تهدئة على خط النار.. هل تصمد هدنة الهند وباكستان؟

أثار إعلان الهند وباكستان عن اتفاقٍ لوقف إطلاق النار، لاحتواء أخطر موجة عنف بين الجارتين النوويتين دهشة الكثير من المراقبين.
وجاء الإعلان بعد 4 أيام من تبادل ضربات صاروخية مكثفة وصلت إلى عمق أراضي البلدين، وسط مخاوف دولية من انزلاق المنطقة نحو حرب شاملة، لا سيما مع امتلاك الطرفين ترسانات نووية متقدمة.
كما أثار الإعلان عن الهدنة جدلاً بعدما نسب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الفضل في الاتفاق إلى جهود دبلوماسية مكثفة قادتها واشنطن، عبر منشور على منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال".
وفيما سارعت الهند إلى نفي أي دور مركزي للولايات المتحدة، كشفت مصادر باكستانية لشبكة "سي إن إن" الأمريكية عن دور حاسم لوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في إنقاذ المفاوضات من الانهيار، عبر ضغوط مكثفة على نيودلهي.
جذور الأزمة: من هجوم يستهدف سائحين إلى حافة الحرب
وتعود شرارة التصعيد إلى هجوم مسلحين على مجموعة من السياح في منتجع "باهالجام" بكشمير الهندية، في 26 أبريل/نيسان الماضي، مما أسفر عن مقتل 26 شخصاً. واتهمت الهند باكستان بدعم "الإرهاب"، وردت بإطلاق "عملية سندور" العسكرية في 5 مايو/أيار الجاري، مستهدفة مواقع داخل الأراضي الباكستانية لأول مرة منذ عقدين.
وتصاعدت الضربات المتبادلة لتشمل قواعد عسكرية حيوية، مثل قاعدة "سيالكوت" الباكستانية وقاعدة "جورو" الهندية، مع إغلاق جزئي للمجالين الجويين وإجلاء آلاف المدنيين.
الدور الأمريكي: من التردد إلى الوساطة الطارئة
رغم تصريحات البيت الأبيض الأولية بعدم الرغبة في التورط، كشفت مصادر دبلوماسية عن أن معلومات استخباراتية عن نشر صواريخ باليستية قرب الحدود دفعت واشنطن للتحرك السريع.
ويعكس هذا التحرك مخاوف من تداعيات اقتصادية – خاصة مع استثمارات أمريكية في الهند تتجاوز 150 مليار دولار – وإدراكاً لخطورة المواجهة النووية المحتملة، حيث يمتلك البلدان 340 رأساً نووياً.
بيد أنه لم تمضِ ساعات على الاتفاق حتى تبادل الطرفان الاتهامات بانتهاكات على طول خط السيطرة في كشمير.
كما لا تزال الإجراءات العقابية قائمة، مثل تعليق التأشيرات والحظر التجاري الذي يؤثر على بضائع بقيمة 2.3 مليار دولار سنوياً.
ويُضاف إلى ذلك تعليق الهند مشاركتها في معاهدة "مياه السند" الموقعة عام 1960، مما يهدد الأمن المائي والزراعي الباكستاني.
ورغم ترحيب المجتمع الدولي بالتهدئة، يرى محللون أن الاتفاق هشّ بسبب جذور الأزمة غير المُحلّة. فالهند تشترط توقف باكستان عن "دعم الإرهاب" كشرط لأي حوار حول كشمير، بينما تسعى إسلام أباد لتدويل القضية.
وتظل الهدنة الحالية اختباراً لإرادة الطرفين، في ظل تاريخ من الاتفاقيات الهشة وغياب الثقة.
فقد كشفت الأزمة أن جذور الصراع – من سباق التسلح إلى النزاع على كشمير – أعمق من أن تُحل ببيانات دبلوماسية.
ورغم تعويل العالم على ضبط النفس، قد تكون الحلول الجذرية، مثل إشراف دولي على الحدود أو مبادرات لبناء الثقة، هي الطريق الوحيد لتفادي كابوس نووي يهدد المنطقة بأكملها.
aXA6IDMuMTQzLjI0LjE3NCA= جزيرة ام اند امز