العصا البيضاء.. تجربة إماراتية ملهمة في تمكين المكفوفين ودعم حقوقهم

تحتفي الإمارات، الأربعاء، باليوم العالمي للعصا البيضاء، في وقت تتواصل فيه الجهود لتمكين المكفوفين ودعم حقوقهم عبر مبادرات ملهمة.
ويحيي العالم 15 أكتوبر/ تشرين الأول اليوم العالمي للعصا البيضاء من خلال عدة أنشطة وفعاليات تساعد على إبراز الدور الحيوي للعصا البيضاء كرمز عالمي للاستقلال، ونشر الوعي بحقوق المكفوفين ودمجهم داخل المجتمع وبث التوعية والتثقيف وإرشاد الأفراد بكيفية التعامل وتقديم المساعدة للكفيف.
فعاليات هادفة
واحتفالا بتلك المناسبة، احتفى الأرشيف والمكتبة الوطنية في الإمارات، بالتعاون مع هيئة زايد لأصحاب الهمم، باليوم العالمي للعصا البيضاء، بتنظيم مجموعة من الفعاليات والأنشطة الموجهة لأصحاب الهمم من فئة المكفوفين.
وأكدت ناعمة عبد الرحمن المنصوري، مديرة إدارة رعاية المكفوفين في هيئة زايد لأصحاب الهمم، أهمية العصا البيضاء كرمز للاستقلالية والاعتماد على الذات.
وبينت أن الاحتفاء بهذه المناسبة يجسد الوعي بأهمية دعم ذوي البصيرة وتمكينهم في مجالات الحياة المختلفة.
من جهته، قال حمد الحميري، مدير إدارة البحوث والخدمات المعرفية في الأرشيف والمكتبة الوطنية، إن العصا البيضاء تمثل رمزاً للقوة والإصرار، موضحاً أن الأرشيف والمكتبة الوطنية أولى اهتماماً خاصاً بذوي البصيرة عبر طباعة عدد من إصداراته الوطنية بطريقة برايل، مثل كتاب "زايد من التحدي إلى الاتحاد"، وكتيبات "خليفة: رحلة إلى المستقبل" و"قصر الحصن"، فضلاً عن توفير أجهزة لتحويل النصوص المكتوبة إلى لغة برايل.
وأكد أن هذا الاحتفاء يأتي في عام المجتمع، تجسيداً لالتزام الأرشيف والمكتبة الوطنية بالقيم الوطنية والإنسانية التي أرستها القيادة الرشيدة، مشيداً بتعاون هيئة زايد لأصحاب الهمم وتنسيقها البناء والمثمر مع الأرشيف والمكتبة الوطنية.
وتحدث عمر العمري، وهو من المكفوفين، عن الجهود التشريعية لدولة الإمارات في تمكين أصحاب الهمم، مستعرضاً القانون الاتحادي رقم 29 لسنة 2006، والسياسة الوطنية لتمكين أصحاب الهمم لعام 2017، والتي ركزت على تعزيز الصحة، والحماية الاجتماعية، والتمكين الأسري، والمشاركة المجتمعية.
بدوره استعرض سيف الفلاسي، مدير إدارة الشؤون القانونية في شرطة دبي، تجربته الشخصية الملهمة في مسيرة التعليم والعمل، مؤكداً أن الدعم الأسري والمجتمعي لعب الدور الأكبر في تمكينه من تحقيق طموحاته والوصول إلى مواقع قيادية.
وتضمنت فعاليات الاحتفال، معرضا للأجهزة والتقنيات الحديثة المخصصة للمكفوفين، أقيم في مقر الأرشيف والمكتبة الوطنية، وتضمن بعض الابتكارات الحديثة الداعمة لتمكينهم وتعزيز فرص استفادتهم من التكنولوجيا المتقدمة، إلى جانب مسيرة رمزية للعصا البيضاء، وفقرات فنية وشعرية ومسابقات تفاعلية، عكست روح الإصرار والاندماج المجتمعي، وجولة في قاعتي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ سرور بن محمد آل نهيان، اطلع خلالها الضيوف من ذوي البصيرة على مقتنيات ووثائق تاريخية توثق مسيرة الاتحاد وتُبرز إنجازات الدولة في المراحل المختلفة.
دمج المكفوفين
يأتي الاحتفاء بتلك المناسبة فيما تتواصل جهود الإمارات الرائدة لتمكين المكفوفين، وتعزيز حقوقهم.
ضمن أحدث تلك الجهود، أعلنت مكتبة أبوظبي للأطفال في المجمع الثقافي التابعة لدائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، أغسطس/ آب الماضي عن توفير جهاز أوربت ريدر 40، وهو جهاز مبتكر يُحوّل أي كتاب رقمي إلى نظام برايل، لتصبح بذلك أول مكتبة في المنطقة توفر هذه التقنية الرائدة.
ويُعد أوربت ريدر 40 جهازاً مضغوطاً ومزوداً بشاشة برايل قابلة للتحديث تحتوي على 40 خلية برايل، ويتيح الجهاز المبتكر للمستخدمين القدرة على قراءة الكتب الرقمية وتدوين الملاحظات والتنقل بين المحتوى باستخدام نظام برايل، بكل استقلالية، كما يتصل بسهولة وسلاسة بالأجهزة المحمولة وأجهزة الكومبيوتر عن طريق البلوتوث أووصلة الـيو إس بي، ويمكن استخدامه أيضاً كقارئ مستقل وكدفتر ملاحظات، مما يفتح آفاقًا جديدة من التفاعل الأدبي للقراء الشباب المكفوفين أو ضعاف البصر ويمنحهم تجربة فريدة من نوعها.
وسيكون جهاز أوربت ريدر 40 متاحًا للاستخدام من قبل الأطفال الذين يزورون المكتبة في المجمّع الثقافي.
منطقة للمكفوفين على كورنيش أبوظبي
على صعيد ذي صلة، أنجزت دائرة البلديات والنقل متمثلة ببلدية مدينة أبوظبي، بالتعاون مع مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم، في أبريل/نيسان الماضي مشروع تخصيص وتجهيز منطقة بمساحة 1000 متر مربع على شاطئ الكورنيش للعائلات مخصصة لفئة المكفوفين، من خلال تجهيزها بكل متطلبات الأمن والسلامة والترفيه، وذلك تزامنا مع “عام المجتمع”.
تهدف هذه المبادرة، والتي تعد الأولى من نوعها على مستوى الإمارات، إلى تمكين فئة المكفوفين ودمجهم في المجتمع، ما يعكس ويرسخ المسؤولية المشتركة في بناء الوطن، ويعزز استمرارية سياسة البلدية الهادفة إلى الارتقاء المستمر بجودة حياة المجتمع، وتوفير المرافق ذات المواصفات العالمية والمتوافقة، والمحققة لمتطلبات أصحاب الهمم، حيث حصل الشاطئ على جائزة الاتحاد العالمي للمعاقين بصفته شاطئاً صديقاً لأصحاب الهمم.
وأوضحت بلدية مدينة أبوظبي أن مساحة الترفيه والسباحة التي تم إنجازها على كورنيش أبوظبي، تشمل العديد من الخدمات المقدمة خصيصاً للمكفوفين، منها توفير سيارة لأصحاب الهمم لنقلهم إلى الموقع بسهولة، وتثبيت لوحة إرشادية (بلغة برايل) تحتوي على تعليمات استخدام منطقة السباحة، وتوفير دليل إرشادي للخدمات (بلغة برايل) لتوفير تجربة شاملة تلبي احتياجات جميع المكفوفين من جميع الأعمار رواد شاطئ السباحة، وغيرها من الخدمات التي تستهدف إسعاد هذه الفئة.
وأكدت البلدية حرصها على الالتزام بمعايير السلامة في تصميم المنطقة بما يتناسب مع هذه الفئة من الزوار، من حيث مكوناتها التي تمت دراستها خصيصاً لجعل تجربة السباحة للمكفوفين تجربة ذاتية، آمنة، بدون أي مساعدة خارجية، مع وجود أفضل معايير السلامة، لافتة إلى أن الشاطئ يوفر خدمة الإسعافات الأولية عن طريق ممرضة مرخصة موجودة في الموقع على امتداد ساعات عمل الشاطئ.
مصنع أجبان "أصحاب الهمم"
أيضا من بين المبادرات الإمارات الرائدة للتمكين الاقتصادي لذوي الهمم ومن بينهم المكفوفين، جاء مصنع أجبان "أصحاب الهمم".
ويعد مصنع أجبان "أصحاب الهمم" من مبادرات مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم التي تهدف إلى تمكينهم من خلال إشراكهم في مشاريع اقتصادية، وتحديدًا في صناعة الأجبان ومشتقاتها.
ويقع المصنع في مركز إنتاج أصحاب الهمم بمنطقة الباهية في أبوظبي، ويلبي احتياجات الإنتاج اليومي لمنتجات الألبان والأجبان، ويدعم أصحاب المزارع والعزب في المنطقة.
وكانت المؤسسة قد وقعت في يونيو/حزيران الماضي اتفاقية تعاون استراتيجية ثلاثية مع هيئة المساهمات المجتمعية “معاً”، وشركة شلمبرجير ميدل إيستإس إيه “SLB” ، بهدف دعم مصنع إنتاج الأجبان الذي يُدار بأيدي أصحاب الهمم في مركز الابتكار التابع للمؤسسة بأبوظبي، وذلك في إطار الجهود المشتركة لتعزيز الشراكة المجتمعية وتحقيق التنمية المستدامة.
وتهدف المبادرة إلى تدريب أصحاب الهمم وتوفير فرص العمل لهم ضمن بيئة إنتاجية متكاملة في مجال تصنيع الألبان، مما يسهم في تعزيز فرص العمل المستدامة لهم وتحقيق اندماجهم الكامل في المجتمع، لتوفر لهم حلولاً مبتكرة تسهم في تحسين نمط حياتهم وتحقيق تطلعاتهم على المدى الطويل.
وتنص الاتفاقية على تمويل شركة SLB لتجهيزات مصنع الأجبان وتشمل خزانات الحليب، ومولدات البخار، وغرف التبريد والتسخين، والألواح الشمسية، وعدد من المعدات على أن تقوم بالتنسيق مع هيئة مَعاً، بصفتها القناة الرسمية لحكومة أبوظبي المعنية بتلقي المساهمات المجتمعية، لتوجيه مبلغ الدعم لمؤسسة زايد العليا، مع متابعة تنفيذ المشروع وضمان تحقيق أهدافه الاجتماعية.
وستقدم المؤسسة خدمات تدريبية وتأهيلية لأصحاب الهمم العاملين في المصنع، بالإضافة إلى توفير منتجاتهم في الأسواق المحلية، وتوفر خدمات الطباعة بلغة "برايل" للشركة، كجزء من الدعم المؤسسي المتبادل.
إكسبو أصحاب الهمم الدولي
أيضا ضمن جهود الإمارات الرائدة في مجال رعاية وتمكين أصحاب الهمم، عقدت في أكتوبر/ تشرين الأول الجاري فعاليات الدورة السابعة من "إكسبو أصحاب الهمم الدولي 2025" في مركز دبي التجاري العالمي، بمشاركة قياسية من الهيئات الحكومية والخاصة، ونحو 270 عارضا وعلامة تجارية ومركزا لإعادة التأهيل من 50 دولة، وبحضور يتجاوز 15 ألف زائر من 70 دولة.
ويمثل المعرض الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، منصة استراتيجية تدعم وتواكب جهود دولة الإمارات في أن تكون الأفضل عالمياً في مجال رعاية وتمكين أصحاب الهمم، بالإضافة إلى مواكبته مستهدفات خطة دبي الاستراتيجية 2033 التي تهدف جعلها أفضل مدينة للعيش والعمل والسياحة
.كما يبرز المعرض أيضاً كحدث دولي يعزز سمعة الإمارات كدولة رائدة في تبنّي سياسات الدمج المجتمعي وتوفير بنية تحتية صديقة لأصحاب الهمم، بما ينسجم مع توجهات الدولة في دعم التنمية المستدامة وتكافؤ الفرص.
وشمل المعرض تقنيات متطورة تغطي مختلف الإعاقات الحركية والبصرية والسمعية والذهنية وطيف التوحد.
وتضمنت الدورة السابعة عدداً من الابتكارات التي تُعرض لأول مرة في المنطقة، منها نظارات ذكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي تقدم ترجمة فورية ومساعدة بصرية لضعاف البصر، وأطراف بيونيكية متطورة تحاكي الحركة الطبيعية وتمنح المستخدمين استقلالية أكبر، بالإضافة إلى تطبيقات هواتف ذكية لربط أصحاب الهمم بخدمات النقل المهيأة خصيصاً لهم، وتقنيات للتعرف على الصوت والنصوص الفورية لمساندة فئة الصم وضعاف السمع، فضلاً عن أدوات رقمية لتمكين ذوي التوحد من التعلم والتواصل بطرق مبتكرة.