بعثة صندوق النقد تتجه إلى لبنان.. هل تنقذ الاقتصاد؟

قالت متحدثة باسم صندوق النقد الدولي، الخميس، إن بعثة لتقصي الحقائق من صندوق النقد الدولي ستزور لبنان الأسبوع المقبل.
وتهدف البعثة، التي ستزور لبنان في الفترة من 10 إلى 14 مارس/آذار، إلى مساعدة الحكومة الجديدة في التوصل إلى برنامج إصلاح اقتصادي شامل.
وقالت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي جولي كوزاك في مؤتمر صحفي "نقدم المشورة السياسية وتنمية القدرات لمساعدة جهود السلطات لإعادة بناء اقتصاد لبنان ومؤسساته، بالتنسيق مع شركاء دوليين آخرين".
وكانت الحكومة اللبنانية قد أعلنت في فبراير/شباط 2025 عن خططها لبدء مفاوضات مع صندوق النقد الدولي من أجل وضع برنامج جديد، وذلك في إطار جهودها لمعالجة الأزمة المالية والديون العامة التي تواجهها البلاد.
وأشار البيان، الذي اطلعت رويترز على نسخة منه، إلى أن الحكومة تريد "دولة فعّالة بإدارتها العامة ومؤسساتها، مما يستدعي إعادة هيكلة القطاع العام وفق رؤية محدثة".
وكشف البيان عن خطط الحكومة اللبنانية لتعزيز الاقتصاد من خلال إعادة هيكلة القطاع المصرفي، بهدف تمكينه من دفع العجلة الاقتصادية. كما أشار البيان إلى أن الودائع ستحظى بأولوية في الاهتمام من خلال وضع خطة متكاملة تتماشى مع أفضل المعايير الدولية لحماية حقوق المودعين.
أزمة اقتصادية ومالية
في السنوات الأخيرة، واجه الاقتصاد اللبناني تحديات جسيمة أدت إلى تدهور ملحوظ في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.
بدأت الأزمة الاقتصادية في لبنان عام 2019، حيث شهدت البلاد انهيارًا ماليًا أدى إلى فقدان العملة الوطنية لقيمتها وتجميد مدخرات المودعين في البنوك. في عام 2020، تفاقمت الأوضاع مع جائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت، مما أسفر عن خسائر بشرية ومادية كبيرة. بحلول عام 2023، استمر الاقتصاد في حالة ركود، مع انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.6% في عام 2022؛ وفقاً لبيانات البنك الدولي.
- قروض «مصرف الإسكان» تعيد إحياء حلم امتلاك شقة سكنية في لبنان
- الاتحاد الأوروبي يربط صرف نصف مليار يورو لـ«لبنان» بإصلاحات هيكلية
صراع مع إسرائيل.. وتداعيات واسعة النطاق
في أكتوبر/تشرين الأول 2023، اندلع صراع مسلح بين حزب الله وإسرائيل، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية. وتُقدر الخسائر البشرية في لبنان بأكثر من 3,768 قتيلًا و15,699 جريحًا، مع تدمير واسع للبنية التحتية، خاصة في المناطق الجنوبية. كما تسببت الحرب في نزوح حوالي 886,000 شخص داخليًا، وفرار 540,000 آخرين إلى سوريا، بحسب "رويترز".
وقدّر البنك الدولي في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 تكلفة الأضرار المادية والخسائر الاقتصادية بنحو 8.5 مليار دولار. كما توقع انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.7% في عام 2024، ما يعادل خسارة قدرها 4.2 مليار دولار في الاستهلاك والاستثمار.
وأدى الصراع إلى توقف العديد من القطاعات الاقتصادية، خاصة الزراعة والصناعة. كما شهدت القطاعات الأخرى، مثل الموضة والترفيه، تراجعًا كبيرًا بسبب انخفاض الاستهلاك والنزوح السكاني، كما أوردت "فايننشال تايمز".
استجابة حكومية
في فبراير/شباط 2025، أعلنت الحكومة اللبنانية الجديدة عن نيتها التفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على برنامج جديد، ومعالجة الديون العامة، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي. كما أكدت على ضرورة وضع استراتيجية أمنية جديدة، والحياد في الصراعات الإقليمية، واستئناف استكشاف النفط والغاز، بحسب "رويترز".
تحديات مستقبلية
يواجه لبنان تحديات كبيرة في إعادة بناء اقتصاده. تشمل هذه التحديات إعادة إعمار البنية التحتية، استعادة الثقة في النظام المصرفي، جذب الاستثمارات الأجنبية، ومعالجة معدلات البطالة والتضخم المرتفعة. كما أن استقرار الوضع الأمني والسياسي يعد شرطًا أساسيًا لتحقيق التعافي الاقتصادي المستدام.
ختاماً، يمر الاقتصاد اللبناني بمرحلة حرجة تتطلب إصلاحات جذرية وتعاونًا دوليًا لدعم جهود التعافي. إن التحديات الحالية، على الرغم من صعوبتها، قد تشكل فرصة لإعادة بناء اقتصاد أكثر استدامة وعدالة.