"هذا البحر لي".. قلنديا الدولي يروي حكايات فلسطين
معرض "قلنديا الدولي" اختار أن يكون البحر والعودة اللذان يحتلان جزءا كبيرا من وجدان الفلسطينيين محور حواراته
اختار معرض "قلنديا الدولي" أن يكون البحر والعودة اللذان يحتلان جزءا كبيرا من وجدان الفلسطينيين محور حواراته ورسائله الثقافية في نسخته الثالثة وافتتح في الوقت عينه بدءا من مساء يوم الأربعاء حجراته الموزعة على أكثر من عاصمة عربية وأجنبية لتطرح إشكاليات وأسئلة وتحديات بدأت قبل عقود وما زالت تهيمن على المنطقة.
وتشارك في المعرض هذا العام 16 مؤسسة من داخل وخارج فلسطين بينها "دار النمر" للثقافة والفنون لتعرض تحت شعار "هذا البحر لي" جوانب من ماضي وحاضر فلسطين في كل من بيروت وحيفا وغزة وعمان ولندن والقدس ورام الله وبيت لحم.
وعن الحجرة اللبنانية من المعرض تقول رشا صلاح المديرة التنفيذية لدار النمر: "أردنا تناول العودة خارج إطار الاستهلاك السياسي الذي باتت تتضمنه هذه الكلمة، وحاولنا التعاطي مع موضوع العودة من ناحية ثقافية فنية بعيدا عن الكليشيهات التي لم توصلنا إلى أي مكان حتى الآن."
وتقدم "دار النمر" رؤيتها ضمن معرض قلنديا الدولي تحت عنوان "هذا البحر لي" وأوضحت صلاح لرويترز عن سبب اختيار هذا المغزى بالقول "نحن في لبنان انطلق عملنا من البحر المليء برواياتنا وحكاياتنا منذ 1948 وشتاتنا من فلسطين عندما أتينا من يافا وحيفا وعكا بالبواخر والقوارب."
وأضافت: "البحر كل عمره يأخذ اللاجئين إلى أماكن أبعد وهو الذي خرجت عبره منظمة التحرير من لبنان وتفرق فيه الأرشيف الفلسطيني والوثائق التي تؤرخ الرواية الفلسطينية للقضية، ولهذا لم نكن نقدر إلا أن نكون جزءا من هذا المحفل وركزنا بموضوعاتنا على فنانين قادرين على التعاطي مع موضوع العودة من خارج الكليشيهات."
وتضيف صلاح لرويترز: "هذا المعرض هو من جهة أشبه بعربون شكر لأبناء لبنان لاستقبالهم الدائم للناشطين السياسيين الفلسطينيين تماما كاستقبالهم اللاجئين، وفي الوقت عينه هو أشبه بإعادة اعتبار للفلسطينيين.. البحر مرتبط بتاريخنا".
تأسس "قلنديا الدولي" عام 2012 من قبل خمس جمعيات تعنى بالثقافة والفنون وهو يسعى "إلى جعل فلسطين وجهة للمهتمين بالثقافة والفنون البصرية حول العالم وإلى فتح أبواب جديدة للتواصل والتفاعل والحوار."
وينظم بينالي "قلنديا الدولي 2016" كل عامين، ويقام في الوقت ذاته في الأراضي الفلسطينية معرض في كل من حيفا وغزة.
يحمل في حيفا عنوان "أهل البحر" وهو من تنظيم جمعية الثقافة العربية ويقام في المركز الثقافي العربي. وفي غزة يحمل أيضا عنوان "هذا البحر لي"، وهو من تنظيم مجموعتي "التقاء" و"شبابيك" للفن المعاصر.
وفي العاصمة الأردنية عمّان يحمل نفس العنوان وهو من تنظيم دارة الفنون – مؤسسة خالد شومان، أما في العاصمة البريطانية لندن يحمل اسم "لحظات للاحتمالات: الهواء والأرض والبحر" وهو من تنظيم "احتمالات مكانية".
وابتداء من 6 أكتوبر تشرين الأول ينطلق "قلنديا الدولي" في القدس ورام الله وبيت لحم.
وفي بيروت ركّز رامي النمر مالك دار النمر وأحد أهم الشخصيات الاقتصادية والراعية لجهود الحفاظ على الأرشيف والتراث الفلسطينيين على أهمية مهرجان قلنديا كأول منتدى ثقافي فني في فلسطين يرعى "الإنجاز المتمثل في تحقيق التواصل بين المجتمع الفلسطيني الموجود في الخارج قسرا والمجتمع في الداخل عبر أعمال مشتركة".
وقال النمر: "بالنسبة لنا حق العودة مقدس وبالنسبة لنا إعادة جمع الأرشيف وتكوينه هو جزء من هويتنا واستمرارنا كمجتمع وشعب له تاريخ وجغرافيا وفن وثقافة."
ويشمل "بحر من حكايات" لوحة تشكيلية تحمل عنوان "الموجة" التي صنعها الفنان الفلسطيني عبد الرحمن قطناني من سكان مخيم صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين من الأسلاك الشائكة وتمثل وفق كلماته "الصراع مع الحدود الداخلية والخارجية ومع الموت".
كما عملت مجموعة فن الديكتافون في المعرض على علاقة المدن العربية بالبحر وشواطئها.
وورد في النشرة المرفقة للبينالي أن هذا البينالي الدولي يهدف "إلى حشد الطاقات والإمكانات في مواجهة محدودية الموارد والأسئلة والتحديات الكثيرة التي يفرضها الواقع بجغرافيته المفككة والمقيدة وذلك من خلال العمل مع عشرات المبدعين من قيمي معارض وفنانين ومثقفين وأكاديميين ودعوتهم للبحث والإنتاج والحوار وخلق مساحات للتفاعل ما بين الفن والمجتمع والحياة".
كما يسعى قلنديا الدولي "إلى جعل فلسطين وجهة للمهتمين بالثقافة والفنون البصرية حول العالم وإلى فتح أبواب جديدة للتواصل والتفاعل والحوار، وتشمل فعالياته تقديم العديد من المعارض لإنتاجات بصرية جديدة ومتنوعة إضافة إلى عروض أداء ومحاضرات وحلقات نقاش وجولات ميدانية وإطلاق كتب وسواها".
في النشرة أيضا "بالنسبة للفلسطينيين في لبنان تقع فلسطين على الطرف الجنوبي من الشواطئ التي نسكنها. وليس من قبيل الصدفة أن الغالبية العظمى من المخيمات والتجمعات الفلسطينية تكمن في المدن الساحلية ويقع بعضها مباشرة على الشاطئ، إن البحر الأبيض المتوسط هو الموقع الذي يشهد على رحلات النزوح هذه وكذلك على الطرق المحتملة للعودة، بالنسبة لنصف مليون فلسطيني في لبنان بدأت كافة هذه الطرق في فلسطين ولكنها لم تؤد دوما إلى العودة إليها".
"فكانت سفن منظمة التحرير الفلسطينية موانئ بيروت عام 1982 لحظة مفصلية في ذاكرة وخيال الفلسطينيين وهي صورة حفرت في ذاكرتنا الجماعية في كل مكان، في السنوات الأخيرة كانت الطرق البحرية تستخدم للهجرة بدلا من العودة وبذلك يبعد الفلسطينيون أكثر وأكثر عن موطنهم".