خبراء: الشراكة الصناعية بين الإمارات والأردن ومصر خطوة نحو مستقبل آمن
أكد خبراء اقتصاديون أردنيون أن الشراكة الصناعية بين الدول الثلاث، الإمارات والأردن ومصر، تعد خطوة في الاتجاه الصحيح نحو الاستدامة في قطاعات عدة.
وشددوا في حديثهم لـ"العين الإخبارية"، على أن هذه الشراكة هي بوابة تشكيل تحالفات مهمة تخدم شعوب الدول وتشكل سورا يحميها من أي فوضى اقتصادية في العالم، خصوصا فيما يتعلق بالأمن الغذائي.
وتم يوم الأحد الماضي، التوقيع على الاتفاق الخاص بالإعلان عن إطلاق مبادرة الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة، بحضور الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة في دولة الإمارات، ورئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ورئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة.
وتهدف المبادرة للاستفادة من مجالات التكامل بين الإمكانات والقدرات والخبرات التي تمتلكها كل من الدول الثلاث في تطوير صناعات تنافسية ذات مستوى عالمي، وإتاحة فرص صناعية ذات قيمة اقتصادية، وتطوير المزيد من المشاريع الصناعية المشتركة في المستقبل، فضلا عن التقدم نحو الاكتفاء الذاتي، وضمان الأمن الغذائي والصحي.
وتأتي الشراكة، في الوقت الذي يعاني فيه الأردن تحديات اقتصادية صعبة، على الرغم من أن القطاع الصناعي الأردني يعد من القطاعات الهامة التي تساهم بجذب الاستثمارات.
ويساهم هذا القطاع، بنسبة تقارب 24% من الناتج المحلي الإجمالي، و90% من إجمالي الصادرات الوطنية، و70% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية، ويوظف نحو 21% من إجمالي القوى العاملة.
وقال نائل الكياريتي، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة الأردن، إن العالم اليوم ينظر للتحالفات الاقتصادية بشكل أكبر من التحالفات السياسية أو العسكرية.
وأوضح الكباريتي، أن الدول الثلاث تربطها علاقات مميزة على مستوى القادة والحكومات والشعوب، وأن التحالف الصناعي الأخير جاء من هذه العلاقات الطيبة بينها، الأمر الذي يشكل قوة لها وللمنطقة.
وأشار إلى أن كل دولة من الدول الثلاث، لها قوتها ومميزاتها ومواردها، حيث إن مصر تمتلك موارد غاز كبيرة وسوقا ضخما، والأردن يمتلك موارد كبيرة خاصة في الفوسفات والبوتاس والسيليكا واليورانيوم، فيما تتميز دولة الإمارات بالموارد الطبيعية القوية والتقدم العلمي والتكنولوجي والمالي.
ولفت إلى أن هذه المميزات، ولدى اجتماعها، تشكل قوة تكون أرضية لمبدأ التشاركية وليس التنافسية، تؤدي إلى وجود صناعات قوية وأسواق كبيرة مع القدرة على التسويق الخارجي.
ونوه الكباريتي، إلى أن القطاع الخاص الأردني يعول كثيرا على هذه الشراكة، متوقعا أن يكون لها مستقبل مميز وتؤدي إلى نمو اقتصادي ملحوظ.
وحول خفض نسب البطالة التي يعاني منها الأردن ومصر، أكد الكباريتي أن أي استثمار في أي مشروع صناعي أو تجاري أو سياحي، بحاجة إلى عمالة لبناء المشروع الذي يحتاج إلى سنوات من العمل، وبالتالي فإن هناك فرصة لاستقطاب الأيدي العاملة الماهرة.
وقال إن ديمومة المشروع وتشغيله يحتاجان إلى عمالة كفؤة، وبالتالي فإن أهم عامل لتقليل البطالة هو إنشاء مشاريع متعددة.
وشدد الكباريتي، إلى أن الكفاءات الأردنية تعمل منذ سنين طويلة في مختلف الدول العربية والأجنبية، وبالتالي فإن الدول الثلاث تمتلك قوى بشرية تستطيع الاعتماد عليها في أي مشاريع لاحقة.
وأشار إلى أن المشاريع المزمع تنفيذها لم تأت عند توقيع الشراكة، وإنما كانت هناك اجتماعات فنية وتنسيقية عديدة على مستوى عالٍ من الاحترافية مع خبراء وقادة وصناع قرار، درسوا مقومات كل دولة وإمكانية التوسع في المشاريع.
