اجتماع وشيك بموسكو.. عقبات تبطئ مسار التطبيع السوري التركي
في خضم محاولات تقريب وجهات النظر بين دمشق وأنقرة، تبذل موسكو جهودا حثيثة لعقد حوار رباعي على مستوى دبلوماسي رفيع يجمع نواب ومساعدي وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران وسوريا.
ويشكل الاجتماع المرتقب الخرق السياسي الأول بين سوريا وتركيا بعد اللقاء الذي اتخذ طابعا أمنيا عسكرياً عندما جمعت موسكو وزيري دفاع سوريا وتركيا ورؤساء الأجهزة الأمنية المعنية في البلدين.
موعد الاجتماع
الاجتماع الذي أكد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف انعقاده أوائل أبريل/نيسان المقبل، أشارت صحيفة "الوطن" السورية المقربة من الحكومة، إلى أن الموعد سيكون يومي الثالث والرابع من أبريل/نيسان المقبل.
وبحسب مصادر مطلعة تحدثت معها "العين الإخبارية" فإن الوصول إلى موعد انعقاد الاجتماع الرباعي الذي تأجل عدة مرات، جاء بعد جولات واتصالات دبلوماسية قادتها روسيا، حاولت من خلالها الوصول إلى صيغ مقبولة لدى الطرفين السوري والتركي، لا سيما أن دمشق أصرت على موقفها الداعي لضرورة حصولها على ضمانات تركية بالخروج من أراضيها ووقف دعم المسلحين الذين يسيطرون على إدلب ومناطق في شمال حلب.
وبحسب هذه المصادر فإن الإعلان عن التوصل لموعد انعقاد الاجتماع يكشف نجاح المساعي الروسية في الوصول إلى تلك الصيغ، والتي قد تشكل نتائجها الأرضية التي ستنطلق منها مسارات التطبيع المنتظرة بين دمشق وأنقرة والمتوقفة منذ عام 2011.
لا نتائج سريعة مرتقبة
ورغم الزخم الإعلامي الذي حظيت به المشاورات والاتصالات المرتبطة بالجهود الروسية، لإحداث خرق سياسي بين دمشق وأنقرة، إلا أن الحديث عن نهايات سعيدة لهذا الاجتماع يمكن وضعه في خانة التفاؤل المفرط، وهو ما يؤكده الباحث المختص بالشؤون التركية سركيس قصارجيان.
"قصارجيان" اعتبر في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن دمشق لا تعول كثيرا على نتائج مباشرة وسريعة لهذا اللقاء، لأن هناك أزمة ثقة طويلة ولها ما يبررها مع أنقرة، لكن ما يشجع دمشق هو أن هذا اللقاء ينعقد ضمن إطار رباعي، وعلى الأقل فإن اثنين من الأطراف المشاركة هما حليفان موثوقان، وبالتالي فإن هذا يشكل عاملا مشجعا للجلوس على الطاولة، لكنه يبقى غير مكتمل لجهة الثقة.
تركيا ستحاول قدر الإمكان الاستفادة من الحماسة الروسية والدفع للوصول إلى لقاء وزراء الخارجية قبل الانتخابات، وفق قصارجيان، الذي اعتبر أن هذا اللقاء الذي سيتم قبل نحو شهر ونصف الشهر من الانتخابات التركية سيعطي أوراقا رابحة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الداخل لناحية السياسات الخاصة باللاجئين السوريين بشكل خاص، والاقتصاد، إضافة للعلاقات التجارية مع الدول الخليجية مرورا بالترانزيت السوري.
تطور الاجتماع مرهون بمخرجاته
الباحث السوري أكد أن موافقة دمشق على تطور اللقاءات مع أنقرة لمستوى وزراء خارجية ستقرره مخرجات اللقاء الرباعي لمعاوني الوزراء في الدول الأربع، ففي حال كان هناك تعهد تركي بالانسحاب وتحقيق الشروط السورية المطلوبة فقد ينعقد هذا اللقاء قبل الانتخابات التركية، وقد تعطي دمشق هذه الورقة للرئيس التركي.
ووفقا للمعطيات القائمة لا يجب التعويل كثيراً على هذا اللقاء، بحسب قصارجيان، غير أنه اعتبر أن اللقاء الرباعي هو عنوان بحد ذاته، وهو خرق مهم في العلاقات السورية التركية، وبالتالي أهميته تتضح من مخرجاته، وما يحدث حالياً هو محاولة روسية لتقريب وجهات النظر والخروج على الأقل ببيان ختامي أو تصريح إيجابي من هذا اللقاء.
ورغم التسريبات الروسية والتقارير الإعلامية حول موعد الاجتماع لا تزال دمشق تلتزم الصمت الرسمي تجاه تأكيد كل ما يتم تداوله حول الاجتماع.
مسار التطبيع طويل
وفي حال تم الانعقاد، يرى عضو البرلمان السوري والأستاذ في القانون الدولي، خير الدين العكام، في حديثه مع "العين الإخبارية"، أنه سيكون تم وفق الشروط التي تحدث عنها الرئيس السوري بشار الأسد، الذي ربط خلالها بين أي تطور سياسي وتحقيق شروط دمشق وأولها انسحاب القوات التركية.
العكام أكد أن "دمشق تعلم أنه لن يكون هناك انسحاب تركي مسبق من الأراضي السورية، لكن على الأقل يجب أن تكون هناك ضمانات في خارطة الطريق للانسحاب بمواعيد زمنية محددة، وبضمانات روسية، فبدون هذه الضمانات من الصعب أن تتقدم المباحثات مع الأتراك، ولا يمكن أن تحقق هذه الاجتماعات أي نتائج".
البرلماني السوري أشار إلى نقطة أخرى مرتبطة بتعريف مشترك لمفهوم الإرهاب، وبناء على المعنى المشترك الذي سيؤدي لتصنيف مشترك ومتفق عليه مع الجانب التركي، سيتم تسمية من هي الكيانات الإرهابية ومن هي الكيانات غير الإرهابية، والتي بناء عليها يمكن التعاون لمكافحة الإرهاب بين سوريا وتركيا.
أنقرة، والكلام للعكام، تعتبر اليوم بأن "قسد" هي منظمة إرهابية، وسوريا تعتبر أيضاً أن مشروع "قسد" انفصالي، لكن هناك حاجة للمناقشة للاتفاق على ذلك.
وتنفذ تركيا عملية عسكرية في شمال سوريا، تقول إنها تستهدف عناصر حزب العمال الكردستاني الذي تحظره، فيما تعتبر دمشق الوجود العسكري التركي "احتلالاً".