60 جدارية تخلد "أيقونات الثورة" في شوارع الخرطوم
الفنانون رسموا 60 جدارية على أوجه بنايات الخرطوم لتوثيق الثورة التي أطاحت بنظام عمر البشير خاصة ذكرى الشهداء الذين سقطوا برصاص الأمن
حفر مجموعة من الفنانين التشكليين صور شهداء الثورة السودانية على بنايات العاصمة الخرطوم، ضمن حملة تهدف لتخليد ذكرى "أيقونات الثورة" الذين سقطوا برصاص النظام السابق.
ورسم الخطاطون 60 جدارية على أوجه البنايات؛ لتوثيق الثورة التي أطاحت بنظام الإخوان برئاسة عمر البشير، بدءا من الشهداء الذين سقطوا برصاص الأمن، وانتهاء بالإيقونات التي ألهمت السودانيين والعالم.
وانتشر عدد من الفنانين التشكليين في شوارع الخرطوم الرئيسية؛ لتلوين جدران البنايات برسومات تعكس كل ما علق بالذاكرة من أحداث أسهمت في اشتعال شرارة الرفض للنظام الديكتاتوري؛ لتكون شاهده على ما يعتبرونه "أعظم ثورة في تاريخ السودان الحديث".
عايش السودانيون أحداثا مثيرة منذ انطلاقة شرارة الثورة في 19 ديسمبر/كانون الأول ٢٠١٨، حتى بلغت سدرة منتهاها في 11 أبريل/نيسان حينما انحاز الجيش السوداني لثورة الشعب ضد الظلم والقهر والطغيان وعزل الرئيس السوداني السابق عمر البشير.
بعض الأحداث التي خطتها ريشة الفنانين كانت مأساوية، مثل مقتل عدد من الشباب والأطفال على أيدي قوات النظام الإخواني، واقتحام المنازل والاعتداء بالضرب على سكانها واقتياد الشباب إلى المعتقلات.
لم ينس شباب الثورة تخليد بعض الأحداث الساخرة التي شهدتها شوارع الخرطوم، مثل هروب أحد عناصر الشرطة تاركا سيارته بعدما سقطت في إحدى شبكات الصرف الصحي خلال مطاردته للمحتجين بغرض دهسهم.
كما خلد طلاب كليات الفنون التشكيلية واقعة خلع شرطي زيه والهروب تاركا المحتجين يلوحون ببنطاله أمام عدسات التصوير؛ للدلالة على جبن قوات البشير الذين هربوا بمجرد ما وجدوا أنفسهم مجردين من الأسلحة.
قال حبيب عبدالله، عضو مبادرة "جداريات الشهداء"، إن الهدف منها تخليد ذكرى شهداء الثورة السودانية، خصوصاً الذي قتلوا خلال عملية فض الاعتصام خارج محيط القيادة العامة للجيش، يوم 3 يونيو/حزيران.
وأضاف عبدالله لـ"العين الإخبارية" أن أعضاء المبادرة هم مجموعة الشباب جمعهم حب الوطن والولاء للشهداء، وجميعهم كانوا جزءا من الحراك الثوري الذي أنهى أطول حقبة حكم عسكري بالسودان.
وتابع عضو المباردة التي تتولى مسؤولية رسم صور من سقطوا خلال الثورة : "بعد 3 أشهر من صدمة فض الاعتصام اجتمعنا وقررنا التعبير عن ولائنا للشهداء بريشتنا، وهو الشيء الذي نقدر عليه لنخلد ذكراهم في قلب كل ثائر".
وأكمل: "حتى الآن فرغنا من رسم 60 جدارية شهيد على البنايات بالخرطوم في أماكن متعددة، بينها منطقة بُري ونفق الخرطوم، ومستمرون في العمل حتى نخلد ذكرى جميع شهداء الثورة".
عن تقبل الفكرة وسط المجتمع، قال عبد الله إنهم يجدون تجاوباً متزايداً من المارة، خصوصاً لجان المقاومة بالأحياء السكنية، من خلال التنسيق وتقديم أسماء الشهداء وصورهم لأعضاء المبادرة.
وأضاف: "مستمرون في طريقينا حتى نفرغ من رسم آخر جدارية لآخر شهيد".
تلوين وأفق جديد
إضافة إلى مبادرة جداريات الشهداء، هنالك مجموعات أخرى تعمل على تنفيذ رسومات تخاطب قضايا محددة تهم السودانيين، كما تحمل الشوارع بالألوان، خصوصاً قرب مواقف المواصلات العامة، منها مبادرة "تلوين وأفق جديد" التي تعمل على تنفيذ مشاريع توعوية من خلال الرسم.
قال أحمد دفع الله، عضو المباردة، إنهم يخدمون 4 أهداف من خلال الرسم على جدران البنايات، هي: تخليد الأعمال الثورية، ولفت الأنظار لتاريخ السودان، وإبراز التنوع الثقافي، فضلاً عن قضية التلوث البيئي.
وأوضح لـ"العين الإخبارية" أن عمليات الرسم تجري في المدارس والجامعات والأنفاق الموزعة في أحياء الخرطوم المختلفة، مشيرا إلى أنهم يخططون للانتقال إلى مدن الولايات لتنفيذ الأهداف ذاتها بعد الانتهاء من العاصمة، خاصة في ظل تلقيهم دعوات من مدن عدة، بينها ودمدني والدويم وربك.
وأضاف: "هدفنا تجميل شوارع المدينة ونشر الوعي وسط الشعب بالقضايا التي نعمل عليها، فضلا عن تخليد ذكري الثورة المجيدة".
يعد التمثال الذي صنعه فانون تشكيليون للشهيد عبدالعظيم أبوبكر الإمام أحد أبرز محاولات تخليد ذكرى شهداء الثورة السودانية، وحفظ تاريخهم للأجيال القادمة.
وبات من النادر أن تجد جدرانا مطلة على الشوارع الرئيسية أو أوجه المؤسسات الحكومية في العاصمة الخرطوم تخلو من الرسمومات والألوان، إذ غطت أغلبها اللوحات التشكيلية المعبرة عن الثورة.
قالت الناشطة عسجد إبراهيم لـ"العين الإخبارية" إن الجدرايات والرسوم التشكيلة التي زينت شوارع الخرطوم أعطت منظراً جميلاً للمدينة التي كانت شوارعها توحي بالخراب، بسبب الإهمال الذي حل في عهد النظام السابق.
وأوضحت أن الجداريات تحفظ تاريخ أعظم ثورة شهدتها البلاد، كما تخلد ذكرى أولئك الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الحرية والسلام والعدالة.