الابتكار ونمو الأعمال في عالم متقلب.. وصفة "دافوس"

في أوقات الأزمات والاضطرابات، تقوم العديد من المنظمات بالتحصن بمختلف السياسات؛ حتى تتجاوز فترات اقتصادية غير متوقعة.

وبالنظر إلى السنوات الثلاث الماضية من الاضطراب الاقتصادي والاجتماعي المستمر، ربما يكون العالم قد دخل حقبة أعمال جديدة مكتظة بتغييرات جذرية وتحديات منهجية. في هذه البيئة الجديدة، ربما لن تساعد إجراءات الكفاءة وحدها الشركات على البقاء أو النمو.

وقد كشف المنتدى الاقتصادي العالمي في تقرير صادر عنه في 19 يناير/كانون الثاني 2023، تحت عنوان: "بناء أعمال جديدة.. النمو والابتكار في عصر متقلب"، أن الذين ينجحون في بيئة مضطربة باستمرار هم أولئك الذين ينتقلون بجرأة إلى -ويخلقون- فرص نمو جديدة وأعمال تجارية جديدة. سيكون الفائزون هم أولئك الذين سمعوا مقولة "ما أتى بك إلى هنا لن يوصلك إلى هناك" (شكرًا لك، مارشال جولد سميث الخبير العالي في قيادة الأعمال والتنمية البشرية)، وسوف يستفيدون ويغيرون مؤسساتهم للوصول إلى هناك بالفعل. وتتمتع الشركات القائمة التي تنشئ مشاريع جديدة ناجحة بفرصة القفز على منافسيها -وإعادة تشكيل مستقبلها.

• تصريحات لاغارد في دافوس "صادمة" لأسواق أوروبا.. مسرورة وسأواصل الكفاح
  

ووفق "دافوس"؛ يمكن أن تكون فوائد اتباع نهج جريء عالية، لا سيما بالنسبة للشركات الكبيرة القائمة؛ حيث قد تصل الإيرادات المعرضة للخطر المتوقعة من بناء الأعمال الجديدة إلى 30 تريليون دولار بحلول عام 2027 وأولئك الذين يمنحون الأولوية لهذا النوع من ريادة الأعمال هم أكثر عرضة بثلاث مرات تقريبًا تجربة نمو بأكثر من 10% فوق معدلات السوق.

سريعة ودائمة.. شعار بناء أعمال جديدة

تؤكد المنظمات المرنة على التكيف التنافسي والسرعة والابتكار في مواجهة الاضطرابات؛ أنه بعد عدة سنوات من التحديات غير المتوقعة، تستمر الفجوة الآخذة في الاتساع في أداء الشركات في النمو.

ولتحقيق مكاسب، أفاد بعض قادة الأعمال العالمية ببناء أعمال جديدة بنسبة 50% أكثر سنويًا مما فعلوه قبل عامين إلى خمسة أعوام. يقابل هذا الارتفاع في التردد التسارع الكبير في إطلاق المنتجات والخدمات الرقمية الجديدة في السوق منذ بداية جائحة "كوفيد-19".

وكلما زاد عدد الشركات الجديدة التي تبنيها المنظمة، كان ذلك أفضل. وتظهر أبحاث شركة الاستشارات العالمية "وود ماكنزي" أن بناة الأعمال المتسلسلة يمكن أن تضاعف احتمالية تحقيق عوائد أعلى (خمسة أضعاف أو أكثر من استثماراتهم). ليس من المستغرب أنه في عام 2022، ذكر ثمانية من كل عشرة مدراء تنفيذيين شملهم الاستطلاع أن بناء الأعمال الجديدة يمثل أولوية قصوى.

• "دافوس" يتزين بتجربة الإمارات الرائدة في تصميم المستقبل
  

بالإضافة إلى ذلك، فإن توقعات الإيرادات من بناء الأعمال الجديدة أعلى من أي وقت مضى لتعويض الخسائر من الأسواق الأكثر تقلبًا وسريعة التغير. لتلبية الطلب المتزايد، ستحتاج المؤسسات إلى مضاعفة المعدل الحالي لبناء الأعمال.

