الحشرات تواجه أسوأ انقراض منذ اختفاء الديناصورات
دراسة حديثة خلصت إلى أنَّ أكثر من 40% من أنواع الحشرات مهددة بالانقراض، ويضاف كل سنة نحو 1% منها إلى هذه القائمة.
قبل 30 عاماً، اعتُبِرت مجموعة من الباحثين "غريبة الأطوار" لنصبها الفخاخ والمصائد في بلدة كريفلد الألمانية الريفية بهدف جمع ملايين الحشرات والزواحف، أما اليوم فقد أصبحت تملك كنزاً علمياً يحمل دلالات على أسوأ انقراض لهذه المخلوقات منذ اختفاء الديناصورات.
يقع مقر جمعية "علم الحشرات للهواة" في كريفلد الواقعة عند الحدود مع هولندا، وهو مبنى مدرسة سابقة تغطي نوافذها ستائر سميكة لتحجب أشعة الشمس.
وفي قلب خزائن زجاجيّة آلاف الفراشات التي ابيضّت أجنحتها مع مرور الوقت، جنباً إلى جنب مع خنافس بحجم قبضة اليد، ويعاسيب جمعها هواة من أنحاء العالم.
وقال رئيس هذه الجمعية مارتن سورج إنَّه جمع هو وفريق كبير من المتطوعين على مر السنين ما يصل إلى 80 مليون حشرة تطفو حالياً في عدد لا يحصى ولا يعد من زجاجات الإيثانول.
وأضاف: "منذ عام 1982، وحّدنا المصائد التي نصنعها بأنفسنا بالحجم والمادة نفسها ووضعناها في 63 موقعاً، والنتيجة كانت كنوزاً من البيانات الكمية".
لكن رغم فخره الواضح بهذه البحوث، فإنَّ النتيجة ترعبه، فخلال فترة الاختبارات، انخفضت الكتلة الحيوية الكلية للحشرات الطائرة بنسبة 76%.
وبهدف إظهار التراجع السريع لأعدادها، يحمل هذا الباحث زجاجتين: واحدة تعود إلى عام 1994 تحتوي على 1400 جرام من الحشرات، وواحدة تعتبر من الأحدث تحتوي على 300 جرام فقط من هذه الكائنات.
وأوضح سورج: "أدركنا خطورة هذا الانخفاض في عام 2011، ومنذ ذلك الحين رأينا الأمر يزداد سوءاً"، مشيراً إلى أنَّ هذه الأخبار لم تؤد إلى ردات فعل كبيرة خارج الأوساط البيئة حينها.
وأوضح أنّ الاهتمام بفقدان التنوع البيولوجي كان مركزاً بشكل خاص على أنواع الثدييات الكبيرة، لافتاً إلى أنَّ رصد الحشرات في كريفلد اعتبر أمراً غريباً تمَّ تجاهله إلى حد كبير من قبل المجتمع العلمي.
وفي عام 2011 أيضاً، وعلى مسافة بضعة كيلومترات كان أستاذ البيئة هانز دي كرون يعمل على تدهور أعداد الطيور في المنطقة.
وافترض أن الطيور تعاني من نقص في الغذاء، خصوصاً الحشرات، لكن لم يكن يملك بيانات تثبت ذلك.
وقال: "اتصل زملاؤنا الألمان من كريفلد وقالوا (لدينا البيانات، لقد شهدنا انخفاضاً حاداً في عدد الحشرات ونحن قلقون جداً، هل يمكنك تحليلها؟) وهكذا بدأ الأمر".
وخلال البحث عن السبب، وفّر محيط كريفلد بعض الأدلة، فمن مسافة بعيدة، تطلق المداخن الصناعية سحباً من الدخان.
وقال كرون: "يجب أن ندرك أن مساحة طبيعتنا هنا في أوروبا الغربية تقلّصت، ولا تستطيع الحشرات الحصول على الطعام في الحقول الزراعية".
وأضاف: "مناطق الطبيعة أصبحت معزولة أكثر فأكثر، وبالتالي لا يمكن أن تنتقل الحشرات من منطقة إلى أخرى، فهي بعيدة جداً عن بعضها البعض".
وتابع: "السبب الدقيق وراء هذا التراجع الدراماتيكي للحشرات لم يتضح بعد، فالسبب هو من صنع الإنسان، ليس هناك شك في ذلك، إن خوفنا الأكبر هو الوصول إلى نقطة اللاعودة، وهي خسارة دائمة للتنوع الحشري".
ولعب بحث كريفلد دوراً أساسياً في الدراسة التحليلية التي نشرها فرانسيسكو سانشيز بايو وكريس ويكويز من جامعتي سيدني وكوينزلاند الأستراليتين.
وفي فبراير/شباط، نشر الباحثان أول نتيجة لـ73 دراسة حول الحشرات في أنحاء مختلفة من العالم، من بينها كوستاريكا وجنوب فرنسا على مدى السنوات الـ40 الماضية.
واستنتجا أن أكثر من 40% من أنواع الحشرات مهددة بالانقراض، ويضاف كل سنة نحو 1% منها إلى هذه القائمة، ولاحظا أن هذا الرقم يعادل "الانقراض الجماعي الأضخم" منذ اختفاء الديناصورات.
ويبدو أن الدوافع الرئيسية وراء ذلك تتمثل في التحضر والتلوث وتغير المناخ وغيرها.
وكتبا في الدراسة: "النتيجة واضحة، إذا لم نغير طرقنا لإنتاج الغذاء، فإن الحشرات ستسير إلى طريق الانقراض في غضون بضعة عقود".
aXA6IDMuMTMzLjExOS4yNDcg
جزيرة ام اند امز