"ابن خلدون".. دار خلّدها التاريخ
لا يزال منزل العلامة التونسي عبدالرحمن بن خلدون شاهدا على عظمة علمه ومجده وتاريخه الفذ في صياغة كتب أصبحت مرجعاً اليوم في علم الاجتماع.
ابن خلدون، هو مؤسس علم الاجتماع وعلم العمران البشري، ومن أشهر كتبه "مقدمة ابن خلدون" وكتاب "العبر وديوان المبتدأ والخبر في معرفة أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر".
في المدينة العتيقة وتحديداً في نهج "تربة الباي" القريب من جامع الزيتونة المعمور، يقع منزل العلامة ابن خلدون.
هذا المنزل الذي بني في القرن الثامن هجرياً، الرابع عشر ميلادياً، ولد فيه ابن خلدون وترعرع ودرس بجواره في "الكتّاب" حيث تعلّم القرآن والعلوم الدينية.
المنزل يتكوّن من طابقين ويغلب عليه الطابع المعماري العربي والإسلامي والأندلسي من حيث النقوش والزخرفة.
في مدخل المنزل تعترض الزائر سقيفة أولى مبنية أعمدتها من الرخام المستورد من إيطاليا.
هذه السقيفة تؤدي مباشرة عبر درج طويل إلى الطابق العلوي لتجد سقيفتين أخريين كما هو حال المنازل التقليدية في المدينة العتيقة بتونس لمنع أعين الزائرين أو الضيوف أو الجيران من مراقبة جميع أهل المنزل وخاصة النساء منهم ومن ثمة الوصول إلى فناء كبير يتوسط المنزل.
جمالية كبيرة في الطراز المعماري لهذا الفناء المكسو بالخزف على شكل لوحات فنيّة حائطيّة ورخام أبيض يكسو الأعمدة لتجد في زوايا هذا الفناء ثماني غرف بأبواب خشبية خضراء وتفتح جميع نوافذها في الفناء.
في وسط الفناء الشاسع يوجد مكان لتجميع ماء المطر من أجل الاستعمال في التنظيف وبجانبه شجرة تغطي هذا المكان.
كنز معماري ما زال شاهداً على العصر منذ عهد الدولة الحفصية (1207-1574) حيث كانت الزخارف والنقوش حكراً على الأثرياء، إذ كان ابن خلدون ينتمي إلى عائلة ميسورة الحال قدمت من بلاد الأندلس.
وقال أستاذ التاريخ عبد القادر السليني إن ابن خلدون ولد في تونس عام 1332 (732 للهجرة) بالدار الكائنة بنهج تربة الباي رقم 34.
وأضاف السليني لـ"العين الإخبارية" إن ابن خلدون ينتمي لأسرة علم وأدب وشغل أجداده في الأندلس مناصب سياسية ودينية مهمة وكانوا أهل جاه ونفوذ.
وتابع: "حفّظه والده القرآن في طفولته لكن في سن السابعة عشر انتشر وباء الطاعون في البلاد فتوفي والديه متأثرين به لينطلق بعدها في مسيرته العلمية والسياسية".
ونزح أهل ابن خلدون من الأندلس في منتصف القرن السابع الهجري، وتوجهوا إلى تونس، وكان قدوم عائلته إلى تونس خلال حكم دولة الحفصيين.
ولد في تونس وشبَّ وترعرع فيها وتخرّج من جامعة الزيتونة، توليَ الكتابة والوساطة بين الملوك في بلاد المغرب والأندلس ثم انتقل إلى مصر حيث قلّده السلطان برقوق قضاء المالكية، ثم استقال من منصبه وانقطع إلى التدريس والتصنيف فكانت مصنفاته من مصادر الفكر العالمي.
والأربعاء، أعطت وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط إشارة انطلاق تهيئة دار عبد الرحمن ابن خلدون بالمدينة العتيقة بتونس وترميمها وفق مقاييس ترميم وصيانة المعالم الأثرية قصد تحويلها إلى متحف يعنى بالعلاّمة الكبير ابن خلدون وبشخصيّته وبتاريخه الفكري الثريّ والقيّم.
وأعلنت الوزارة في بيان لها أنّه سيتم نقل الأرشيف المحفوظ بدار العلامة ابن خلدون إلى دار الكتب الوطنية بداية من يوم الإثنين 13 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وسيتمّ نقل موظّفي وأعوان مصلحتي الأرشيف والخرائط الأثرية التابعتين للمعهد الوطني للتراث إلى فضاء بديل تتوفّر فيه ظروف العمل الملائمة، وفق ما جاء في بيان الوزارة.
aXA6IDMuMTQ5LjI1MC4xOSA= جزيرة ام اند امز