"الكمامات".. من بداية إنتاجها حتى طريقة التخلص منها
الكمامات ظهرت قبل قرن في قسم كبير من شرق آسيا حيث بات وضعها عادة شائعة، ترسخت مع انتشار وباء سارس في 2002-2003.
أصبحت الكمامات رمزاً عالمياً لوباء "كوفيد-19" ووسيلة أساسية لاحتواء انتشاره، لكن ما هو مصدر الكمامات التي باتت تغطي الوجوه في جميع أنحاء العالم؟ وأين يعتبر وضعها إلزاميا؟ وكم هي كلفتها؟ وأين تنتهي بعد استخدامها؟.
في ما يلي بعض الإجابات على هذه الأسئلة، من بيروت إلى جوهانسبورج مروراً ببروكسل وهونغ كونغ.
وضع الكمامات عادة متباينة الانتشار
ظهرت الكمامات قبل قرن في قسم كبير من شرق آسيا حيث بات وضعها عادة شائعة، ترسخت مع انتشار وباء سارس في 2002-2003، ما جعل منها "غرضاً يومياً، يمكن اللهو بتنويعه وإعطائه طابعا شخصيا"، وفقا لاختصاصي الأنتروبولوجيا الطبية خريستوس لينتيريس.
ففي اليابان، ينتشر وضع الكمامات "الجراحية" في الشتاء والربيع، ويعتبر وسيلة لحماية الذات كما للحفاظ على صحة الآخرين.
أما في أوروبا فكان من النادر حتى الآن وضع كمامة للخروج، وخصوصا في فرنسا، ويكشف سوء استخدام الكمامات في بعض الدول عن عدم شيوعها، فيضعها البعض تحت الذقن أو تحت الأنف.
قواعد مختلفة
وضع الكمامات إلزامي أينما كان في بعض الدول وفي بعض الأماكن في دول أخرى، في حين اكتفت دول بإصدار توصية بهذا الصدد.
غير أن فرض الكمامات لا يكون ممكناً أحياناً، فإزاء الاستياء العام وتهديدات بعض السكان تحت شعار التمسك بالحريات الفردية، اضطر رئيس بلدية مدينة ستيل ووتر بولاية أوهايو الأمريكية إلى العدول عن فرض وضع الكمامات في المتاجر.
أما في النمسا، فيتحتم على المواطنين وضع الكمامات في وسائل النقل العام والمتاجر، كما أن وضع الكمامات إلزامي في وسائل النقل العام في فرنسا منذ 11 مايو/أيار، بعدما أعلنت السلطات في بادئ الأمر أنه ليس من الضروري وضع حماية، كما أن الكمامات لم تكن متوافرة بكمية كافية.
إنتاج غير كاف
هنا يكمن جوهر المشكلة، فالقسم الأكبر من الكمامات المستخدمة في العالم من إنتاج آسيا، وتحديدا الصين التي تصنع حوالي 50% من الكمامات الجراحية في العالم بحسب منظمة الصحة العالمية.
لكن بمواجهة تفشي وباء "كوفيد-19" قررت السلطات الصينية في مرحلة أولى الاحتفاظ بالكمامات لمواطنيها.
وقال ديفيد غيهو اختصاصي لوازم الحماية في مجموعة "دلتا بلاس" الفرنسية لفرانس برس: "حين ازدادت الحاجة إلى كمامات بشكل حاد في الصين، لم يعد يحق للمصانع المتعاقدة معنا في الصين التصدير".
وعندما عاودت الصين بيع الكمامات، كانت المنافسة على أشدها بين الدول المحتاجة إليها، وسجل نقص في مصر كما في إيطاليا وإسبانيا.
كمامات باهظة الثمن
مع تزايد الحاجة إلى الكمامات، ارتفعت أسعارها إلى مستويات باهظة، ففي لبنان، باتت أغلى بـ25 مرة مما كانت قبل الوباء، وفقا لنقابة مستوردي التجهيزات الطبية.
