صدمة في إندونيسيا.. تبرعات "بريئة" وراء عمليات إرهابية
أٌسقط في أيدي إندونيسيين دفعتهم البراءة إلى التبرع لسنوات، ليكتشفوا مصيرا صادما لأموالهم؛ إذ دخلت جيوب الإرهابيين، وأزهقت آلاف الأرواح.
فقد ساهم إندونيسيون أسخياء ببراءة في تمويل هجمات إرهابية بدون علم منهم، في عملية احتيال واسعة النطاق، تدر الكثير على جماعات إرهابية في هذا البلد الواقع في جنوب شرق آسيا.
صناديق بالآلاف
وصادرت الشرطة مقاطعة سومطرة الشمالية (شمال إندونيسيا) مارس/آذار الماضي، أكثر من 500 صندوق يشتبه في تمويلها منظمات مرتبطة بتنظيم داعش والقاعدة، الإرهابيّين.
هذه المصادرة جرت قبل أسابيع من قيام زوجين تابعين لتنظيم داعش الإرهابي بتفجير نفسيهما أمام كنيسة في جزيرة سولاويسي يوم الجمعة العظيمة هذا العام، ولم يكن ذلك سوى قمة جبل الجليد.
فالشرطة أعلنت أيضا أن ناشطا من "الجماعة الإسلامية" الإرهابية اعتقل السنة الماضية أقر بأن مؤسسة مرتبطة بالجماعة تملك أكثر من 20 ألف صندوق موزعة في البلاد.
وروى إرهابي "سابق" يدعى خير الغزالي لوكالة "فرانس برس" كيف أمضى أيامه في التجول بين المطاعم والمتاجر لوضع صناديق التبرعات مرتديا لباسا عاديا لتجنب الشبهات.
ويسرد كيف كان مارة يضعون عملات نقدية أو بعض الأوراق المالية ظنا منهم أنهم يساعدون المحتاجين والأيتام أو منظمات غير حكومية تساعد الفلسطينيين.
جرح بالي
لكن الصناديق التي أودعها هذا الإندونيسي تعود في الواقع الى "الجماعة الإسلامية" الشبكة التي تعتبر مسؤولة عن أسوأ هجوم إرهابي في البلاد، هي تفجيرات بالي عام 2002.
ويقول خير الغزالي (56 عاما) الذي يدير حاليا مدرسة دينية، ويساعد في وقف تطرف إرهابيين آخرين إن "الناس لا يستطيعون التمييز بين هذه الصناديق وصناديق تبرعات أخرى"، مشيرا إلى أن "الأموال التي يتم جمعها تستخدم بشكل عام في تمويل أنشطة إرهابية".
ولا يوجد رقم رسمي لعدد صناديق التبرعات الاحتيالية، لكن الخبراء يعتقدون أن هناك الكثير منها في مختلف أنحاء الأرخبيل الشاسع الذي يضم أكبر عدد من المسلمين في العالم.
وبحسب تقديرات الإرهابي "التائب" فإن صناديق التبرعات، يمكن أن تدر ما يصل إلى 350 دولارا، لكل منها في ستة أشهر.
تبرعات قطع الرؤوس
ولفت خير الغزالي إلى أن هذه المنظمات المتطرفة "يمكنها الاستمرار على مدى سنوات عبر جمع أموال بدون أن تلفت الأنظار".
وحول انتشار هذه الصناديق تقول سيدني جونز وهي خبيرة في شؤون الإرهاب: "هذا ليس شيئا جديدا، لكن واقع أننا انتقلنا الى نطاق واسع الآن هو الجديد في الأمر".
المحللة التي يوجد مقرها في جاكرتا؛ تقول إن غالبية المجموعات الإرهابية الإندونيسية تعتمد "بغالبيتها العظمى" على تمويل محلي لدفع تكاليف عملياتها، كما أنهم يمولون أنفسهم من خلال مؤيديهم مع جمع أموال على الإنترنت وتبييض الأموال.
ويوافق خير الغزالي الخبيرة في شؤون الإرهاب بالقول إن "الهجمات التي وقعت بعد تفجيرات بالي تم تمويلها بشكل أساسي من خلال صناديق التبرعات".
حصيلة هذا التمويل تقود إلى معسكرات تدريب للإرهابيين في إقليم أتشيه المحافظ، أو نحو إرهابيّين في شرق إندونيسيا، وهي مجموعة متهمة بقطع رؤوس مزارعين مسيحيين في جزيرة سولاويسي الشهر الماضي.
بعض الأموال تذهب إلى عائلات المتشددين المسجونين، أو الذين قتلوا، وتشتبه الشرطة في أنها أيضا تمول رحلات إلى سوريا.
صدمة المانحين
وغالبا ما ترتبط الصناديق الاحتيالية بمؤسسات تدعم جماعات متطرفة أو مؤيديها وهي مسجلة قانونيا.
ورغم أن تلك المؤسسات تعلن عن مداخيلها، ويذهب قسم منها بالفعل إلى الأعمال الخيرية؛ إلا أن الباقي يتم تحويله بسهولة أكبر إلى الجماعات الإرهابية؛ لأن المبالغ نقدية.
الخبير في شؤون الإرهاب في جامعة إندونيسيا رضوان حبيب يقول إن "أيتاما أو فقراء يستفيدون فعليا من هذه الصناديق لكن ذلك يشكل غطاء".
ومحذرا من "البراءة" التي يدفع بها الإندنوسيون أموالهم، يوضح الناشط السابق سفيان تساوري المطلع على سير عمليات التبرع: "يحب الإندونيسيون التبرع بالمال، فهم يقدمون بسهولة ألفي أو خمسة آلاف روبيه (10 إلى 25 سنتيم من اليورو)... لكنها قد تكون عادة خطيرة لأنه من غير المعروف كيف سيتم استخدام المال".
بالنسبة لبعض السكان في سومطرة الشمالية، فإن الاحتيال الذي شمل آلاف صناديق التبرعات الذي كشفت عنه الشرطة شكل صدمة.
وقالت سري مولياني وهي من سكان ميدان: "نيتي الوحيدة كانت مساعدة الآخرين من خلال التبرع بالمال" مضيفة "لم أعتقد أبدا أنها ستستخدم للإرهاب".
aXA6IDE4LjE5MC4yMTkuMTc4IA== جزيرة ام اند امز