وأضاف الكباريتي، أنه فيما يخص الأردن كان هناك تركيز على مشاريع الفوسفات والبوتاس والطاقة المتجددة، بحيث تتشارك الدول الثلاث في هذه المشاريع بطرق وأساليب مختلفة.
وأوضح أنه ستكون هناك صناعات مختلفة على أراضي دول الأردن والإمارات ومصر، تحتاج إلى طاقات بشرية هائلة وخبرات يمكن استقطابها من الدول الثلاث.
وقال إنه تم تحديد وضع استراتيجية للوصول إلى إنشاء مشاريع متنوعة في الأردن، تتعلق بثلاث قضايا أساسية، وهي مشاريع الطاقة ومشاريع السيليكا ومشاريع الفوسفات والبوتاس، كما يتم دراسة إنشاء مشاريع أخرى بمشاركة لجان فنية أردنية وإماراتية ومصرية.
ووجه الكباريتي شكره إلى دولة الإمارات، لعطائها ومبادرتها المميزة في تخصيص 10 مليارات دولار لتمويل مشاريع الشراكة.
واعتبر أن المنطقة والعالم يسيران نحو تشكيل تحالفات سياسية ناتجة عن التوترات العسكرية، مبينا أنه لمواجهة هذا الأمر، يجب أن يتم إنشاء تكتلات على مختلف الصعد.
وقال الكباريتي، إن العلاقة الطيبة التي تربط القيادة في الأردن والإمارات ومصر تقويها العلاقات الاقتصادية، وإن التكتلات الاقتصادية هي التي تعمل على توحيد وتقوية التحالفات السياسية.
وأشار إلى أن أوروبا، على سبيل المثال، وعلى اختلاف توجهاتها السياسية، إلا أن ما يربطها ببعض هو التكتل الاقتصادي الذي يعمل على "تماسك" الدول بعضها ببعض.
وأضاف "خلال وجودنا في الإمارات، وجدنا روحا مختلفة اختلافا كليا، وهي التي تتجسد بالعمق العربي الأصيل والتوجه الاستراتيجي الواضح بتحقيق الحلم العربي القديم بالوحدة والتمسك بالدول بعضها ببعض".
ولفت الكباريتي إلى أن هناك احترافية كبيرة من قبل دولة الإمارات فيما يخص موضوع التحالف الاقتصادي، من خلال وضع المضمون والاستراتيجيات وآليات التنفيذ.
رئيس غرفة صناعة إربد، هاني أبو حسان، اعتبر أن الشراكة الصناعية التكاملية هي خطوة إيجابية جاءت في وقتها، خاصة في ظل الوضع العالمي الذي يدفع باتجاه إنشاء اتحادات بين الدول.
وقال أبو حسان، إن الحرب التي تدور رحاها في العالم حاليا، ليست حربا عسكرية بقدر ما هي حرب اقتصادية تركز على الأمن الغذائي، مشيرا إلى أن الدول العربية عليها أن تمتلك رؤى للاتحاد والتكامل في الشأن الاقتصادي.
وحول القطاعات الأقرب لتحقيق النمو المستدام الأسرع في إطار الشراكة، اعتبر أبوحسان، أن دول الأردن والإمارات ومصر تتميز بموارد وخامات طبيعية ضخمة، وإمكانيات في دعم الصناعات المتعددة إضافة إلى القوى البشرية الخبيرة والمهنية.
ولفت إلى أن القطاعات الأسرع نموا ستكون في البداية، الغذائية والدوائية والألبسة، إضافة إلى الصناعات الكيميائية.
واعتبر أبوحسان، أنه لتقليل نسب البطالة التي يعاني منها الأردن ومصر، أكد أبوحسان، أنه من الضروري أن تكون هناك دراسات حقيقية للوضع العام، بحيث لا يؤثر سلبا على أي بلد والعمل على ترحيل الخبرات بين الدول الثلاث.
وقال إن التكاملية هي خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح، وإن دول الأردن والإمارات ومصر ستتغلب على مختلف الصعوبات التي تواجهها في سبيل إنجاح هذه الشراكة خاصة أن التوجه العالمي أصبح الآن يسير نحو إنشاء اتحادات وتحالفات اقتصادية تضمن ديمومة واستقرار الدول.
