سر الـ140 عاما.. "شبه القارة" تهزم "التنين" في "موقعة سكانية" (تقرير)
1 من كل 3 أشخاص حول العالم يعيش في الهند أو الصين
لم تتوقف الهند عن إجراء التعداد السكاني منذ عام 1881، حتى مع ويلات الحرب العالمية الأولى والثانية، أو المجاعة الهندية في القرن الـ19.
لكن وللمرة الأولى منذ 140 عاما، توقفت الهند عن إجراء التعداد السكاني المعتاد كل 10 سنوات، ولم يأت التوقف بشكل واضح، إذ تم في البداية إعلان تأجيله عام 2021 نظرا لتبعات انتشار فيروس كورونا على أن يجرى عام 2022، ولكن انتهى ذلك العام أيضا بتأجيل التعداد مرة أخرى إلى عام 2024، وفي المقابل أجرت الصين تعدادها رقم 70 عام 2020 وأصدرت نتائجه عام 2021.
عدم إجراء التعداد مرتين ترك أثره على منظمة الأمم المتحدة التي باتت في حيرة من أمرها لعدم نجاحها في الوصول إلى عدد سكان الهند حاليا بشكل محدد، ما دفع الخبراء إلى إجراء معادلات سكانية، في محاولة للوصول إلى أقرب تعداد قد يقترب مع عدد سكان الهند.
تأجيل إعلان الأمم المتحدة
وأجلت منظمة الأمم المتحدة، الإعلان الذي انتظره العالم بأكلمه، الجمعة قبل الماضي، بتجاوز عدد سكان الهند لعدد سكان الصين، نتيجة عدم وجود بيانات بشكل رسمي، ما دفعها بعد ذلك بأيام إلى الإعلان الأربعاء الماضي، أن "تقديراتها تشير إلى تخطي الهند للصين كأكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان بحلول منتصف عام 2023".
وفقا لتقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان حول حالة سكان العالم، سيبلغ عدد سكان الهند 1.4286 مليار نسمة مقابل 1.4257 مليار نسمة في الصين منتصف العام الجاري، وأظهرت البيانات أن الولايات المتحدة تأتي في المرتبة الثالثة، حيث يقدر عدد سكانها بـ340 مليون نسمة، واشار التقرير إلى أن البيانات تعكس المعلومات المتاحة لها حتى فبراير 2023".
وتوقعت الأمم المتحدة أن تصل الذروة السكانية حول العالم إلى نحو 4.10 مليار نسمة على مستوى العالم بحلول عام 2080.
ووفقا لبيانات الأمم المتحدة، تجاوز عدد سكان العالم 8 مليارات نسمة في نوفمبر الماضي، في حين وصل إلى 6 مليارات نسمة عام 2000.
إجراءات التعداد السكاني في الهند
ويعتمد إجراء التعداد السكاني في الهند على الزيارات المنزلية المباشرة مع أفراد الأسر المختلفة لجمع معلومات صحيحة لا شك فيها، بجانب إجراء حصر لأعداد المتعلمين والحالة الصحية للسكان، وأعداد العاطلين عن العمل.
وتكمن صعوبة إجراء التعداد في دولة كبيرة مثلا الهند، ويطلق عليها شبه الجزيرة الهندية، في ضرورة وجود 3 ملايين شخص لزيارة كل الأسر الهندية في منازلها لإجراء تعداد سليم يوضح مستقبلا الخطط المفترض أن تضعها الدولة لبناء مدارس ومستشفيات وتحديد دوائر الانتخابات ومقاعد البرلمان.
ولتجنب الاعتماد على أرقام التعداد القديمة التي تعود لعام 2011، اعتمد علماء الديموغرافيا في الأمم المتحدة على مصادر أخرى للوصول إلى أقرب تعداد، مثل الأرقام التقديرية التي تم الوصول إليها بعد عملية مسح "عينة سنوية" من السكان على يد الحكومة الهندية، ولكن حتى هذه العينات لم يتم تحديثها حتى اللحظة.
عدم وجود بيانات رسمية هندية
وأكد المدير التنفيذي ورئيس قسم التقديرات والبيانات السكانية في الأمم المتحدة، باتريك جيرلاند، في تصريحات لـبي بي سي" أن المنظمة ليست لديها أي بيانات كاملة منشورة من قبل الحكومة الهندية منذ عام 2019، وعليه فإننا لا نمتلك أي بيانات رسمية حقيقية للأعوام 2020 و2021 و2022".
وأضاف: "ما لدينا مجرد افتراضات وتقديرات، قمنا بها في الأمم المتحدة بناءً على الماضي، وبناءً على مصادر مختلفة للمعلومات المتاحة حتى عام 2019 لاستقراء ما يمكن توقعه".
وأوضح الخبير الأممي أنه "لحساب عدد سكان بلد ما، يستخدم خبراء السكان الأرقام الرسمية للمواليد والوفيات وأعداد المهاجرين، أما بالنسبة للهند والصين، فإن أكثر ما يساهم حقاً في تغيير عدد السكان بشكل عام، هو عدد المواليد وعدد الوفيات الجديدة، ولكن بدون تعداد سكاني جديد، لا يمكن لأحد التأكد من تأثير وباء كورونا على أرقام عدد السكان".
