الشراكة الصناعية بين الإمارات ومصر والأردن.. خارطة طريق للتكامل العربي (ملف خاص)
باتت الشراكة الصناعية بين، الإمارات والأردن ومصر، خطوة قوية وفي الاتجاه الصحيح نحو الاستدامة في قطاعات عدة وفي مقدمتها الصناعة.
وتم يوم الأحد الماضي، التوقيع على الاتفاق الخاص بالإعلان عن إطلاق مبادرة الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة، بحضور الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة في دولة الإمارات، ورئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ورئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة.
وتنسجم أهداف "الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة" مع "مبادئ الخمسين" لدولة الإمارات التي تتبنى نهجاً يركز على بناء الاقتصاد الأنشط في العالم .
ووقع الشراكة كل من الدكتور سلطان الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة بدولة الإمارات، ونيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة في مصر، ويوسف الشمالي وزير الصناعة والتجارة والتموين في الأردن.
وتشترك دولة الإمارات والأردن ومصر بتاريخ ممتد من العلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
كذلك تأتي الشراكة الصناعية التكاملية للتنمية المستدامة استمراراً وتعزيزاً لتلك العلاقات وتعد هذه الشراكة فرصة للدول الثالث لمواصلة استكشاف فرص الشراكة والاستثمار المشترك في المجالات الحيوية ذات الاهتمام المشترك.
وتهدف المبادرة للاستفادة من مجالات التكامل بين الإمكانات والقدرات والخبرات التي تمتلكها كل من الدول الثلاث في تطوير صناعات تنافسية ذات مستوى عالمي، وإتاحة فرص صناعية ذات قيمة اقتصادية، وتطوير المزيد من المشاريع الصناعية المشتركة في المستقبل، فضلا عن التقدم نحو الاكتفاء الذاتي، وضمان الأمن الغذائي والصحي.
ومن جانبها أعلنت دولة الإمارات، تخصيص صندوق استثماري تديره شركة "القابضة" ADQ بقيمة 10 مليارات دولار للاستثمار في المشاريع المنبثقة عن الشراكة مع مصر والأردن.
تتضمن الشراكة، الاستثمار في 5 قطاعات صناعية مشتركة من أجل تعزيز التنمية الاقتصادية، والتكامل الصناعي، وتكامل سلاسل القيمة بين الدول الثلاث.
وتعزز الشراكة الصناعية التكاملية الجهود الهادفة للاستفادة من المزايا الرئيسية في هذه الدول وأولوياتها، وتطوير المجالات الصناعية المؤهلة للتكامل، لما يؤدي إلى تعزيز التعاون وتطوير القدرة التنافسية في القطاعات الرئيسية، خاصة في ظل سجل حافل من الاتفاقيات بين الدول الثلاث.
وتتمثل الشراكة في 5 أهداف استراتيجية مشتركة، وهي السعي لتحقيق نمو قائم على الاستدامة، وتحقيق سلاسل توريد مضمونة ومرنة، وتطوير صناعات تنافسية ذات مستوى عالمي، وتعزيز قطاعات التصنيع ذات القيمة المضافة، وتعزيز نمو وتكامل سلاسل القيمة والتجارة بين البلدان الثلاثة.
تبلغ القدرة المجمعة للدول الثلاث من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 765 مليار دولار، وتبلغ قيمة الصادرات 419 مليار دولار، والواردات 380 مليار دولار.
وتتمثل المجالات الحيوية ذات الاهتمام المشترك في، الزراعة والأغذية والأسمدة، والأدوية والمنسوجات والمعادن، والبتروكيماويات.
وتتجاوز أبعاد الشراكة الصناعية التكاملية بين الإمارات ومصر والأردن، في المضمون والأهداف والنتائج المتوقعة، الشق الإنتاجي وإن كان الأبرز، لارتباطه بسلاسل الإمداد، والسعي إلى تحقيق الوفرة المحلية في البلدان الثلاثة، لتشمل العديد من الجوانب الاجتماعية والمعرفية، مثل إنتاج آلاف الوظائف، ونقل التكنولوجيا، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام، وهي صورة تحقق حالة من الاستقرار الذي يتطور مع الوقت إلى الازدهار النسبي في المنتجات التي تشكل أولوية وطنية، وقيمة مضافة، للإمارات ومصر والأردن.
