في منتدى دافوس.. السياحة الإماراتية تجربة فريدة على خطى الاستدامة
كشف عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد الإماراتي، إن السياحة الإماراتية حققت مجموعة من المؤشرات والنتائج القياسية خلال عام 2023.
وأضاف بن طوق، الذي يرأس مجلس الإمارات للسياحة والمجلس الاستشاري للضيافة، أن هذه المؤشرات أكدت التعافي التام من الجائحة والعودة بمستويات نمو أعلى من عام 2019، حيث حقق قطاع السياحة نمواً بنسبة 26% في 2023 مقارنةً بعام 2022، متخطياً مستويات عام 2019 بنسبة 14%، ليصل مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للدولة نحو 220 مليار درهم ما يعادل 11.7% من إجمالي الناتج المحلي للدولة.
جاء ذلك خلال مشاركته في إحدى جلسات منتدى الاقتصاد العالمي، التي ناقشت مجموعة من المحاور الخاصة بمستقبل التنمية السياحية المستدامة، وكيفية الاستفادة من ممكنات السياحة كمحرك رئيسي في تعزيز النمو الاقتصادي المرن، و
يرأس بن طوق وفد دولة الإمارات المشارك في المنتدى، الذي يعقد بعاصمة المملكة العربية السعودية الرياض، ويقام تحت شعار "التعاون الدولي والنمو والطاقة من أجل التنمية" يومي 28 و29 أبريل/نيسان الحالي، ويضم الوفد، عبدالله أحمد آل صالح، وكيل وزارة الاقتصاد.
مساهمة السياحة في الاقتصاد
وأشار إلى أنه من المتوقع ارتفاع مساهمة قطاع السياحة في الاقتصاد الوطني عام 2024 إلى 236 مليار درهم، ما يعادل 12% من إجمالي الناتج المحلي للدولة، وفقاً لتقرير حديث صادر عن "المجلس العالمي للسفر والسياحة".
وذكر أن هذا القطاع الحيوي ساهم في توفير 809 آلاف فرصة عمل في مختلف الأنشطة والمجالات السياحية بالدولة خلال العام 2023، أي ما يعادل 12.3% من إجمالي سوق العمل، وبنسبة نمو 5% مقارنةً بالعام 2022، ومتخطياً مستويات عام 2019 بنسبة نمو 11.4%، ومن المتوقع أن تصل عدد الوظائف التي سيتم توفيرها إلى 833 ألف وظيفة عام 2024، كما يوجد في الدولة حالياً 1235 فندقاً يوفر 210 آلاف غرفة للضيوف والزوار.
وأكد أن السياحة تمثل مرتكزاً رئيسياً لتعزيز نمو الاقتصاد العالمي، وهي المحرك الحيوي للمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، وذلك نظراً لأهميتها وشموليتها في تحقيق التنمية المستدامة للدول، وذلك من خلال زيادة الإيرادات، وجذب الاستثمارات، وتوفير فرص العمل والوظائف، وإقامة المشاريع السياحية المتنوعة، وتطوير البنية التحتية للنقل والمواصلات.
وأشار إلى أن القطاع السياحي يخلق سوقاً للعمل لمختلف الشرائح العمرية ويقلل من معدلات البطالة، كونه يوفر مجموعة واسعة من الخدمات والمنتجات مثل الفنادق والمنتجعات السياحية ووسائل النقل والأنشطة الترفيهية والتسوق، كما أن هذا القطاع الحيوي من المرجح أن تزيد مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 15.5 تريليون دولار بحلول عام 2033 لتمثل 11.6% من الاقتصاد العالمي، وسيوظف حوالي 430 مليون شخص حول العالم، يمثلون نحو 12% من إجمالي القوى العاملة في العالم، وذلك وفقاً لتوقعات "المجلس العالمي للسفر والسياحة.
تحقيق الاستدامة
وتابع خلال مشاركته في الجلسة، أن الاستدامة تعد من أهم العوامل لتعزيز نمو القطاع السياحي خلال الفترة المُقبلة، خاصة في ظل الظروف البيئية والاجتماعية التي يشهدها العالم، لذلك من المهم تعزيز العمل المشترك على كافة الأصعدة والمستويات، من أجل تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والمسؤولية البيئية والاجتماعية.
وشدد على حرص دولة الإمارات على المساهمة في تطوير البنية التحتية السياحية على المستوى الإقليمي والعالمي، بما يضمن استدامة صناعة السياحة على المدى الطويل، منوها إلى أنه يوجد بعض التحديات التي تواجه السياحة المستدامة لعل من أبرزها هو الحاجة إلى تحسين مهارات العمالة وتطوير أدائهم وخبراتهم في صناعة السياحة، وتحفيز الابتكار والإبداع في مختلف المجالات والأنشطة السياحية.
