خبير دستوري يكشف لـ"العين الإخبارية" تفاصيل تنصيب رئيس الجزائر
التلفزيون الجزائري الحكومي يقول إن تنصيب الرئيس المنتخب عبدالمجيد تبون يتم نهاية الأسبوع الحالي
يترقب الجزائريون في الأيام المقبلة تنصيب الرئيس المنتخب عبدالمجيد تبون الذي سيتم نهاية الأسبوع الحالي، وتسلمه رسمياً مهامه كثامن رئيس للبلاد في تاريخها، خلفاً لعبدالعزيز بوتفليقة الذي تنحى يوم 2 أبريل/نيسان الماضي.
- خبراء لـ"العين الإخبارية": 6 تحديات تنتظر رئيس الجزائر الجديد
- عبدالمجيد تبون.. رئيس وزراء بوتفليقة الأسبق يخلفه في حكم الجزائر
وأعلن، مساء الأحد، التلفزيون الجزائري الحكومي، أن الرئيس المنتخب سيؤدي اليمين الدستورية "قبل نهاية الأسبوع الحالي"، ويباشر مهامه في "قصر المرادية" الجمهوري بداية الأسبوع المقبل.
ويعني ذلك أن أداء تبون القسم سيكون يوم الجمعة المقبل، وهو اليوم الذي اختاره الحراك الشعبي للخروج في مظاهرات مطالبة بالتغيير منذ فبراير/شباط الماضي، واختارته السلطات الجزائرية يوماً أيضا لأول مناظرة تلفزيونية رئاسية للمرشحين الخمسة لانتخابات الرئاسة.
وفي الوقت الذي لم يكشف فيه التلفزيون عن التاريخ المحدد لتنصيب عبد المجيد تبون رئيساً للجزائر، ذكرت وسائل إعلام جزائرية محلية أن المجلس الدستوري سيعلن النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية يوم الثلاثاء المقبل، بينما يتم تنصيب الرئيس المنتخب يوم الخميس.
وأعلنت، الجمعة، السلطة المستقلة للانتخابات بالجزائر، النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية بفوز المرشح المستقل عبدالمجيد تبون بغالبية أصوات الناخبين في انتخابات الرئاسة التي جرت الخميس، ليكون بذلك ثامن رئيس للبلاد خلفاً للمستقيل عبدالعزيز بوتفليقة.
وفي ندوة صحفية بمقر السلطة المستقلة للانتخابات، بالجزائر العاصمة، كشف محمد شرفي رئيس الهيئة الانتخابية عن النتائج الأولية للاقتراع الرئاسي في انتظار إعلان المجلس الدستوري النتائج النهائية في غضون الأيام الـ10 المقبلة.
وأعلن شرفي فوز المرشح المستقل عبدالمجيد تبون بنسبة 58.15 % من أصوات الناخبين، بعد حصوله على 4 ملايين و945 ألفا و116 صوتا، ثم المرشح الإخواني عبدالقادر بن قرينة الذي اكتفى بنسبة 17.38 % بحصوله على 477 ألفا و735 صوتا.
القسم الدستوري
وحدد الدستور الجزائري صيغة القسم الدستوري الذي يؤديه رئيس الجمهورية في مراسم تسلمه السلطة، حيث نصت المادة 90 منه على "أن يؤدي رئيس الجمهورية اليمين حسب النصّ الآتي":
"بسم اللّه الرحمن الرحيم، وفاء للتضحيات الكبرى، ولأرواح شهدائنا الأبرار، وقيم ثورة نوفمبر الخالدة، أُقسم باللّه العلي العظيم، أن أحترم الدين الإسلامي وأمجّده، وأدافع عن الدستور، وأسهر على استمرارية الدولة، وأعمل على توفير الشروط اللازمة للسير العادي للمؤسسات والنظام الدستوري، وأسعى من أجل تدعيم المسار الديمقراطي، وأحترم حرية اختيار الشعب، ومؤسسات الجمهورية وقوانينها، وأحافظ على سلامة التراب الوطني، ووحدة الشعب والأمة، وأحمي الحريات والحقوق الأساسية للإنسان والمواطن، وأعمل بدون هوادة من أجل تطوّر الشعب وازدهاره، وأسعى بكل قواي في سبيل تحقيق المثل العليا للعدالة والحرية والسلم في العالم، واللّه على ما أقول شهيد".
