3 مواقف أثار فيها إبراهيم عيسى الجدل.. والأزهر الشريف يرد بقوة
كعادته، شغل الصحفي والإعلامي المصري إبراهيم عيسى الرأي العام في بلاده، لما تضمنه مسلسله "فاتن أمل حربي"، من أحداث، وهو العمل الذي يعد أول تجربة تلفزيونية من تأليفه.
وخطف مسلسل "فاتن أمل حربي"، المعروض خلال شهر رمضان الجاري، الأنظار بعد عرض حلقاته الأولى، لكن بمرور الأيام انقلبت الإشادة إلى غضب.
وجاء تطور هذا الوضع، من منطلق ما تضمنه هذا العمل الفني من أفكار، اعتبرها البعض تنال من مكانة رجال الدين، في أمر استدعى دخول مؤسسة الأزهر الشريف على خط الأزمة، بإصدارها بيانا ردت فيه على مؤلف المسلسل إبراهيم عيسى، الذي دفع المشيخة للخروج عن صمتها في 3 مواقف.
استهزاء بآية قرآنية
في عام 2016، أُعيد تداول مقطع فيديو، يعود تاريخه إلى سنة 2013، ظهر فيه "عيسى" خلال إحدى حلقات برنامجه بإحدى القنوات الفضائية، وهو يعلق على أحدث مستجدات الوضع السياسي في مصر خلال هذه الفترة.
وخلال حديثه للمشاهدين، تطرق "عيسى" إلى الآية القرآنية القائلة: " مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ ۜ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ"، قبل أن يردد آخر كلمة بسخرية على نحو مفاجئ: "سلطانية سلطانية.. لا دي سلطانية".
ورغم مرور ما يزيد على 3 أعوام-في ذلك الوقت- على هذا المقطع، أصدر مرصد الأزهر بيانًا بحق "عيسى"، شدد خلاله على أن "الاستهزاء بالقرآن الكريم يُعد سفهًا وسقوطًا أخلاقيًا يستوجب المساءلة القانونية".
وذكر البيان وقتها، دون ذكر اسم "عيسى": "ظهرت في الآونة الأخيرة مشاهد على الفضائيات تستخف بالقرآن الكريم وعظمة إجلاله، من بعض مقدمي البرامج أو ضيوفهم، فيتناول أحدهم آيات القرآن الكريم بما يفقدها إجلالها بسقط القول وسخف التناول، فيقرأ الآيات بطريقة يكون بها مشهدًا تمثيليًا، بغرض التسلية وإثارة الضحك، بينما يردد الآخر مقاطع من آيات القرآن للسخرية، كمن ردد سلطانية سلطانية، التي وردت في قوله تعالى: (مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ)".
واعتبر المرصد أن هذا التصرف ما هو إلا "تنكر لعظمة القرآن ونزع للتاج والوقار عن منطق الوحي المنزل على رسول الله".
ووصف المرصد وقتها السخرية من آيات الله بـ "سقوط أخلاقي وسفه يستوجب التنبيه إليه، والمساءلة القانونية عنه"، بدعوى أنه "يفتح بابًا من الاستهانة بالقرآن والخوض في آياته، والتلاعب بمنطق الوحي".
إنكار المعراج
بعد أزمة الآية القرآنية، استمر "عيسى" في طرح رؤاه وأفكاره عبر برامجه التلفزيونية المختلفة ومقالاته المكتوبة، ودخل، بين حين وآخر، في صراعات مع بعض الدعاة بموجب ما يعلن عنه، في مواقف لم تستفز مؤسسة الأزهر للتدخل، إلى أن خرجت عن صمتها في فبراير الماضي.
فقبل الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج، فاجأ "عيسى" الرأي العام المصري، بإعلانه، خلال برنامجه "حديث القاهرة" المذاع عبر فضائية "القاهرة والناس"، أن معراج الرسول إلى السماء "قصة وهمية" حسب تعبيره.
وعلى الفور، سارع مركز الأزهر العالمي للفتوى، إلى الرد على "عيسى" خلال بيان، أكد فيه على أن "الإسراء والمعراج من مُعجزات سيدنا رسول الله المُتواترة، الثَّابتة بنصِّ القرآن الكريم وبأحاديث السُّنة النَّبوية".
وشدد البيان حينها على أن "كل ما ورد في القُرآن الكريم وسنّة الرسول الثابتة من المسلمات التي لا يُقبل الخوض فيها مُطلقًا، ولا يُقبل تفصيل أحكامها وبيان فقهها ممن وصفه بـ "غير المُتخصّصين"، والذين اعتبرهم المركز "من مُروجي الأفكار والتّوجهات المتطرفة التي تفتعل الأزمات، وتُثير الفتن".
أزمة "فاتن أمل حربي"
بخفوت حدة أزمة "الإسراء والمعراج"، تصدر الكاتب إبراهيم عيسى المشهد مجددًا خلال أقل من شهرين، بعدما أثارت أحداث مسلسل "فاتن أمل حربي"، الجدل، خاصةً أنه تناول في حلقاته بعض أفكار رجال الدين، وطريقة تعاملهم مع أفراد المجتمع.
ومن ثم، أصدر مركز الأزهر العالمي للفتوى مؤخرًا بيانًا مطولًا، اعتبر فيه أن تشويه المفاهيم الدينية، والقِيم الأخلاقية، بهدف إثارة الجدل، وزيادة الشُهرة والمشاهدات "أنانية ونفعية بغيضة".
وأضاف البيان: "لا كهنوتية في الإسلام، ولم يدَّعِ أحد من الأئمة والفقهاء العِصمة لنفسه على مرِّ العصور، بل كلهم بيَّن ما رآه حقًّا وَفق أدوات العلم ومعايير التخصُّص على وجه الإيضاح، لا الإلزام، ونسبة هذه الأوصاف الشائنة للعلماء تدليسٌ، ووصاية، وخلطٌ مُتعمَّد؛ يهدف إلى تشويههم، وإسقاط مكانتهم ومقامهم، كما يهدف إلى تشويه مفاهيم الدين الحنيف، وتفريغه من مُحتواه".
واستطرد المركز: "الاستهزاء بآيات القرآن الكريم، وتحريف معانيها عمّا وُضِعت له عمدًا، وعَرْض تفسيرات خاطئة لها على أنها صحيحة بهدف إثارة الجدل جريمة كُبرى بكل معايير الدين والعلم والمهنية، وتَنكّرٌ صارخ للمُسلَّمات".
وجاءت هذه الكلمات، بعدما أكد المركز "دعم الإبداع المُستنير الواعي" وفق ما افتتح به بيانه، قبل التأكيد على أن "شريعة الإسلام مُتكاملة معصومة تُصلِح لكلَّ زمان ومكان".