ضمن ابتكارات الحكومات الخلاقة.. مكافآت صحية ومدن صديقة لأصحاب الهمم
فرض التسارع الكبير للتطور التكنولوجي خلال العقود القليلة الماضية جملة من التحديات التي تركزت على مستقبل الإنسان في مختلف المجالات
فرض التسارع الكبير للتطور التكنولوجي خلال العقود القليلة الماضية جملةً من التحديات التي تركزت على مستقبل الإنسان في مختلف المجالات، وأثار نقاشا عالميا متصاعدا بشأن آثار التكنولوجيا على صحة الإنسان، فيما تقدم الابتكارات المبنية على التكنولوجيا المتقدمة حلولا لكثير من التحديات الصحية التي فرضها نمط الحياة الحديث، وتطور وسائل مستقبلية لتعزيز الصحة والارتقاء بجودة حياة الإنسان.
وشكّل تأثير التكنولوجيا على صحة الأفراد صورة سلبية لأفراد يعانون من السمنة المفرطة وضعف البنية الجسمانية والانعزال خلف شاشات الأجهزة الذكية مثل الهواتف المتحركة وأجهزة التلفاز الذكية، لكن لكل أمر وجهان أو أكثر، فهل هناك جانب إيجابي لهذه الصورة؟ وهل يمكن للتكنولوجيا أن تكون صديقا للإنسان تساعده في الحفاظ على صحته وتعزيز حركته وتنقله ورفع مستويات لياقته لينعم بالحياة؟ هذا ما عكف على اكتشافه ودراسته خبراء من مؤسستين حكوميتين في كندا وهولندا، وتم التعريف بابتكاراتهما لخدمة الإنسان في ابتكارات الحكومات الخلاقة ضمن فعاليات القمة العالمية للحكومات في دورتها السابعة.
وابتكرت هيئة الصحة العامة في كندا فكرة لتحفيز أفراد المجتمع على ممارسة المزيد من النشاط البدني من خلال تطبيق ذكي يدعى "كاروت ريوردز" Carrot Rewards، يتم من خلاله منح المستخدمين نقاط ولاء عن كل خطوة يخطونها بهدف تحفيزهم وتوعيتهم بأهمية اتباع نمط حياة صحي، كما يمكنهم استبدال تلك النقاط في مرافق الشركاء مثل محطات الوقود، والأماكن الترفيهية، وغيرها.
ووظفت هذه المبادرة المبتكرة مبادئ الاقتصاد السلوكي والتكنولوجيا وبرامج ولاء المتعاملين، ونجحت في استقطاب أكثر من مليون مستخدم، وتقوم رسالة المبادرة على علم سلوكي يستخدم مبدأ "المكافأة" لتحفيز أفراد المجتمع ذهنيا وبدنيا.
وجاء هذا الابتكار بعدما لاحظت الحكومة الكندية ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، إذ كشفت الدراسات التي أجرتها هيئة الصحة أن زيادة أعداد الأشخاص الحريصين على ممارسة النشاط البدني بنسبة 1% فقط ستوفر 2.1 مليار دولار من تكاليف الرعاية الصحية سنويا.
ونتج عن هذا التطبيق المبتكر نجاح الحكومة الكندية خلال عام واحد في رفع مستوى وعي الأفراد بالمخاطر المرتبطة بضعف مستويات النشاط البدني بنسبة 29% وزيادة النشاط البدني للأفراد بنسبة 34%.
وبما أن نصف سكان عالمنا أصبحوا من سكان المدن، ترى حكومات المستقبل ضرورة إشراك سكان المدن في تصميمها حتى تكون شوارعها وتقاطعاتها وميادينها بيئة صديقة للمشاة حتى تساعدهم على المشي بحرية وأمان، بما يعزز صحتهم، ويخفض الآثار البيئية والصحية المترتبة على تلوث المدن الناجم عن المركبات والازدحام المروري.
وقد تبنت مدينة تيلبورغ في هولندا هذا التوجه الذي يركز على جودة حياة مواطنيها، لتحسين مستوى السلامة على الطرق في المناطق المزدحمة باستخدام "تطبيق عبور المشاة".
ويوظف التطبيق المبتكر تكنولوجيا الهواتف الذكية والنظام العالمي لتحديد المواقع "GPS" وأجهزة استشعار ذكية ترسل تعليمات لإشارات المرور على الشوارع والتقاطعات لمنح كبار المواطنين وأصحاب الهمم وقتا إضافيا لعبور الطريق.
وترسخ هذه المبادرة دور الابتكار في دعم جهود الحكومات لتعزيز أمن مستخدمي الطريق ومواكبة احتياجات الأفراد المختلفة وتوفير تخطيط عمراني ذكي يشجع سكان المدينة على المشي والتنقل الصديق للبيئة كبديل للتلوث البيئي الناجم عن المركبات.
وتعزز هذه الأفكار والحلول المبتكرة لخدمة الإنسان في مدن ومجتمعات المستقبل رسالة القمة العالمية للحكومات الموجهة لخدمة وخير البشر، وترسخ ريادتها وموقعها كمختبر عالمي مفتوح لتبادل الأفكار والخبرات وعرض قصص النجاح الملهمة والمبادرات الحكومية الناجحة من أجل عالم أفضل وغد واعد للإنسان.
aXA6IDMuMTM2LjIyLjIwNCA= جزيرة ام اند امز