«تحالف الفوضي».. هل ينجح في إنقاذ المحافظين بالانتخابات البريطانية؟
في الوقت الذي يواجه فيه حزب المحافظين تراجعا حادا في استطلاعات الرأي حاول رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك التقليل من النتائج الكارثية التي حققها حزبه في الانتخابات المحلية.
سوناك اعتبر أن هذه النتائج تثبت أن البلاد في طريقها نحو برلمان معلق و"تحالف الفوضى" بقيادة حزب العمال المعارض.
واستغل سوناك استطلاع رأي أجراه خبيرا الانتخابات كولن رالينغز ومايكل ثراشر، والذي يشير إلى أنه في حال تكررت نتائج الانتخابات المحلية في الانتخابات العامة، فإن حزب العمال لن يحصل على مقاعد كافية للفوز بأغلبية.
لكن المشكلة هي أن قراءة الانتخابات المحلية لاستشراف الانتخابات العامة أمر صعب للغاية، بسبب بعض نقاط الاختلاف الرئيسية بينهما والتي يجب أخذها في الاعتبار في أي توقعات و ذلك وفقا لما ذكرته صحيفة "الغارديان" البريطانية.
ويشكك العديد من خبراء الانتخابات في جدوى استقراء نتيجة الانتخابات العامة من الانتخابات المحلية، حيث تختلف الأماكن التي تصوت في عام واحد سياسيًا عن تلك التي تصوت في الانتخابات المحلية التي جرت هذا العام بشكل غير متناسب في المناطق الحضرية خارج لندن.
ولم يصوت في الانتخابات المحلية الأخيرة حوالي نصف الناخبين الذين سيصوتون في الانتخابات العامة لم يصوتوا في المناطق المحلية وبالتالي يصبح من الصعب معرفة الاتجاه التصويتي لهؤلاء الناخبين مما يعني أن استطلاعات الرأي التي تظهر تقدم حزب العمال بـ 20 نقطة، هي أفضل مؤشر لنتائج الانتخابات العامة.
وتشير كل الأدلة إلى أن الاختلاف في تصويت البريطانيين بين الانتخابات المحلية والعامة، وبينما يحقق مرشحو الأحزاب الصغيرة والمستقلون نتائج جيدة في السباقات المحلية، نادرا ما يحققون نفس النجاح على مستوى البرلمان.
وفي الانتخابات المحلية الأخيرة صوت حوالي 23% من الناخبين لصالح مرشحين من أحزاب أخرى غير العمال والمحافظين والديمقراطيين الليبراليين.
ويحقق الديمقراطيون الليبراليون نتائج كبيرة في الانتخابات المحلية حيث حصلوا هذه المرة على 16% من إجمالي الأصوات وهو ما يتجاوز أداءهم في استطلاعات الرأي الوطنية.
كما أُجريت الانتخابات المحلية في إنجلترا وويلز فقط، لذا افترض تحليل رالينغز وثراشر أنه لن يكون هناك أي تغيير في النتائج في اسكتلندا.
وتزايدت حظوظ حزب العمال في اسكتلندا وسط الاضطرابات في الحزب الوطني الاسكتلندي ومن المتوقع أن يفوز في الانتخابات العامة بجزء أكبر من المقاعد الاسكتلندية المتاحة البالغ عددها 59 مقعدا. .
وكانت الانتخابات الفرعية في بلاكبول ساوث، وهي المنافسة البرلمانية الوحيدة الأسبوع الماضي حيث استعاد حزب العمال المقعد لتصبح المرة الخامسة خلال عام التي يخسر فيها المحافظون انتخابات برلمانية فرعية.
وبالنسبة لحزب العمال، كان اهتمام السكان المحليين بالمكان الذي فازوا فيه بالأصوات بقدر ما يتعلق بعدد الأصوات التي فازوا بها وكان الاختبار الرئيسي هو كيفية أدائهم في مناطق المعركة التي تشهد منافسة كبيرة.
وتتمثل استراتيجية العمال في تركيز الموارد على الهامش، بدلاً من محاولة تعزيز نسبة الإقبال في أجزاء من البلاد يتمتع فيها بأغلبية كبيرة كما يخطط الحزب العمال لاستهداف جنوب إنجلترا بشكل مكثف في الانتخابات العامة.
وفيما يتعلق بحزب إصلاح المملكة المتحدة فإن تأثيره في الانتخابات العامة قد يكون أكبر من الانتخابات المحلية حيث تعهد زعيم الحزب، ريتشارد تايس، بتقديم مرشح في كل دائرة انتخابية.
وفي الدوائر التي كان تنافس فيها الحزب الشعبوي اليميني، انخفض التصويت للمحافظين بمقدار 19 نقطة، مما يشير إلى أن معظم أصواته في الانتخابات العامة ستأخذ من حصة المحافظين.
ويحاول ريشي سوناك استخدام استراتيجية "تحالف الفوضى"، التي تعد من أنجح الاستراتيجيات السياسية للمحافظين في العقد الماضي، والتي ساعدتهم على تحقيق أغلبية مفاجئة في انتخابات 2015.
في ذلك الوقت، حذر المحافظون بلا هوادة من أن حزب العمال قد يعقد صفقة مع الحزب الوطني الاسكتلندي للوصول إلى السلطة.
وفي ذلك الوقت، كانت استطلاعات الرأي تشير إلى برلمان معلق لكن نظرية "تحالف الفوضى" نجحت في جذب الناخبين الذين دعموا في السابق الديمقراطيين الليبراليين.
لكن الفوضى السياسية في عهد المحافظين منذ ذلك الوقت تطرح التساؤلات حول النجاح المحتمل لهذه الاستراتيجية مجددا.