ولفت أبو حسان، إلى أن وعي قادة دول الإمارات ومصر والأردن، بضرورة تأمين مستقبل شعوبهم، أدى إلى إنشاء هذه الشراكة التي لن تكون الأخيرة، داعيا إلى ضرورة أن يكون هناك اتحادات أخرى على مستوى الدول العربية وبالتالي فإن الشراكة الصناعية التكاملية هي خطوة مهمة لتحقيق حلم عربي قديم بأهمية الوحدة على مختلف الصعد.
وشدد على أنه لتحقيق الأهداف التي تسعى لها الشراكة، يجب توافر أدوات التي هي موجودة أساسا في الدول الثلاث، والعمل على إدارتها بالشكل الصحيح مع الإرادة بإنجاح التكاملية، مبديا تفاؤله بنجاح الاتفاقية والتأسيس لشراكات أخرى على منوالها.
بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي الصناعي، موسى الساكت، أن الاستثمار يأتي في وقت يواجه فيه العالم تحديات كبيرة على مستوى أزمة كورونا، وما ترتب عليها من أضرار جسيمة على اقتصادات الدول وخاصة الإقليم.
ولفت الساكت، إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية أثرت بشكل كبير على موضوع سلاسل التوريد وعلى تزويد المنطقة العربية بالغذاء والأسمدة وغيرها.
وبين أنه لا يمكن لأي دولة، كبُرت أم صغُرت، أن تعتمد على ذاتها فقط، من الولايات المتحدة إلى الصين وروسيا والدول الأوروبية.
وأشار إلى ضرورة أن يكون هناك تكامل في مختلف المجالات، وهو ما وصلت إليه الدول الثلاث، مؤخرا، في القطاع الاقتصادي.
وأكد الساكت، أن الشراكة الصناعية، هي بداية للتكامل خاصة في مجال الغذاء وتوفير السلع الأساسية، عبر تصنيعها في مصر على سبيل المثال وتوريدها للأردن، أو إنتاجها في الأردن وتوريدها لدولة الإمارات وما إلى ذلك.
واعتبر أن القطاعات التي ستكون أسرع نموا واستدامة عبر الشراكة، هي التي تعتمد على الموارد المتوفرة في الدول الثلاث، خاصة أن الأردن يمتلك صناعات تعدينية ودوائية وكيماوية وهندسية مميزة، إضافة إلى أن مصر لديها صناعات طاقة كبيرة وأراضٍ زراعية وفيرة وممتدة، فيما تمتلك دولة الإمارات التكنولوجيا الأساسية والنفط والغاز الضروري لتطوير مختلف الصناعات.
وشدد على أن القطاعات التي تستثمر الميزة التنافسية في هذه الدول، هي التي ستحقق النمو الاقتصادي المستدام.
وقال الساكت، إن الشراكة لن تعمل على تخفيض نسب البطالة إلى معدلاتها الطبيعية، إلا أنها ستساهم بشكل جزئي على خفض هذه النسب، عبر إنشاء شركات ومصانع تعمل على استخدام عمالة محلية التي تعتمد على حجم المشروع بالنهاية وقدرته على الاستدامة.
واعتقد الساكت، أن الشراكة تؤسس لخطوة مهمة نحو تشغيل العمالة الماهرة في الأردن ومصر، وبالتالي خلق فرص وظيفية أكبر.
ولفت إلى أن المشاريع الصناعية التكاملية، عمل عليها الأردن بشكل سابق عبر الاتفاقية التي وقعها مع مصر والعراق، وبالتالي فإن ما تريده الشعوب هو أن تلمس هذه المشاريع وأن تراها تقام على أرض الواقع وأن تكون جزءا منها، وأن يستمر العمل بأي مشروع يتم إقامته حتى وإن تعاقبت الحكومات خاصة في مصر والأردن.
وأبدى الساكت تفاؤلا وثقة كبيرة في سعي وجدية دولة الإمارات لإنجاح هذه الشراكة، خاصة أنها نجحت عبر عقود مضت في تنفيذ مشاريع ضخمة وارتقت على سلم درجات النجاح لتكون دولة مهمة في المنطقة والعالم.
aXA6IDE4LjIyNi4yMDAuOTMg جزيرة ام اند امز