التضخم في أمريكا يشعل قلق المصريين.. علاقة متوترة بين الدولار والجنيه
من بين مؤشرات عديدة يتابعها المواطن المصري المهتم بحالة الاقتصاد ومستقبله في البلاد، دخل معدل التضخم في أمريكا ليحتل مكانة بارزة!
يتابع المصريون بشغف أسعار الدولار لمعرفة مدى الزيادة المتوقعة أو الاستقرار في أسعار السلع المستوردة، ويهتمون بمعرفة نسب التضخم وحالة الديون وقيمة الاحتياطي الأجنبي في البنك المركزي لمعرفة القيمة الحقيقية لرواتبهم الآن وفي المستقبل القريب.
- الجنيه المصري أمام أصعب اختبار منذ 2016.. تعويم جديد "على نار هادئة"
- الجنيه المصري يتراجع أمام الدولار إلى أقل مستوى في 5 سنوات
يحرص المصريون أيضا على معرفة أسعار الذهب للاطمئنان على مدخراتهم الصغيرة، ومؤخرا صاروا يتابعون أسعار النفط العالمية لمحاولة توقع أسعار البنزين والوقود في بلادهم.
ولكن، منذ وقت قريب دخل "معدل التضخم الأمريكي" أيضا في حسبة "برما" التي يتابعها المستهلك المصري لمحاولة معرفة مستقبل مدخراته أو حاضر إنفاقه.
وليس هذا مستغربا في ظل تأثير سريع مباشر شعر به المصريين في حياتهم الشخصية، وكان السبب وراءه معدل التضخم في أمريكا.
كيف يؤثر التضخم الأمريكي على المصريين؟
مع بداية عام 2022 وعودة النشاط الاقتصادي في ظل انحسار جائحة كورونا، أخذ التضخم وضعا هجوميا في الولايات المتحدة متخطيا حواجز تاريخية كبيرة.
في هذه الأثناء، كان مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) يفكر ويستعد للتحول من النقيض إلى النقيض، إذ إنه كان يتبع سياسة تيسيرية تنعدم تقريبا فيها أسعار الفائدة ويزيد فيها إنفاق البنك لتحفيز الاقتصاد، وهي سياسات كان يتبعها للتصدي لتداعيات كورونا.
ولكن المركزي الأمريكي، الذي يُتهم بأنه تأخر في تنفيذ السياسات العكسية حتى وصل التضخم إلى مستويات قياسية، تحرك بشكل متطرف في الأشهر الأخيرة معلنا عن زيادتين كبيرتين في أسعار الفائدة في محاولة لكبح التضخم.
تفعل أمريكا ما تراه مناسبا للحفاظ على سلامة اقتصادها، لكن صدى ما تفعله يتحول إلى ضغوط كبيرة في بلاد تبعد عنها بآلاف الأميال.. هذا ما حدث مع مصر.
الجنيه يدفع ثمن "الفائدة الأمريكية"
تشكل تدفقات المستثمرين الأجانب على سندات الخزانة المصرية مصدرا هاما وحاسما في بناء مصادر مصر من النقد الأجنبي.
وقد جاءت هذه التدفقات تحديدا، لأن مصر شهدت في سنوات ما بعد التعويم تقديم "أعلى فائدة حقيقية" في العالم، وهو الأمر الذي أغرى المستثمرين الذين يريدون العائد الثابت المرتفع والمستقر، ولا يهابون اقتحام الأسواق الناشئة.
لكن هذا المصدر الرئيسي لتدفقات النقد الأجنبي واجه زلزالا حقيقيا في 2022، عندما قرر البنك المركزي الأمريكي رفع أسعار الفائدة، الأمر الذي أعاد لسندات الخزانة الأمريكية رونقها، وأخل بالموقف المتميز للسندات المصرية.
سرعان ما تحولت التدفقات الأجنبية إلى العكس، وخرجت بالمليارات تاركة مصر ومتأملة في عوائد مستقرة ومرتفعة نسبيا وأقل مخاطرة كونها بالدولار الأمريكي.
وكرد فعل مباشر لتراجع حجم ما تملكه مصر من دولارات، تراجعت قيمة الجنيه تدريجيا حتى وصل إلى أدنى مستوى له منذ عام 2017.
ويعد تراجع الجنيه واحدا من أكثر الضغوط التي تستنزف مدخرات المصريين وقدراتهم الشرائية.
أين وصل التضخم الأمريكي؟
حتى الآن لا تزال معضلة أمريكا التضخمية غير قابلة للحل، وبالتالي يخشى المصريون من العواقب.
تسارعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة في مايو/أيار، حيث وصلت أسعار البنزين إلى مستوى قياسي وزادت تكلفة المواد الغذائية، ليسجل التضخم أكبر زيادة سنوية فيما يقارب 40 عاما ونصف عام.
ويشير هذا إلى أن مجلس الاحتياطي الاتحادي قد يمضي في رفع أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس حتى سبتمبر أيلول لمكافحة التضخم.
وعكست الزيادة الأسرع من المتوقع للتضخم الشهر الماضي والتي أعلنت عنها وزارة العمل يوم الجمعة الماضي، ارتفاعا في الإيجارات، والتي زادت بأكبر قدر منذ عام 1990.
aXA6IDMuMTYuMTM1LjIyNiA= جزيرة ام اند امز