عصر الذكاء الاصطناعي.. فرص غير مسبوقة ومخاطر تهدد البشرية والاقتصاد
يمثل الذكاء الاصطناعي تحولا غير مسبوق في تاريخ التكنولوجيا، إذ لم يعد مجرد أداة لتعزيز القدرات البشرية، بل أصبح منافسا في إنتاج المعرفة وتطبيقها.
تمنحه هذه النقلة النوعية قدرة واسعة على إعادة تشكيل الهوية الإنسانية والهياكل الاقتصادية والاجتماعية، ما يستدعي تبني رؤية عالمية شاملة لإدارته تتجاوز الثنائية التقليدية بين «الفعالية مقابل الأمان.
وقالت صحيفة "تشاينا ديلي" في تحليل نشرته، إن الجدل العام يتركز غالبًا حول مفهوم «الذكاء الاصطناعي العام» الذي يفترض قدرة الآلات على الوصول إلى مستوى إدراكي يماثل البشر.
ومع ذلك، يظل هذا المفهوم ملتبسًا ومبالغًا فيه، لأنه يتجاهل عنصرًا محوريًا في الذكاء البشري: الاستقلالية. فالتفوق في مهام محددة لا يعني بالضرورة إعادة إنتاج المرونة المعرفية أو القدرة على اتخاذ القرار في بيئات معقدة. وتجربة المركبات ذاتية القيادة تكشف الفجوة الكبيرة بين أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية والأنظمة المستقلة القادرة على إدارة شبكات الطاقة أو المصانع أو المدن الذكية.
وتواجه هذه الرؤية عقبات تقنية كبيرة، أبرزها محدودية قدرة الأنظمة الحالية على تقديم ضمانات موثوقية عالية. فهي تعمل في شكل «صناديق سوداء» يصعب تفسير آليات اتخاذ القرار داخلها، ما يجعل اعتمادها في القطاعات الحرجة محفوفًا بالمخاطر وغير قابل للتطبيق عبر آليات الاعتماد التقليدية.
كما أن النزعة المتزايدة لتصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي لمحاكاة البشر تفرض متطلبات معرفية وأخلاقية معقدة لا تزال غير مفهومة بالكامل.
فاجتياز الاختبارات المهنية، مثل الامتحانات الطبية أو القانونية، لا يعني امتلاك الأنظمة الذكية للفهم أو المسؤولية البشرية المماثلة. وهذا يبرز الحاجة الملحّة لتطوير ذكاء جمعي مسؤول قادر على احترام القواعد الاجتماعية والمعايير الأخلاقية.
وتنقسم مخاطر الذكاء الاصطناعي إلى ثلاثة مستويات:
المخاطر التقنية: الناتجة عن محدودية الشفافية وصعوبة التنبؤ، والتي تتعارض مع معايير الأمان التقليدية.
المخاطر البشرية: الناتجة عن سوء الاستخدام أو المبالغة في الاعتماد على الأنظمة، كما في حالات الارتباك أو فقدان المهارات عند استخدام أنظمة مساعدة السائق، إضافة إلى ضعف حوكمة الشركات التي تقدم التوسع التجاري على حساب الأمان، مما يعمق هذه المخاطر.
المخاطر النظامية: التي تطال البنى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتشمل احتكار التكنولوجيا، وفقدان الوظائف، والأثر البيئي، وانحسار التفكير النقدي نتيجة «تفويض التفكير» للآلات.
ولمواجهة هذه التحديات، يدعو الباحثون إلى تبني رؤية إنسانية شاملة للذكاء الاصطناعي، تقوم على تقييم واقعي لقدراته وحدوده، وتشجيع البحث الدولي المشترك، ورفض ثقافة «التحرك السريع وكسر القواعد».
وترى الصين أن لديها قاعدة صناعية صلبة تسمح لها بلعب دور مركزي في صياغة هذه الرؤية، عبر تطوير معايير دولية وإطار تنظيمي يعزز الاستخدام الآمن والمسؤول للذكاء الاصطناعي.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTAg جزيرة ام اند امز