اللاجئين إلى تشاد وكذلك لدعم المجتمع المحلي، خاصة الفئات الأكثر احتياجا من المرضى والأطفال وكبار السن والنساء.
وصرح سلطان الشامسي، مساعد وزير الخارجية لشؤون التنمية والمنظمات الدولية، بأن إرسال هذه الإمدادات يأتي بتوجيهات القيادة الرشيدة وضمن استجابة دولة الإمارات ومدّها يد العون لإغاثة المدنيين المتضررين في السودان ودعمها الأشقاء السودانيين اللاجئين في دول الجوار وتوفير احتياجاتهم الضرورية، والذي يأتي انسجاماً مع نهج الدولة في الوقوف إلى جانب دول العالم وشعوبها وقت الحاجة.
مبادرات تتواصل تجسّد بها دولة الإمارات روح الأخوة الإنسانية في أسمى معانيها، سيراً على نهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في العطاء ومواصلة أعمال الخير، والتزاماً بنهج القيادة الرشيدة في ترسيخ قيم العطاء والتسامح وخدمة الإنسان.
وسبق أن أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أن دولة الإمارات ستظل رمزاً للعون والنجدة في أوقات الشدة ومصدر إلهام في العمل الإنساني.
وأكد أن دولة الإمارات "لن تدخر جهداً في الوفاء برسالتها الإنسانية والمنطلقة من قيم العطاء وعمل الخير وترسيخ الأخوة الإنسانية والتضامن مع الشعوب خلال مختلف الظروف والتحديات".