مدير الإيكاردا: الخبز المقاوم لتغيرات المناخ ينتظر التطبيق (مقابلة)
يبدو أن تغيرات المناخ ستغير من الثقافة الغذائية باتجاه تناول ما هو متاح، وهو التوجه الذي تؤكد عليه"إيكاردا"، مع محاولة إبراز القيمة الغذائية لما هو متاح.
وكانت أحدث الأبحاث في هذا الاتجاه، هو الخبز المقاوم لتغير المناخ، والذي تقوم فكرته على تقليل الاعتماد على القمح، باعتباره محصولا حساسا للتغيرات المناخية، وإدخال الشعير، وهو محصول مقاوم لتغيرات المناخ، ضمن منظومة إنتاج الخبز.
وبدأت الإيكاردا الترويج لهذه الفكرة من مصر، التي تعتمد بشكل كبير على القمح وحده في إنتاج الخبز، وذلك عبر إنتاج رغيف خبز مدعم بالشعير بنسبة 20 في المائة، وتم إجراء دراسات بالتعاون مع معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية، التابع لمركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة المصرية، لاختبار جودة هذا الرغيف الجديد مقارنة بالتقليدي، وكانت النتائج في صالح الرغيف الجديد.
فما هي أبرز تلك النتائج؟.. وماذا ينتظر هذا الرغيف لإنتاجه بشكل موسع ؟.. ولماذا التفكير في محصول الشعير على وجه التحديد؟.. هذه الأسئلة وغيرها يجيب عليها المهندس علي أبو سبع، المدير العام للإيكاردا في مقابلة خاصة مع "العين الإخبارية".
بداية: كيف جاءتكم فكرة هذا المشروع البحثي؟
أسباب عديدة دفعتنا للتفكير في هذا الاتجاه، فلا يخفى على أحد تأثير تغيرات المناخ على حجم إنتاج القمح عالميا، وتأثر سلاسل الإمداد عالميا بالحرب الأوكرانية الروسية، حيث تعد الدولتان من المنتجين الرئيسيين للقمح، وبالتالي يجب التفكير في بدائل للقمح أو على الأقل التفكير في حلول تقلل فاتورة استيراده، فتم التفكير في الشعير.
ولماذا الشعير على وجه التحديد؟
الشعير محصول مقاوم لتغيرات المناخ، حيث يتحمل ظروف الحرارة الشديدة والجفاف، على خلاف القمح الحساس لتغيرات المناخ، هذا فضلا عن أن الشعير أثبتت العديد من الدراسات أن زراعته تفيد في تحسين خواص التربة الملحية، وبالتالي فإنه لا تجود زراعته فقط في تلك التربة، بل إنه يساعد على ما يطلق عليه "الاستصلاح الحيوي" لها.
وماذا توصلتم في دراستكم حول دمج دقيق الشعير بنسبة 20 % مع دقيق القمح؟
وجدنا أن رغيف الخبز المحتوي على 20 في المائة من دقيق شعير، كان أفضل من التقليدي المصنع من دقيق القمح فقط، في عناصر (البروتينات – الدهون – الألياف – الرطوبة )، كما أن المتطوعين الذين تناولوا هذا الرغيف الجديد، وجدوا أن مذاقه لم يختلف عن رغيف القمح بمفرده، بل إن بعضهم أبدى استحسانا له مقارنة بالتقليدي.
وما هي الخطوة التالية؟
أنجزنا عملنا البحثي وأثبتنا نجاح الفكرة، والخطوة التالية هي التطبيق على نطاق واسع، لذلك دعونا في حفل إعلان نتائج هذا المشروع ممثلين عن وزارة التموين، وقد أبدوا حماسا واضحا للفكرة.
ولكن تنفيذ هذه الفكرة قد يصطدم بعدم وجود مساحات كافية من الأراضي المزروعة بالشعير في مصر؟
أتفق معك، بالفعل لا توجد مساحات كافية حتى الآن، ولكن إذا اتخذ قرار تعميم الفكرة، فلا يوجد ما يعوق توفير نسبة الـ20 في المائة التي ستضاف لدقيق القمح، لأننا نتحدث عن محصول تجود زراعته في الأراضي الجديدة والهامشية، ويستطيع أن يتحمل ظروف الجفاف والملوحة والحرارة العالية، كما أوضحت سابقا.
لنفترض أن المزارعين من ملاك هذه الأراضي الجديدة والهامشية زرعوا الشعير، فهل سيقتصر إنتاج الأرض طول العام على محصول واحد، باعتبار أن محصول الشعير محصول شتوي؟
سؤال مهم، وللإجابة عليه سأبدأ من حقيقة أكدت عليها سابقا، وهي أن زراعة الشعير في حد ذاتها تساعد على "الاستصلاح الحيوي" للأراضي لتهيئتها لزراعة محاصيل أخرى.
ولكن، حتى بدون ذلك، أتصور أن حل هذا التحدي الاقتصادي، يمكن أن يكون عن طريق التوسع في الحبوب التي تخلط مع القمح، بأن يزرع المزارع في تلك الأراضي الهامشية ( الدخن) صيفا، وهو أيضا محصول تجود زراعته في الأراضي الجديدة والهامشية، والشعير ( شتاء)، بحيث يكون هناك رغيف خبز قائم على الثلاث حبوب، ولكن يمكن اعتبار إجابتي هذه مبدئية، وسنعمل على مزيد من الدراسات والأبحاث لاختبار المزيد من المحاصيل، من أجل وضع مزيد من الاختيارات لتركيبة محصولية مناسبة لتلك الأراضي.
وماذا لو فعلتم كل ذلك، ولم يتقبل المستهلك رغيف الخبز؟
أشرت سابقا إلى أن تجربتنا مع المتطوعين في الدراسة أثبتت أنه رغيف جيد المذاق، وخلال حفل إعلان نتائج هذا المشروع البحثي تم توزيع عينات منه على الحضور، وأبدوا أيضا إعجابهم بمذاقه الجيد، وهذه محاولة منا لإقناع شريحة من المجتمع بفكرتنا، ولكن هذه الشريحة ليست المستهدفة، بل إننا نود أن يقتنع الجمهور بأن الحكومة إذا قررت المضي قدما في تنفيذ هذا المقترح، فهي لا تفعل ذلك توفيرا للنفقات، لكنها تفعل ذلك وهي تضع عينها على قبول المستهلك للمذاق، وهذا يحتاج تعديلا في الثقافة الغذائية، وأرى الآن أن المناخ مهيئا لذلك.
كيف؟
عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أرصد اهتماما شديدا بالغذاء الصحي، وبالتالي يمكن إنتاج خطاب إعلامي متعدد الوسائل، ويستخدم نجوم برامج الطهي، للتأكيد على القيمة الغذائية والصحية للرغيف الجديد.
aXA6IDMuMTQ1LjMzLjI0NCA= جزيرة ام اند امز