حسين عبدالرسول.. مصر ترد الاعتبار لصاحب «أعظم اكتشاف في التاريخ»
في لحظة تاريخية مهيبة، وخلال احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير، عاد اسم الطفل المصري حسين عبدالرسول ليُذكر أمام العالم أجمع، بوصفه المكتشف الحقيقي لمقبرة الملك توت عنخ آمون، أحد أعظم الاكتشافات الأثرية في تاريخ الإنسانية.
الحدث لم يكن مجرد احتفال بافتتاح متحف أو تدشين عرض ضخم، بل كان استعادة لحق تاريخي عمره 103 سنوات، حين نُسب الفضل في هذا الاكتشاف للبريطاني هوارد كارتر.
قصة بدأت من صدى جرة ماء

في العام 1922، وبين الرمال الساخنة لوادي الملوك في الأقصر، كان حسين عبدالرسول، طفل مصري بسيط من عائلة تعمل في التنقيب الأثري، يؤدي عمله اليومي مع البعثة البريطانية بقيادة هوارد كارتر.
لم يكن يحمل سوى جرة ماء فخارية، يسقي بها العمال وسط حرارة الصعيد اللاهبة، لكن القدر كان يخبئ له ما يتجاوز كل التوقعات، حين وقعت الجرة من يده على الأرض، أصدر ارتطامها صوتًا غريبًا، كأن هناك فراغًا تحت الرمال.
توقف حسين، وأدرك بحدسه الريفي أن شيئًا مريبًا يوجد أسفل الموقع. بدأ يحفر بيديه الصغيرتين، ليجد أعلى درجات سُلَّم حجري يؤدي إلى أعماق الأرض، وكانت تلك أولى الخطوات نحو اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون، المقبرة التي ستُدهش العالم بجمالها وكنوزها وعبقها التاريخي.
اللقطة التي سُرقت
بعد أن أبلغ حسين المشرف الإنجليزي بما وجده، جاء هوارد كارتر بنفسه إلى الموقع، وطلب وقف العمل مؤقتًا حتى حضور اللورد كارنارفون، الممول البريطاني للحفريات.
وفي اليوم التالي، وقف كارتر أمام المدخل وقال جملته الشهيرة حين أطلّ من الفتحة المظلمة ورأى اللمعان الذهبي: "Yes, wonderful things” — “نعم.. أشياء مدهشة".
ومنذ تلك اللحظة، ارتبط اسم كارتر بالاكتشاف، وتحوّل إلى رمز عالمي للنجاح في علم الآثار، بينما اختفى اسم حسين عبدالرسول إلا من ذاكرة أهل الأقصر الذين ظلوا يتوارثون القصة جيلاً بعد جيل.
التاريخ يُصحَّح بعد قرن
مرت أكثر من مئة عام قبل أن تُعلن مصر رسميًا، في حفل افتتاح المتحف الكبير عام 2025، أن الفضل في اكتشاف المقبرة يعود للطفل المصري حسين عبدالرسول، وأنه صاحب اللحظة الفارقة التي غيّرت تاريخ علم المصريات.
مقبرة توت عنخ آمون.. كنز من ذهب ودهشة
مقبرة توت عنخ آمون ليست مجرد قبر ملك، بل تحفة معمارية فريدة بقيت في حالة شبه كاملة منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام. عُثر فيها على أكثر من 5000 قطعة أثرية، بينها التابوت الذهبي الشهير، وقناع الدفن المصنوع من الذهب الخالص المرصع بالأحجار الكريمة، وعجلات حربية، وتماثيل، وأدوات حياة يومية للملك الصغير الذي رحل في سن التاسعة عشرة.
دهشة العالم وقتها لم تكن فقط في الثراء المادي للكنوز، بل في حفاظ المقبرة على أسرارها قرونًا طويلة دون أن تمسّها يد. وكشفت المقبرة عن جوانب مذهلة في الفن المصري القديم، ودلت على مدى تقدم الحضارة في مجالات النحت والذهب والنقش والعقيدة الجنائزية.
من الأقصر إلى المتحف الكبير
الاحتفال الأخير بالمتحف المصري الكبير كان بمثابة عودة الروح لتاريخ مصر القديم، فالعرض الضوئي والموسيقى المصاحبة لاستعراض الفنانة شيريهان قدّما تحية فنية راقية للحضارة المصرية، بينما كانت القاعة المخصصة لعرض مقتنيات توت عنخ آمون محور الانبهار العالمي.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTYxIA== جزيرة ام اند امز