تركيب النباتات في غزة.. تقنية زراعية تتحدى أمراض التربة والبطالة
التربة تعاني من بعض الأمراض بسبب كثرة استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة والمكافحات بطرق غير مدروسة.
يحاول سكان قطاع غزة أن يتعايشوا مع شتى الظروف القهرية التي تفرض عليهم، حتى أمراض التربة لم تغلبهم ليستكينوا فيهملوا الوسائل التي من شأنها مواجهة هذا التحدي.
ووجد المهتمون بالتجارة الزراعية، أن تهجين أو تلقيم النباتات الضعيفة التي لا تقاوم أمراض التربة، أمر غاية في الأهمية، وذلك من خلال تقويتها بنباتات أخرى أشد مقاومة منها كالبطيخ، بالإضافة إلى تلقيم النباتات نفسها بأصناف مختلفة، كالبندورة والخيار والباذنجان.
ونجحت عمليات التلقيم في القطاع الزراعي بشكل كبير، مع تحفظات المستهلكين التي تم مراجعتها من قبل الخبراء، وأخذوا بها لتحسين الإنتاج، ما يجعل قطاع غزة معملاً كبيراً لصناعة الحياة كلما اقترب منه الموت؛ إما بحصار أو قصف مفاجئ.
وقال بكر أبوحليمة، البالغ من العمر 52 عاماً، وهو صاحب مشتل زراعي متخصص بإنتاج الأشتال الزراعية، في شمال قطاع غزة، إن عملية التركيب أو تلقيم الأشتال باتت ضرورة زراعية لحماية المحاصيل، بعد تعرض التربة الزراعية لأمراض لم تكن في الماضي.
وأضاف لـ"العين الإخبارية": "كوني تاجر مواد زراعية، ومالك لواحد من أكبر مشاتل النباتات، وصاحب أول مختبر تركيب أشتال في قطاع غزة، أقول إن عملية التلقيم باتت ضرورة ملحة لتقوية الإنتاج الزراعي في قطاع غزة، خاصة بعد تعرض التربة للعديد من الأمراض".
وتابع "أبوحليمة": "التربة تعاني من هذه الأمراض بسبب كثرة استخدام المبيدات الحشرية، والأسمدة والمكافحات للأمراض بطرق غير مدروسة، وهذا تسبب بإضعاف التربة وزيادة ملوحتها".
وأوضح: "رغم محاولات البعض تحسين التربة، وجدنا أن أفضل طريقة لزيادة الإنتاج والإبقاء على بعض المحاصيل الزراعية مستمرة في قطاع غزة، هي عملية التلقيم أو عملية التهجين، فالنباتات ليس لها قوة مقاومة واحدة، فالقرع يتحمل أكثر من البطيخ، والخيار أضعف مقاومة من الفقوس".
وأكد: "كان لا بد من تقوية النباتات ذات الأجناس المتقاربة من بعضها البعض، وتلقيح الضعيف بالقوي منها، وهذا ما أفعله في المشتل الخاص بي".
وواصل "أبوحليمة": "شكلت وحدة متخصصة من مهندسين ومهندسات زراعيين، وخريجين جامعيين، وأنشأت مختبر تلقيم للنباتات هو الأول في قطاع غزة، وهذا ليس الموسم الوحيد الذي تثبت فيه الأشتال المقلمة قدرتها على تحمل ظروف البيئة، وتعطي إنتاجاً غزيراً يتوافق والجهود المبذولة من أجل تحسين المحاصيل، وهذا حدث بعد زيارات لبعض الدول المجاورة والأوروبية والاطلاع على تجاربهم، والاستفادة منها، ونقلها إلى قطاع غزة ".
وأوضح: "عملية التطعيم أو التركيب أو التهجين، وكلها مسميات لعملية واحدة، المقصود منها تقوية نبات بنبات من جنسه أو قريب منه، تحتاج إلى رعاية حكومية، وإشراف من قبل وزارة الزراعة، وتعميم تعليم عمليات التركيب في مراكز متخصصة، لتوسيع رقعة الأراضي التي تستخدم هذا النوع من النباتات".
