خبير قانون دولي لـ«العين الإخبارية»: قرار «العدل الدولية» تاريخي وله ما بعده
اعتبر الخبير بالقانون الدولي محمد دحلة، أن قرار محكمة العدل الدولية بشأن الحرب في غزة تاريخي وله ما بعده.
وقال في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "القرار انتصار كبير للقانون الدولي والعدالة الدولية وللحق الفلسطيني، لأول مرة في تاريخ القضية الفلسطينية وقضية شعب فلسطين منذ بدء القضية وحتى يومنا هذا يكون هناك قرار من قبل محكمة دولية، وتكون إسرائيل حاضرة فيه كمتهمة ومدعى عليها وتدافع عن نفسها وتبرر موقفها بأم الجرائم، جريمة الإبادة الجماعية".
وأضاف أن "المحكمة لم تقبل بالموقف الإسرائيلي وقامت بإصدار أوامر احترازية وتدابير بموجب العهد الدولي لمنع جريمة الإبادة الجماعية، بعد أن اقتنعت بأنه تم اقتراف هذه الجريمة، وأيضا اقتنعت أن هناك حاجة ملحة لإعطاء هذا الأمر، من أجل منع استمرار هذه الجريمة تجاه الشعب الفلسطيني".
وأوضح أنه "لذلك هو قرار تاريخي ومحطة قانونية وسياسية غير مسبوقة لها تأثير كبير على ما يجري على أرض الواقع وعلى العملية العسكرية والحربية، وأيضا سيأتي ما بعدها، فسيُبنى على هذا القرار الكثير من الخطوات على مستوى محكمة الجنايات الدولية وهي المحكمة المجاورة لمحكمة العدل الدولية".
وقال: "سيبنى على هذا القرار أيضا في باقي الدول في العالم التي عليها الآن التزامات لتنفيذ هذا القرار كما ذكرت المحكمة نفسها، ففي أثناء إصدار القرار قالت إن القرار ملزم ليس فقط لإسرائيل وإنما ملزم لبقية دول العالم، وهذا معناه أن على باقي دول العالم أن تتعامل بطريقة تمنع إسرائيل من الاستمرار بهذه العمليات التي تقوم بها ضد الشعب الفلسطيني".
وأضاف: "أنا أفسر ذلك بأنه يشمل مثلا منع تزويد الجيش الإسرائيلي بالأسلحة والمعدات، وخطوات أخرى عملية أخرى على أرض الواقع، وبالتالي هي بداية لعزلة سياسية ودبلوماسية ولتلويح ربما بعقوبات في مرحلة لاحقة وبداية لما كان يحلم به الفلسطينيون من محاولة محاربة نظام الفصل العنصري والاحتلال الإسرائيلي عن طريق القانون الدولي".
وأشار دحلة، الذي كان ضمن الفريق القانوني الفلسطيني لدى نظر محكمة العدل الدولية في القضية ضد الجدار الإسرائيلي في الضفة الغربية عام 2004، إلى أن القرار هو تأكيد على أن إسرائيل ليست بمنأى عن العقاب الدولي.
وبشأن عدم تضمين القرار دعوة لوقف إطلاق النار، قال دحلة: "أعتقد أن جنوب أفريقيا ضمنته بالطلب، لتظهر أنها تطلب كثيرا وتحصل على جزء مما تطلبه، ومن توقع أن تصدر المحكمة قرارا بوقف إطلاق النار برأيي ليست لديه الدراية القانونية بطريقة عمل المحكمة وطبيعة الأوامر التي بالإمكان أن تصدرها".
وأضاف: يجب أن نتذكر أن الأطراف الموجودة أمام المحكمة ليست الأطراف المتنازعة على أرض المعركة، فهي ليست فلسطين ضد إسرائيل وليست حماس ضد إسرائيل وإنما هي جنوب أفريقيا ضد إسرائيل".
وتابع: "بالتالي سيكون من الصعب على المحكمة أن تعطي مثل هذا الأمر، وهو وقف إطلاق نار ملزم لإسرائيل، في حين أن الطرف الآخر الموجود في المعادلة، وإن لم تكن متكافئة، بمعنى حماس لا يعطى ضده أي أمر، بالتالي كان من الصعب على المحكمة أن تصدر مثل هذا القرار".
وأشار المحامي دحلة إلى أنه "على الرغم من كل ذلك وعلى الرغم من أن المحكمة لم تقل صراحة بأنها تأمر بوقف إطلاق النار لم ترفض طلب وقف إطلاق النار ولم تكتب في قرارها أنها ترفضه وإنما قالت إن على إسرائيل أن تمتنع عن كل أشكال جرائم إبادة الشعب التي تشمل القتل وجرح المواطنين وتدمير الحياة الحضرية والبنى التحتية المدنية في قطاع غزة".
وقال: "هذا كله معناه تكبيل أيدي إسرائيل من وجهة نظر المحكمة فعلى الجيش الإسرائيلي تكبيلات كثيرة الآن وعين المحكمة تراقب وترى وهناك تقارير ستصل إلى المحكمة وبالتالي قد يكون لهذا تبعات في المستقبل".
أمرت محكمة العدل الدولية، الجمعة، إسرائيل باتخاذ كافة التدابير في حدود سلطتها لمنع "الإبادة الجماعية" بقطاع غزة.
وأضافت المحكمة، خلال تلاوة الحكم، أنه "يتعين على إسرائيل ضمان عدم ارتكاب قواتها إبادة جماعية واتخاذ إجراءات لتحسين الوضع الإنساني".
كما أكدت أنه "على إسرائيل تقديم تقرير إلى المحكمة في غضون شهر واحد حول ما تفعله لتنفيذ الأمر".
وصوّتت أغلبية كبيرة من أعضاء لجنة محكمة العدل الدولية المكونة من 17 قاضيا لصالح اتخاذ إجراءات عاجلة تغطي معظم ما طلبته جنوب أفريقيا، باستثناء توجيه الأمر بوقف العمل العسكري الإسرائيلي في غزة.
وأكدت المحكمة أن لديها صلاحية للحكم بإجراءات طارئة في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل.