أعادت قرية بريطانية مصطلح "لاجئ المناخ" إلى التداول بعد أن قال خبراء بريطانيون إن سكانها مؤهلون ليكونوا أول لاجئي مناخ في بريطانيا.
ويشير مصطلح "لاجئي المناخ"، إلى أشخاص اضطروا إلى هجرة موطنهم الأصلي، بشكل مؤقت أو دائم، بسبب اضطراب بيئي، وهو ما سينطبق على قرية "فيربورن" بالساحل الغربي لويلز، والتي يرجح خبراء أنها لن تكون مكانا آمنا ولا مستداما للبقاء فيه بحلول عام 2054.
ويقول مارتن أوستن، الباحث في الديناميات الساحلية بجامعة بانجور في ويلز لـ "العين الإخبارية"، إن الاضطراب البيئي الذي يهدد القرية، يتمثل في ارتفاع مستوى سطح البحر بشكل سريع للغاية، لا يستطيع الخط الساحلي الطبيعي التجاوب معه.
ويمكن أن يستجيب الخط الساحلي الطبيعي لارتفاع مستوى سطح البحر وتآكل السواحل، بشرط ألا يكون الارتفاع سريعا للغاية، ولكن ما يحدث في فيربورن عكس ذلك، وهو ما ترتب عليه اتخاذ قرار بعدم الاستثمار في الدفاعات البحرية، والاقتصار على مراقبة وصيانة الدفاعات الساحلية الحالية على المدى القصير والمتوسط.
وفي المملكة المتحدة، تدرس إدارة السواحل الإقليمية (SMPs) مخاطر الفيضانات والتعرية بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، وتختار من بين مجموعة من الخيارات، بناء دفاعات بحرية جديدة، ولكن في حالة فيربورن، كان القرار أنه لن يكون آمنا ولا مستداما البقاء في القرية بحلول عام 2054.
وفي مطلع القرن العشرين، كانت فيربورن مجرد مجموعة من المنازل على ساحل جوينيد عند مصب نهر موداش، وعلى مدى المائة عام الماضية، توسعت القرية إلى حوالي 460 عقارًا، يبلغ عدد سكانها حوالي 700 نسمة وتشتهر بالسياحة.
وتم بناء فيربورن على سهل فيضان منخفض، وتقع القرية بين المنحدرات وحاجز الحصى الطبيعي الذي يضم جدارا بحريا، وهو معرض لخطر الفيضانات الساحلية والنهرية، ومع ارتفاع مستوى سطح البحر حول الساحل الويلزي، تتعرض القرية لخطر متزايد من الفيضانات الساحلية.
وبينما يعد ملف التكيف مع آثار التغيرات المناخية، أحد الملفات التي توضع دوما على مائدة قمم المناخ، فإنه في حالة قرية "فيربورن"، لن يكون بناء الدفاعات الساحلية دائما أفضل طريقة للتكيف، كما يؤكد أوستن.
ويضيف أن الانسحاب من الساحل، وحل المجتمعات، وهجر المنازل في حالة فيربورن سيكون هو الخيار الأفضل للتكيف.
ويعلق خالد عاشر، الباحث المتخصص بعلوم البحار بجامعة الإسكندرية المصرية على هذه الحالة قائلا، إن الوضع في بعض الدول قد يتجاوز تأثر قرية، إلى اختفاء مدن بأكملها، ما لم يتم السيطرة على تغير المناخ.
ويقول لـ"العين الإخبارية" إن "هناك عاملين رئيسيين يؤديان إلى ارتفاع متوسط مستوى سطح البحر، وكلاهما مرتبط بتغير المناخ، أولهما إضافة المياه العذبة إلى محيطاتنا من ذوبان الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية، والثاني تمدد مياه المحيط مع ارتفاع درجة حرارتها، نتيجة لارتفاع درجات حرارة الغلاف الجوي".
وارتفع المتوسط العالمي لمستوى سطح البحر في القرن العشرين أكثر من أي قرن آخر خلال الثلاثة آلاف عام الماضية، وكان معدل ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي في عام 2021 هو الأعلى على الإطلاق، وتشير آخر التقديرات إلى إمكانية حدوث ارتفاع عالمي يصل إلى متر واحد تقريبا بحلول عام 2100.
ويضيف أن "هذه التقديرات تقرع جرس إنذار بضرورة السيطرة على تغيرات المناخ، قبل أن نصل إلى مرحلة لا تجدي معها محاولات العلاج، حتى وإن رغبنا في ذلك".