من جانبها، قالت المهندسة بسمة أبوغالي، المسؤولة عن مختبر تركيب النباتات في مشاتل "أبوحليمة" لـ"العين الإخبارية": " تركيب النباتات يمر بمراحل ضرورية، تبدأ من تبذير الأشتال التي سيتم تركيبها، وبعد نمو أوراقها تجمع أوعية زراعية مع مكابس صغيرة لقطع ورقة الشتلة الأولى، وجرح ساقها بشفرة دقيقة، لتوضع الورقة المراد تركيبها بالشتلة الأولى، وجمعهما بالمكبس الصغير، ومن ثم وضعها في مجمع من الفلين المقوى (المقاش)".
وأضافت:"يتم بعد ذلك ترحيل الشتلة إلى ثلاجة التحضين، التي يجب أن تكون في غرفة مظلمة لمدة أسبوع كامل، بعد رشها بمادة مائية مخلوطة بمحلول مغذي، وبعدها ترحل إلى حاضنة كبيرة مغطاة بالبلاستيك المقوى، لمدة أسبوعين، توضع بعدها في المشتل الكبير لمدة 40 يوماً، لتصبح جاهزة للزراعة وفق ظروف بيئية مناسبة، إما بأخاديد زراعية أو حمامات بلاستيكية مخصصة".
وتابعت: "أكثر النباتات التي يتم تركيبها هي البطيخ الأحمر، وتركيبها يكون من نبات القرع، لأن القرع يتحمل الظروف البيئية الصعبة، ويتحمل ملوحة التربة، ومقاوم لأمراض الأرض".
وأوضحت: "عملية التركيب مهمة للزراعة المعاصرة، وخاصة في قطاع غزة، لأنها تحد من استخدام المبيدات الحشرية، والأسمدة الكيماوية، وتعمل على غزارة الإنتاج وتقوية الأرض، وفتح مجال لليد العاملة، إذ أن المختبر الزراعي في مشاتل أبوحليمة وحدها يستوعب 33 مهندس ومهندسة زراعيين، يعملون بشكل شبه دائم في ظروف عمل جيدة، وأجور مقبولة بظل الظروف المعقدة التي يعيشها قطاع غزة".
من جهته، أكد المهندس أحمد أبوغبن لـ"العين الإخبارية" إن عملية تركيب النباتات في قطاع غزة، تغني عن المعقمات والمبيدات الزراعية، ووُجدت لتجاوز أمراض التربة، خاصة الملوحة وأمراض المبيدات الحشرية.
وأضاف: "عملية تطعيم الخضار تتلخص في تركيب صنف من النباتات المرغوبة لخصائصه وصفاته على صنف آخر من نفس العائلة النباتية، ذو خصائص وصفات أكثر مقاومة وقدرة على مواجهة ظروف التربة والإنبات والظروف المحتملة".
ويضيف:" بدأنا في المختبر بإجراء فحوصات على إمكانية تطعيم نباتات أخرى غير البطيخ والقرع، والنتائج تشير إلى إمكانية توسيع عمليات التطعيم على نباتات أخرى مثل الباذنجان والطماطم، ونطالب وزارة الزراعة بضرورة الإشراف على عمليات توعية المزارعين وتدريبهم على وسائل استخدام نباتات التطعيم، وإرشادهم لتحسين مستوى الإنتاج".
ويقول محمد عابد، وهو عامل في مشاتل "أبوحليمة" إنه يعتمد بشكل كلي على عمله في المشتل في موسم التلقيم، رغم أنه خريج جامعي منذ عام 2000، ورب لأسرة مكونة من 8 أفراد، إلا أنه يتعايش مع الدخل الذي يوفره له عمله في المشتل، ويتطلع إلى تحسين دخله.
وأوضح "عابد" أنه فكر في إنشاء مختبر صغير في بيته، لتطعيم النباتات وتحضينها، كما هو المعمول به في المشتل الذي يعمل فيه، وبيع الأشتال لتجار ومزارعين، إلا أن هذه الخطوة لم تتم لأنها تحتاج إلى رأس مال، ومتابعة، وحاضنة خاصة، وأمور غيرها ليست بمقدوره، لكنه سيتمسك بحلمه حتى يتحقق.
aXA6IDUyLjE1LjIzOC4yMjEg جزيرة ام اند امز