كشف تاريخي صادم.. البشر في أوروبا كانوا يأكلون بعضهم

كشفت دراسة جديدة عن دلائل قوية تكشف عن ممارسة أكل لحوم البشر في مجتمعات العصر الماجداليني قبل نحو 18,000 عام في أوروبا.

تم العثور على هذه الأدلة في كهف "مازيشا" في بولندا، وهو موقع تاريخي يحتوي على أدوات حجرية وعظام بشرية وحيوانية، حيث قام فريق دولي من الباحثين بإعادة فحص العظام البشرية باستخدام تقنيات حديثة للكشف عن علامات تدل على أن هذه العظام قد تم استهلاكها.

تُعتبر هذه الدراسة الجديدة إضافة هامة إلى الأبحاث السابقة التي تناولت الموضوع، حيث كانت الدراسات القديمة قد نفت وجود أدلة على أكل لحوم البشر في هذا الموقع بناءً على عدم وجود علامات أسنان أو تعديلات ثقافية على الجمجمة. إلا أن التقنيات الحديثة، مثل الميكروسكوب ثلاثي الأبعاد، ساعدت الباحثين في اكتشاف علامات قطع وكسور واضحة على العظام، والتي تشير إلى استخدام العظام البشرية في تحضير الطعام، بما في ذلك إزالة العضلات والدماغ والنخاع.

ويعتبر الباحثون أن هذه الممارسات قد تكون مرتبطة بممارسات جنائزية أو طقوسية، حيث كان يتم استهلاك لحم الموتى لأسباب تتعلق بالنجاة أو ربما كجزء من دين أو طقوس اجتماعية. ووفقًا للباحث الرئيسي في الدراسة، فرانسيسك مارغينيداس، فإن وجود هذه العلامات يثبت أن هذه العظام لم تكن مجرد بقايا للدفن، بل كانت قد خضعت لعملية استغلال غذائي.

تتضمن الأدلة أيضًا على إزالة فروة الرأس من الجمجمة وكسور في العظام تشير إلى محاولات لاستخراج الدماغ، وهي مصدر غني بالعناصر الغذائية. كما تمت ملاحظة كسور دقيقة في عظام الذراع والفخذ للوصول إلى النخاع الذي كان يوفر الدهون والسعرات الحرارية. تشير هذه الاكتشافات إلى أن هذه الممارسات كانت جزءًا من استراتيجية غذائية تهدف إلى الاستفادة من الموارد المتاحة بعد الوفاة مباشرة لتجنب تحلل الجثث.

من خلال هذه الاكتشافات، يمكن للباحثين الآن التأكيد على أن أكل لحوم البشر لم يكن مجرد حادثة نادرة، بل كان جزءًا من الثقافة المجتمعية لشعوب العصر الماجداليني، ربما نتيجة لصراعات بين المجموعات أو لتزايد عدد السكان بعد نهاية العصر الجليدي الأخير، مما أدى إلى منافسة شديدة على الموارد.