«إيان بيردي».. منقذ «Paladin Energy» وصانع نهضتها في عالم اليورانيوم

في عالم التعدين والطاقة، نادرا ما تتصدر أسماء الأفراد عناوين الأخبار أو تُلهم الأجيال المقبلة، لكن إيان بيردي، رائد الأعمال الأسترالي، كسر هذه القاعدة بإنجازاته الفريدة.
فقد أصبح اسمه مرادفًا للقيادة الحاسمة والإصرار على النجاح في أحد أصعب القطاعات وأكثرها تقلبًا. برز بيردي كقائد استثنائي لشركة بالادين للطاقة، وتمكن من الحفاظ على استمراريتها في فترة عصيبة للغاية.
ففي فبراير/شباط 2020، تولى منصب الرئيس التنفيذي في وقت كانت فيه الشركة على وشك الانهيار، إذ توقّف منجم لانجر هاينريش لليورانيوم في ناميبيا، وهو المشروع الرئيسي للشركة، عن العمل.
كان مستقبل "بالادين" مرهونًا بعملية إعادة تشغيل هذا المنجم، ما جعل المهمة تحديًا مصيريًا لبيردي.
البدايات والخلفية المهنية
بدأ بيردي مسيرته بطريقة تقليدية في مجال المالية، حيث حصل على شهادة في التجارة ومؤهل محاسب قانوني، ما منحه فهمًا عميقًا للأرقام والإدارة المالية. لاحقًا، عُيّن زميلًا في المعهد الأسترالي لمديري الشركات، في خطوة أكدت مكانته كقائد أعمال.
على مدار أكثر من 30 عامًا، عمل في كبرى شركات الموارد داخل أستراليا وخارجها، متنقّلًا من الأدوار المالية إلى المناصب القيادية ذات القرارات المصيرية. وخلال مسيرته في شركات مثل LionOre Australia وNorth Limited وWMC Limited، تعلم أن صناعة التعدين مليئة بالتقلبات والتحديات غير المتوقعة.
قبل قيادته لشركة بالادين، خاض بيردي تجارب قيادية صعبة. ففي Quadrant Energy، شغل منصب المدير المالي وساهم في تحويل الشركة من قسم تابع لمؤسسة متعددة الجنسيات إلى شركة أسترالية مستقلة، قبل بيعها لاحقًا في صفقة ناجحة.
كما تولى منصب الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة Mirabela Nickel في فترة انتقالية حساسة من البناء إلى الإنتاج، حيث واجه التكاليف الباهظة والمخاطر العالية. قاد أيضًا عملية إعادة تمويل الشركة بنجاح، ضامنًا استمرارها. وخلال فترة عمله مديرًا عامًا لشركة نوريلسك نيكل أستراليا، عزّز خبراته في الإدارة الاستراتيجية وحل الأزمات.
التحدي الأكبر
في عام 2020، بدأ بيردي أصعب فصول مسيرته بتوليه قيادة "بالادين للطاقة". كانت إعادة تشغيل منجم لانجر هاينريش ضرورة وجودية، خاصة مع تصاعد الجدل العالمي حول الطاقة النووية كحل لمكافحة تغير المناخ. أدرك بيردي أن هذه الفرصة قد تجعل "بالادين" موردًا رئيسيًا في قطاع الطاقة العالمي.
في عهد بيردي، أبرمت الشركة صفقة بارزة بالاستحواذ على شركة Fission Uranium الكندية، المالكة لمشروع باترسون ليك ساوث، أحد أغنى رواسب اليورانيوم في العالم. بلغت قيمة الصفقة 1.14 مليار دولار كندي، ووصفت بأنها "تحويلية"، إذ منحت "بالادين" موطئ قدم خارج إفريقيا، وعززت مكانتها كشركة عالمية متعددة الجنسيات.
واجهت الصفقة عقبات سياسية وأمنية معقدة في كندا، لكن بيردي تعامل معها بصبر واستراتيجية دقيقة حتى حصل على الموافقة، ما عُدّ إنجازًا كبيرًا.
انتكاسات مؤلمة
رغم النجاحات، واجهت إعادة تشغيل منجم لانجر هاينريش تحديات، منها نقص المياه وانخفاض جودة الخامات عن التقديرات. اضطرّت الشركة لتخفيض توقعات الإنتاج من 4-4.5 مليون رطل إلى 3-3.6 مليون رطل من اليورانيوم، ما أدى إلى تراجع سعر السهم وخسارة نحو 800 مليون دولار أسترالي من القيمة السوقية.
ورغم ذلك، أظهر بيردي قيادة استثنائية، فواجه الموقف بشفافية، وطمأن المستثمرين، وظلّ مركزًا على استكمال إعادة التشغيل بنجاح.
في عام 2025، وبعد خمس سنوات مليئة بالتحديات، أعلن بيردي تقاعده. وأكدت الشركة أن بول هيمبورو، الرئيس التنفيذي للعمليات منذ 2023، سيتسلم المنصب اعتبارًا من سبتمبر/أيلول 2025، مع استمرار بيردي حتى ديسمبر/كانون الأول لتسهيل الانتقال.
أعرب بيردي عند استقالته عن فخره بتحويل "بالادين" إلى منتج عالمي لليورانيوم جاهز لتوفير إمدادات موثوقة للطاقة حول العالم، مشيرًا إلى أن الرحلة، رغم صعوبتها، كانت إنجازًا تاريخيًا.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTg2IA==
جزيرة ام اند امز