وفي جنوب أفريقيا، أحيلت شركتا سيكورو سيفتي وهينوكس سابلايز إلى محكمة المنافسة لزيادة أسعارهما إلى حد يصل إلى ألف بالمئة.
وفي العراق، قال سيد علي الصيدلاني في أحد أحياء بغداد الشعبية: "كان سعر علبة تحتوي على 50 كمامة جراحية يتراوح من قبل بين 2500 و3000 دينار (2 إلى 2,5 يورو)، أما اليوم، فسعرها 30 ألف دينار (حوالى 25 يورو).
وأدت الأزمة إلى ازدهار الاتجار على أنواعه والتقليد على الإنترنت، إضافة إلى تسجيل سرقات في صيدليات وحتى داخل مستشفيات.
وعاودت الصين إنتاج الكمامات بشكل مكثف فصدرت أكثر من 21 مليار كمامة بين مطلع مارس/آذار و25 أبريل/نيسان كما باشر صناعيون في جميع أنحاء العالم صناعة الكمامات.
ففي المغرب، ينتج عشرون مصنعا أكثر من عشرة ملايين كمامة في اليوم، وفق ما أفاد وزير الصناعة مولاي حفيظ العلمي.
أما في فرنسا، صادرت الحكومة إنتاج مصانع محلية، كما انطلق بعض الصناعيين في إنتاج الكمامات، وحددت السلطات سعر الكمامة بما لا يزيد عن 52 سنتا في فرنسا وخمسين سنتا في إيطاليا.
وفي المغرب، تباع الكمامات بما يوازي 8 سنتات للوحدة، وسعرها مدعوم من صندوق خاص للطوارئ أمر العاهل المغربي الملك محمد السادس بإنشائه.
بموازاة ذلك، انتشر في عدة دول استخدام الكمامات من القماش التي تصنعها خياطات في غالب الأوقات، وشركات أحياناً.
أين تنتهي الكمامات؟
لم تصدر الكثير من الدول أي تعليمات محددة بهذا الصدد، فيتم رمي الكمامات مع النفايات المنزلية، وهو ما يحصل في شرق آسيا، وما تأمر به السلطات في بعض الدول مثل إسبانيا.
أما في فرنسا، فأوصت شركة سيتيو المتخصصة في إعادة تدوير المواد البلاستيكية، بـ"رمي المحارم والكمامات والقفازات في كيس من البلاستيك مخصص لها".
وبعد ذلك يتم "إغلاقه بعناية والاحتفاظ به 24 ساعة ثم رميه في كيس النفايات الذي يتم إغلاقه بدوره" قبل رميه مع النفايات المنزلية لحرقه، وهي آلية معقدة تتطلب استخداما مكثفا للأكياس البلاستيكية.
لكن الكمامات تنتهي في العديد من البلدان مرمية في الشارع أو في الطبيعة، بدون أكياس نفايات خاصة ولا عمليات فرز متطورة.
وفي هونج كونج، نددت منظمة "جرينبيس" منذ مطلع مارس/آذار بالكمية المتزايدة من الكمامات والمحارم المرمية في المنتزهات، فيما أفادت جمعية "أوشنز آجيا" الآسيوية للحفاظ على المحيطات عن كمية كبيرة من الكمامات التي يرميها الموج على شواطئ في الصين.
ويؤدي الاستخدام المكثف للكمامات إلى تبعات جسيمة على البيئة، فحذر مركز "إيرث.أورج" للدراسات بأن الكمامات الجراحية مصنوعة بشكل أساسي من البوليبروبيلين، وهي مادة بالغة الكثافة "تضمن بقاءها لفترة طويلة حين يتم رميها في مكبّ أو في المحيط".
لكن كيف يمكن تفادي وضع الكمامات الوحيدة الاستخدام إزاء الوضع الصحي الذي يفرض استخدامها؟ يتقصى علماء خيارات محتملة لتعقيم الكمامات الجراحية بغية إعادة استخدامها، سواء من خلال غسلها بدرجات حرارة تصل إلى 95 درجة مئوية أو معالجتها بالبخار أو تعريضها لأشعة جاما.