أرقام افتراضية من الأمم المتحدة
وأعلن "جيرلاند" أن الأرقام التي توصلوا لها هي "افتراضات، قد نكون على صواب، وقد نكون مخطئين، خاصة عند الحديث عن موجات فيروس كورونا المختلفة لعدم توفر البيانات الحقيقية لدينا حتى الآن، قمنا ببعض التقديرات الأولية، أو سمها بعض الافتراضات الساذجة القائمة على معلومات مجزأة".
وأضاف: "اللحظة المحددة التي ستتجاوز فيها الهند عدد سكان الصين يمكن أن تحدث هذا الشهر (إبريل)، أو هذا العام، أو ربما تكون قد حدثت بالفعل".
وتقول الأمم المتحدة إن النمو السكاني ليس بالسرعة التي كان عليها من قبل، بل هو في أبطأ معدل له منذ عام 1950، ومن المقرر أن يصل إلى ذروته -كما تقول الأمم المتحدة- في حوالي عام 2080 عند تقريبا 10.4 مليار نسمة، رغم أن بعض الديموغرافيين يعتقدون أن ذلك يمكن أن يحدث في وقت أقرب من ذلك التاريخ، خاصة أن سكان العالم يتزايدون بشكل غير متساوٍ.
8 دول تقود الزيادة السكانية في العالم
وأشارت إلى أن أكثر من نصف النمو الذي سنشهده في الـ30 عاماً المقبل سيحدث في 8 دول فقط، هي جمهورية الكونغو الديمقراطية ومصر وإثيوبيا والهند ونيجيريا وباكستان والفلبين وتنزانيا.
وفي الوقت نفسه، تشهد بعض الاقتصادات الأكثر تقدماً في العالم انخفاضاً في عدد السكان حيث تنخفض معدلات الخصوبة إلى أقل من 2.1 طفل لكل امرأة، وهو ما يُعرف باسم "معدل الإحلال"، ويقول التقرير إن عدد السكان في 61 دولة سينخفض بنسبة 1٪ على الأقل بحلول عام 2050.
معدلات الخصوية في الصين
ومع واحد من أدنى معدلات الخصوبة في العالم (1.15 طفل لكل امرأة)، أعلنت الصين أن عدد سكانها من المقرر أن يبدأ في الانخفاض العام المقبل، في وقت أبكر بكثير مما كان يعتقد سابقاً، رغم تخلي الدولة عن سياسة الطفل الواحد عام 2016 وتقديم حوافز للأزواج لإنجاب طفلين أو أكثر.
ومع استمرار نمو عدد سكان الهند، من شبه المؤكد أن تتفوق على الصين باعتبارها الدولة التي تضم أكبر عدد من السكان في العالم.
ويعود الفضل في النمو السكاني العالمي إلى حد كبير إلى التطور الطبي وفي العلوم، ما يعني أن المزيد من الأطفال يعيشون حتى سن البلوغ، والمزيد من البالغين في سن الشيخوخة، ومن المرجح أن يستمر هذا النمط، مما يعني أنه بحلول عام 2050، سيكون متوسط العمر المتوقع العالمي عند حوالي 77.2 عاماً.
ارتفاع عدد سكان العالم فوق سن 65 عاما
لكن هذا النمط يتوقع أن يرفع نسبة سكان العالم الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً، أو أكثر من 10٪ هذا العام، إلى 16٪ في عام 2050. ومرة أخرى، سيكون التوزيع غير متكافئ مع وجود في بعض البلدان، في شرق آسيا وأوروبا الغربية، وهو ما يعني المزيد من التطرف في نسب الشيخوخة.
ويقدر عدد سكان الهند والصين بـ 1.4 مليار نسمة لكل دولة، ما يعني أن واحداً من بين كل ثلاثة أشخاص في العالم يعيش أما في الهند أو الصين.
وكانت الصين أكثر الدول اكتظاظاً بالسكان منذ أن بدأ الإحصاء السكاني قبل 70 عاماً، وبينما مؤسسات ومعاهد عدة، مثل معهد دراسة سكان العالم، تعتقد أن عدد سكان الهند قد تجاوز بالفعل عدد سكان الصين هذا العام، إلا أن الخبير الأممي في الأمم المتحدة غير متأكد تماماً من هذا الأمر، مبرراً ذلك بأن طبيعة ودقة المعلومات الموجودة لا تضمن أن يكون الافتراض صحيحاً ودقيقاً.
بيانات الأمم المتخدة تشير بما لا يدع مجالا للشك أن عدد سكان الصين بدأ في التراجع بالفعل العام الماضي وبسرعة أكبر من المتوقع، وأن عدد سكان الهند ينمو حتى اللحظة.
ويتوقع خبراء السكان في الأمم المتحدة، والمسؤولون عن تعداد السكان حول العالم، أن يبلغ عدد سكان الهند ذروته عند 1.7 مليار عام 2064، وبحلول ذلك الوقت سيكون العدد أكبر بنسبة 50% من الصين.
aXA6IDE4LjExNi44NS4yMDQg جزيرة ام اند امز