وتشكل الدول الثلاث 26% من عدد السكان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث يزيد عدد سكانها على 122 مليون نسمة 49% منهم في مرحلة الشباب مما يعني وجود سوق كبيرة وأيد عاملة فتية.
كما تتميز هذه الدول بوجود بنية تحتية لوجستية متطورة تشمل المطارات والموانئ وممرات النقل الاستراتيجية مثل قناة السويس، إضافة إلى توفر حلول التمويل الذكي وشركات وطنية ذات قدرات متميزة في مجالات التركيز الأساسية للشراكة.
وفي ضوء المتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم، والتي تشكل نقصاً في سلاسل الإمداد للسلع الغذائية والدوائية، خصوصاً بعد درس جائحة كوفيد-19، وما تبعه من أزمة روسية أوكرانية، تنظر الدول الثلاث إلى الأمر على أنه خطوة متقدمة ومواكبة لتعزيز العمل العربي المشترك وهو الذي تعتبره الإمارات هدفا رئيسيا وضرورة، ضمن مستهدفات الدولة للخمسين عاماً المقبلة.
وتعزز الشراكة جهود الدول الثلاث في مواجهة التحديات المرتبطة بأزمة الغذاء فيما تشكل خطوة متقدمة وفعلية على صعيد التعاضد العربي ومصدراً لحضور وتأثير أكبر للدول الثلاث في العديد من القطاعات ذات البعد الاستراتيجي، إضافة إلى حجم التأثير الكبير للشراكة في دعم وتعزيز الجانب الاجتماعي عبر خلق فرص وظيفية مباشرة وغير مباشرة في الدول الثلاث، وانتهاءً بما تمثله الشراكة من خطوة متقدمة على طريق تعزيز التعاون بينها بعد أن قطعت أشواطاً متقدمة في العديد من المجالات.
وتركز الاتفاقية على قطاعات بالغة الحيوية تعد ذات تماس مباشر مع متطلبات الحياة اليومية لسكان الدول الثلاث فهي تستهدف رفع إنتاج القمح والذرة من 16.5 مليون طن إلى حوالي 30 مليون طن، وزيادة إنتاج الأسمدة والإعلاف لمواكبة النمو في قطاعات الألبان واللحوم والدواجن وتصنيع الأغذية فضلا عن مشاريع إنتاج الأدوية البديلة وتصنيع المكونات الفعالة للأدوية /المواد الخام/، إضافة إلى الألبسة والمنسوجات وغيرها من المجالات.
تكتسب الشراكة قوتها من الإمكانيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدول المنضوية فيها، والتي عقدت العزم على توحيد طاقاتها واستثمار قدراتها المختلفة لمواجهة ما تمر بها المنطقة، والانطلاق من المجال الصناعي نحو مرحلة جديدة من التنمية المستدامة في مختلف المجالات.
ولا شك أن تنامي القدرات المشتركة للدول الثلاث سيعزز من حضورها الإقليمي والدولي كلاعب أساسي في مختلف الأحداث والتطورات لاسيما في منطقة الشرق الأوسط، وسيعزز من موقعها نقطة ارتكاز إقليمية، حيث تسهم الشراكة في زيادة تأثير وحضور الدول الثلاث في السوق العالمي اعتماداً على التنوع الذي توفره على صعيد الإمكانيات والخبرات والخيارات الاستثمارية المنوعة.
كما تلعب الشراكة من خلال مجموعة الوظائف وفرص العمل التي ستخلقها في العديد من القطاعات البارزة دورا مهما في تعزيز بنيان ومناعة مجتمعات الدول الثلاث التي يصل إجمالي تعدادها السكاني إلى نحو 122 مليون نسمة نصفهم تقريبا من الشباب.
وتسهم المشاريع الأساسية التي ستنفذ بمقتضى الشراكة في دعم جهود توطين الصناعة والزراعة ورفع كميات الإنتاج المحلي في الدول الموقعة عليها، الأمر الذي يمكنها من زيادة الانتاج وتقليل الواردات وبالتالي توفير مقدار كبير من الميزانيات المرصودة للاستيراد ليتم استخدامها في مجالات أخرى تعزز من جودة حياة المواطنين.