تحقيق القيمة من بناء الأعمال الجديدة

ويقدر المنتدى الاقتصادي العالم أنه قد تم استثمار أكثر من 800 مليار دولار في أعمال جديدة من قبل كبار الشركات خلال 2021، وهذا الرقم يتجه نحو الارتفاع؛ حيث يتطلع 63% من قادة الأعمال الذين شملهم الاستطلاع إلى زيادة الاستثمار في بناء أعمال جديدة.

اليوم أصبح التساؤل الملح، هو: كيف وأين يقرر الرؤساء التنفيذيون الاستثمار خلال الأوقات المتقلبة؟ وأي من نماذج الدعم التي يطبقونها، ستحدد فرصة مؤسستهم في النجاح؟ لذلك؛ حدد منتدى "دافوس" خمسة عوامل لبناء الأعمال:

1- البناء على نقاط القوة الموجودة: لتعزيز قدرات ريادة الأعمال وبناء الأعمال الجديدة، يجب أن تركز المؤسسات القائمة على مزاياها مثل الحجم، والعلامة التجارية، والبيانات والعملاء. وأيضًا اختبار الافتراضات بسرعة مع الأصول الحالية والتعلم أثناء التنقل يمكن أن يوفر السرعة والرشاقة اللازمتين للتركيز في ظل ظروف سريعة التغير.

2- اتخاذ خطوات نحو الاستدامة: يجب أن تتغير جميع القطاعات للوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري؛ حيث ستفتح ديناميكيات الصناعة أسواقًا جديدة وتقلب أسواقًا أخرى. إن اللعب بالخطوات الجريئة في بناء الأعمال الخضراء سيفصل الفائزين عن الناجين. بالفعل، تخطط حوالي ثلث المؤسسات التي شملتها الدراسة لبناء أعمال تركز على الاستدامة في السنوات الخمس المقبلة.

3- التعامل مع الأعمال المرنة: تسمح الأعمال التجارية المضادة للدورة الاقتصادية والخفيفة التي تلبي احتياجات الأسواق أو العملاء ذات الطلب المتزايد وغير المرن نسبيًا للشركات القائمة بالتغلب على التقلبات الدورية وتوفير شبكة أمان مالية. قد يكون تحديد فرص العمل التي تواجه عددًا أقل من الرياح المعاكسة على المدى القريب مثمرًا أيضًا. على سبيل المثال استكشاف نماذج الأعمال الدائرية التي لا تتأثر باضطرابات سلسلة التوريد.

4- إطلاق المزيد من المسرحيات التقنية: يميل أصحاب الأداء الأفضل إلى مضاعفة التكنولوجيا. في استطلاع حديث أجرته شركة "ماكنزي"، أفاد قادة الأعمال بأن البيانات والتحليلات والمنصات الرقمية ستكون الموجة التالية من الأعمال الجديدة. وقد زاد تبني الأعمال التجارية العالمية للذكاء الاصطناعي بشكل كبير منذ عام 2017، من 20% إلى 50%، مع توقع 63% من الشركات أن يزداد الاستثمار في الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الثلاث المقبلة.

5- التمويل الخارجي: الميزانيات الداخلية هي الطريقة الأكثر شيوعًا لتمويل بناء الأعمال الجديدة، لكن أيضًا من الضروري توفير مصادر خارجية للتمويل، بما في ذلك رأس المال الاستثماري والأسهم الخاصة والمنح. ومن المثير للاهتمام، أن المستجيبين التجاريين الجدد الذين يقولون إنهم حققوا أو تجاوزوا توقعات المؤسسات فيما يتعلق بالحجم أو النمو، من المرجح أن يكونوا قد تلقوا تمويلًا خارجيًا. ميزة واحدة للتمويل الخارجي منفصلة عن الاستثمار الفعلي -يمكن لشركات رأس المال الاستثماري أن تشجع المزيد من الانضباط، وكفاءة الموارد، وربما الانفصال عن الجوهر- وكلها مفاتيح للنجاح في ريادة الأعمال المؤسسية.

وفي النهاية، تسببت الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية الأخيرة في تعثر العديد من المنظمات وحتى الفشل. لكن إذا كانت هناك رغبة حثيثة لدخول حقبة جديدة في مجال الأعمال؛ حيث تصبح الحالة المستقرة قد عفا عليها الزمن ويتم استبدالها بحشد دائم من أجل ميزة تنافسية، فإن الشركات المرنة ستحتفظ بزمام القيادة بقوة.