كما نصت المادة 89 على البروتوكول المعمول به في تنصيب رئيس البلاد، وورد فيها أن "يؤدي رئيس الجمهورية اليمين أمام الشعب بحضور جميع الهيئات العليا في الأمة، خلال الأسبوع الموالي لانتخابه، ويباشر مهمّته فور أدائه اليمين".
وحددت المادة 88 من الدستور الولاية الرئاسية بـ5 سنوات يمكن تجديدها مرة واحدة فقط، وجاء فيها: "مدة المهمة الرئاسية خمس سنوات، يمكن تجديد انتخاب رئيس الجمهورية مرة واحدة".
إجراءات تنصيب رئيس الجزائر
وفي تصريح لـ"العين الإخبارية"، فصّل الخبير في الشؤون الدستورية الدكتور عامر رخيلة الإجراءات المعمول بها في الجزائر في تنصيب رئيس الجمهورية.
وأوضح أن "الإجراء الأول يبدأ من إحالة السلطة المستقلة للانتخابات محاضر فرز صناديق الاقتراع والسجلات الانتخابية المتعلقة بتقارير اللجان الولائية إلى المجلس الدستوري مباشرة بعد الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات".
وفي غضون 10 أيام - يضيف الدكتور رخيلة – "يدرس المجلس الدستوري تلك المحاضر والسجلات، بالإضافة إلى الطعون المقدمة من قبل المرشحين"، في وقت أعلن فيه المرشحون الأربعة عدم تقديمهم طعوناً على نتائج الانتخابات، ما يعني تقلص مدة إعلان المجلس الدستوري للنتائج النهائية.
وتابع: "الفائز بالانتخابات حصل على الأغلبية المطلقة وليست البسيطة وبنسبة بعيدة جداً عن صاحب المركز الثاني، مع العلم أن القانون يطلب الأغلبية البسيطة، وهو ما يعني أن المجلس الدستوري سيثبت النتائج الأولية".
وأشار إلى "أن المجلس الدستوري يكمن دوره بما أنه لا توجد طعون، في عملية ضبط نهائية للقائمة النهائية، ثم الإعلان الرسمي عن النتائج النهائية".
وأضاف أنه بعد ذلك "يتوقع خلال نهاية الأسبوع الحالي، تنصيب رئيس الجمهورية من خلال مراسم تدعى لها السلطات الثلاث؛ وهي التنفيذية والتشريعية والقضائية، والسلك الدبلوماسي المعتمد في الجزائر، ويتم في هذه الجلسة تنصيب رئيس الجمهورية".
ويبدأ كما أوضح الخبير الدستوري بـ"قراءة فاتحة الكتاب ثم عزف الحرس الجمهوري النشيد الوطني، وبعدها يؤدي الرئيس المنتخب اليمين الدستورية أمام رئيس المحكمة العليا، وفي ظرف 24 ساعة يقدم الوزير الأول (رئيس الوزراء) استقالته لرئيس الجمهورية، وله أن يكلفه بالاستمرار في مهامه إلى غاية تعيين حكومة جديدة، كما له أن يعلن مباشرة قبوله الاستقالة وتكليف شخصية أخرى بمساعي تشكيل الحكومة".
أما عن إعلان تاريخ تنصيب رئيس الجزائر، فكشف الخبير القانوني أن "السلطة المستقلة للانتخابات هي المخولة بذلك، استناداً إلى الصلاحيات التي منحها لها القانون الخاص بها".
كما تحدث الدكتور رخيلة عن عدم حضور قادة الدول لمراسم تنصيب جميع رؤساء الجزائر السابقين، وأشار إلى عدم وجود نص قانوني يمنع ذلك، لكنه أرجع ذلك إلى "عُرف معمول به في مراسم تنصيب رئيس الجزائر".
صلاحيات واسعة
يتولى عبدالمجيد تبون رئاسة الجزائر بصلاحيات واسعة جداً، استبقها بإعلانه اعتزامه "إحداث تغييرات جذرية وعميقة عليها بشكل يعيد التوازن بين السلطات الثلاث؛ التنفيذية والتشريعية والقضائية"، وقرر وضع تعديل الدستور على رأس أولويات أجندته الرئاسية.
