اندماج الفصائل السورية.. سلاح المعارضة الأخير
يأتي إعلان اندماج 8 من فصائل المعارضة السورية تحت اسم "مجلس قيادة تحرير سوريا" كمحاولة لإنهاء التشرذم الذي أضر بها أمام تقدم الأسد.
بعد أسابيع من استعادة الجيش السوري السيطرة على كامل أجزاء حلب، أعلنت المعارضة السورية اندماج 8 من كبرى فصائلها في الشمال السوري، تحت اسم "مجلس قيادة تحرير سوريا".
وتشمل هذه الفصائل: "أحرار الشام" و"جيش الإسلام" و"أجناد الشام" و"صقور الشام"، و"تجمع فاستقم كما أمرت" و"فيلق الرحمن" و"فيلق الشام" و"جبهة أهل الشام"، والذين اتفقوا على تشكيل هيئة عسكرية من القادة العسكريين من الفصائل، وأخرى سياسية من مسؤولي الكتائب السياسية، واعتبار قادة الفصائل المنضوية يمثلون قيادة المجلس، كما يأخذ المجلس قراراته بالتوافق.
وتضم هذه الفصائل ما يزيد على 100 ألف مقاتل، فـ"أحرار الشام" تضم أكثر من 80 فصيلا، ويبلغ عدد مقاتليها قرابة 16 ألف شخص.
وتتواجد فصائل الحركة في أرياف حلب ودمشق ودرعا وإدلب واللاذقية وحماة وحمص.
إلى جانب "جيش الإسلام" الذي يضم 64 فصيلا، والعدد الإجمالي لمقاتليه يبلغ 12 ألف فرد، وتتواجد فصائل "جيش الإسلام" في أرياف حلب ودمشق ودرعا ودير الزور واللاذقية وحماة وحمص.
و"فيلق الشام" الذي يضم 19 فصيلا، والعدد الإجمالي لمقاتلي "فيلق الشام" يتجاوز 4 آلاف فرد، وتخوض فصائل الجماعة المعارك في أرياف حلب وإدلب وحماة وحمص.
وأعلنت المعارضة أن هذا المجلس يهدف للعمل على تحقيق أهداف الثورة السورية بإسقاط النظام وأركانه، والسعي لاعتبار هذا الجسم عسكريًّا كغرفة عمليات تدير العمل العسكري على مستوى سوريا، وسياسيًّا سيكون أقرب إلى التحالف السياسي الذي سيمثل فصائل الثورة السورية سياسيًّا من أجل توحيد الرؤى والقرارات.
ويبدو جليا من مناطق تواجد ونفوذ هذه المجموعات أنها تستهدف في اندماجها الاستعداد لمعركة إدلب المرتقبة مع نظام بشار الأسد.
واللافت للانتباه أن المعارضة السورية تعاني بشكل عام من حالة من التشرذم والانقسامات حول إستراتيجيتها ومصادر تمويلها وأجنداتها الداخلية والخارجية أدت في كثير من الأوقات إلى هزيمتها، وإن كان ذلك لا ينفي قيام بعض هذه الفصائل بمحاولات اندماجية.
ففي ديسمبر الماضي كانت هناك محاولة لاندماج عدد من الفصائل السورية العسكرية المعارضة وعلى رأسها جبهة "فتح الشام"، و"أحرار الشام"، تحت مسمى "الهيئة الإسلامية السورية".
ويرى مراقبون أن إنشاء "مجلس قيادة تحرير سوريا" وان كان خطوة جيدة من قبل المعارضة نحو تنسيق جهودها العسكرية والسياسية ضد النظام السوري وحلفائه، إلا أن ذلك أتى متأخرا، وذلك بالنظر لعدد من العوامل الإقليمية والدولية؛ حيث لم يعد أمام المعارضة بديلا سوى اللجوء إلى التفاوض مع نظام الأسد، حاليا على الأقل، خاصة بعد أن تخلى عنها حلفاؤها.
فأمريكا أوباما لم تخاطر بنفسها أمام الدعم الروسي المتزايد للنظام السوري وحلفائه، ووقفت موقف المتفرج أمام استعادة الجيش السوري حلب من يد المعارضة، كما أن أغلب محاولاتها لتدريب وتسليح المعارضة باءت بالفشل، علاوة على رفضها على تزويد المعارضة بأنظمة دفاع جوي مضادة للصواريخ والطائرات، وإن كان الرئيس الأمريكي صدق مؤخرا على قانون النفقات العسكرية الذي يمهد الطريق أمام تزويد المعارضة بتلك الأنظمة، إلا أن البعض يصف تنفيذ تلك الخطوة بالصعبة إن لم تكن مستحيلة.
فأنظمة الدفاع الجوي تلك إذا ذهبت للمعارضة، فإن الطائرات الروسية ستكون الهدف الأول لها، وهو الأمر الذي لن تسكت عنه موسكو، فواشنطن ليست هي وحدها التي تملك تلك الأنظمة، كما أن طائراتها تملأ المجال الجوي السوري والعراقي في إطار مكافحة داعش، كما أن واشنطن نفسها تخشى من وقوع تلك الأنظمة في يد الإرهابيين.
فتركيا بدأت تلجأ إلى الحلف الآخر الذي تراه منتصرا، فرغم تصريحاتها السابقة التي ترى فيها "حلب" الخط الأحمر الممنوع على النظام تجاوزه، إلا أنها وقفت تتفرج على استعادة النظام لحلب دون أي دعم يذكر من قبلها للمعارضة، كما أنها قدمت نفسها كراعية للمعارضة في الهدنة التي بدأت مؤخرا، والتي يراها البعض بأنها صفقة عقدتها أنقرة مع موسكو لخدمة مصالحها بالدرجة الأولى.
ومن ثم، فوضع المعارضة السورية سواء بشقها السياسي أو المسلح لا يبشر بتغير موازين القوى الحالية المنحازة للنظام السوري وحلفائه، إلا إذا أرادت الإدارة الأمريكية القادمة غير ذلك.
aXA6IDE4LjExOC4xOTMuMjIzIA== جزيرة ام اند امز