وأكمل: “ تلتزم دولة الإمارات بتحقيق الاستدامة ليس فقط بالقطاع السياحي بل بمختلف القطاعات الاقتصادية والبيئية والحفاظ على الموارد والثروات والمصادر الطبيعية، لا سيما مع إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، تمديد مبادرة «عام الاستدامة» لتشمل عام 2024 بهدف البناء على ما تحقق من نجاح لهذه المبادرة خلال العام 2023 ”.
وأكد أن دولة الإمارات أولت اهتماماً بالغاً بقطاع السياحة باعتباره مساهماً أساسياً في دعم نمو الاقتصاد الوطني وتعزيز تنافسيته، حيث عملت الدولة بصورة متواصلة خلال المرحلة الماضية على إبراز التنوع السياحي للدولة، والترويج للمميزات والخصائص الفريدة لإمارات الدولة السبع، بهدف استقطاب المزيد من الشركات العالمية إلى أسواق الدولة، وتشجيع الاستثمارات الوطنية والأجنبية بالمشاريع السياحية، بما أسهم في ترسيخ مكانة الإمارات على خريطة السفر والسياحة إقليمياً وعالمياً.
تطوير قطاع السياحة
واستعرض بن طوق تجربة الإمارات في تطوير قطاعها السياحي وفق أفضل الممارسات العالمية وجعله أكثر مرونة واستدامة، حيث تضمنت هذه التجربة تعزيز الممارسات السياحة المستدامة مثل أماكن الإقامة الصديقة للبيئة، والحفاظ على الحياة البرية، والتراث الثقافي، وإطلاق المبادرات والاستراتيجيات الوطنية، ومن أبرزها "الاستراتيجية الوطنية للسياحة 2031"، التي تستهدف زيادة مساهمة قطاع السياحة الإماراتي في الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد الوطني إلى 450 مليار درهم، ورفع مكانة الدولة كأفضل هوية سياحية حول العالم بحلول العقد المقبل، إضافة إلى تدشين الخريطة الوطنية لخفض انبعاثات الكربون في مجال الطيران، وحددت الدولة من خلالها هدفاً طموحاً لتحقيق إنتاج سنوي يصل إلى 700 مليون لتر من وقود الطيران المستدام بحلول عام 2030.
وأشار إلى أهمية السياحة البيئية في دعم استدامة القطاع السياحي والحفاظ على المحميات الطبيعية والمعالم السياحية الصحراوية، وقدم نماذج للسياحة المستدامة في دولة الإمارات ومنها "محمية المرموم الصحراوية"، والتي تحقق التوازن بين تجارب الزائرين والحفاظ على البيئة؛ وكذلك "جزيرة صير بني ياس"، والتي تظهر ممكنات السياحة البيئية، كما سلط الضوء على الأحداث الدولية الكبرى التي استضافتها الدولة وأدت دوراً بارزاً في تعزيز نمو قطاعها السياحي ومنها نجاح معرض "إكسبو 2020 دبي" ومؤتمر الأطراف "COP28".
ولفت إلى مواصلة العمل مع الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي، من أجل تفعيل التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة بين دول مجلس التعاون، وذلك بعد اعتمادها، حيث تسهم هذه التأشيرة في إبراز المقومات السياحية المتنوعة لدول المجلس، واستقطاب السياح وإبقائهم لفترات طويلة، وزيادة الرحلات البينية وعدد نزلاء الفنادق على مستوى دول الخليج وجعلها الوجهة السياحية الرائدة على مستوى العالم للسياح الإقليميين والعالميين.
الجدير بالذكر، أن عاصمة المملكة العربية السعودية الشقيقة الرياض، استضافت الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي، حيث يعد هذا الاجتماع الأول من نوعه للمنتدى خارج دافوس بعد جائحة “كوفيد-19”، وشهد المنتدى حضور أكثر من ألف مشارك من رؤساء الدول وكبار المسؤولين والخبراء الدوليين وقادة الرأي والمفكرين، من القطاعات الحكومية والخاصة والمنظمات الدولية والمؤسسات الأكاديمية، وذلك لمناقشة مختلف القضايا والتطورات الاقتصادية العالمية، بهدف إيجاد الحلول المشتركة ومواجهة التحديات الإنسانية والمناخية والاقتصادية.