وأحدث التعديل الدستوري الذي أقره الرئيس الجزائري السابق عبدالعزيز بوتفليقة في فبراير/شباط 2016 انتقادات واسعة، حيث منح رئيس البلاد صلاحيات واسعة تفوق 90 صلاحية، عدّها المتابعون "صلاحيات إمبراطورية تحولت إلى ألغام في الأزمة السياسية الأخيرة".
ويحدد الدستور الجزائري صلاحيات رئيس الجمهورية في عدة مواد؛ أولها المادة 91 منه، التي تنص على أن "يضطلع رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى السلطات التي تخولها إياه صراحة أحكام أخرى في الدستور، بالسلطات والصلاحيات الآتية:-
هو القائد الأعلى للقوات المسلحة للجمهورية، يتولى مسؤولية الدفاع الوطني، يقر السياسة الخارجية للأمة ويوجهها، يرأس مجلس الوزراء، يعين الوزير الأول بعد استشارة الأغلبية البرلمانية وينهي مهامه، يوقع المراسيم الرئاسية، له حق إصدار العفو وحق تخفيض العقوبات أو استبدالها، يمكنه أن يستشير الشعب في كل قضية ذات أهمية وطنية عن طريق الاستفتاء، يبرم المعاهدات الدولية ويصادق عليها، يسلم أوسمة الدولة ونياشينها وشهاداتها التشريفية".
وحددت المادة 92 من الدستور الوظائف والمهام التي يحق لرئيس الجزائر تعيينها، وجاء فيها: "الوظائف والمهام المنصوص عليها في الدستور، الوظائف المدنية والعسكرية في الدولة، التعيينات التي تتم في مجلس الوزراء، الرئيس الأول للمحكمة العليا، رئيس مجلس الدولة، الأمين العام للحكومة، محافظ بنك الجزائر، القضاة، مسؤولو أجهزة الأمن، الولاة".
كما يعين رئيس الجمهورية في الجزائر وفق المادة ذاتها "سفراء الجمهورية والمبعوثين فوق العادة إلى الخارج، وينهي مهامهم، ويتسلم أوراق اعتماد الممثلين الدبلوماسيين الأجانب وأوراق إنهاء مهامهم.
أما عن تشكيل الحكومة، فقد ورد في المادة 93 من الدستور أن "يعين رئيس الجمهورية أعضاء الحكومة بعد استشارة الوزير الأول.، وينسق الوزير الأول عمل الحكومة، وتعد الحكومة مخطط عملها وتعرضه في مجلس الوزراء".
حالات استثنائية
وأعطى الدستور الجزائري صلاحية اتخاذ القرارات الاستثنائية لرئيس الجمهورية لكن بشروط محددة؛ مثل إعلان حالة الطوارئ أو الحرب.
وجاء في المادة 105: "يقرر رئيس الجمهورية، إذا دعت الضرورة الملحة، حالة الطوارئ أو الحصار، لمدة معينة بعد اجتماع المجلس الأعلى للأمن، واستشارة رئيس مجلس الأمة، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، والوزير الأول، ورئيس المجلس الدستوري، ويتخذ كل التدابير اللازمة لاستتباب الوضع، ولا يمكن تمديد حالة الطوارئ أو الحصار، إلا بعد موافقة البرلمان المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا".
أما المادة 107 فقد ورد فيها: "يقرر رئيس الجمهورية الحالة الاستثنائية إذا كانت البلاد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستوريّة أو استقلالها أو سلامة ترابها، ولا يتخذ مثل هذا الإجراء إلا بعد استشارة رئيس مجلس الأمة، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، ورئيس المجلس الدستوري، والاستماع إلى المجلس الأعلى للأمن ومجلس الوزراء، وتخول الحالة الاستثنائية رئيس الجمهورية أن يتخذ الإجراءات الاستثنائية التي تستوجبها المحافظة على استقلال الأمة والمؤسسات الدستورية في الجمهورية".
وفي "حالة الحرب"، جاء في المادة 109 من الدستور الجزائري أنه "إذا وقع عُدوان فعلي على البلاد أو يوشك أن يقع حسبما نصت عليه الترتيبات الملائمة لميثاق الأمم المتحدة، يُعلِن رئيس الجمهورية الحرب، بعد اجتماع مجلس الوزراء والاستماع إلى المجلس الأعلى للأمن واستشارة رئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس المجلس الدستوري، ويجتمع البرلمان وجوبا، ويوجه رئيس الجمهورية خطابا للأمة يُعلِمُها بذلك".