محكمة دولية لـ"بقايا داعش".. دعم أوروبي يصطدم برفض سوري- عراقي
مسؤولون في النمسا وفنلندا والسويد وألمانيا أيدوا خطوة إنشاء محكمة دولية للدواعش الأجانب كبديل لاستعادتهم ومحاكمتهم في دولهم الأصلية.
ما أن تصاعد اقتراح إنشاء محكمة دولية خاصة لمحاكمة إرهابيي تنظيم داعش من حاملي الجنسيات الأوروبية، حتى فرضت حالة من الجدل نفسها بقوة بين مؤيد ومعارض لتلك الخطوة.
ففي الوقت الذي أيد مسؤولون في النمسا وفنلندا والسويد وألمانيا اتخاذ هذه الخطوة كبديل لاستعادة هؤلاء الإرهابيين ومحاكمتهم أمام محاكم وطنية، ترى تقارير أخرى أن هناك عدداً من العوائق تجعل هذا المقترح غير واقعي.
ارتفاع أصوات الداعمين
وفي أواخر فبراير/شباط الماضي، طالب وزير الداخلية النمساوي هيربرت كيكل في تصريحات صحفية بإنشاء محكمة دولية خاصة في سوريا لمحاكمة مسلحي "داعش" الأوروبيين، مشترطا أن تشارك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في إنشائها.
ومنذ ذلك التاريخ، اكتسب المقترح مؤيدين كثيرين على المستوى الأوروبي، حيث أيدها رئيس وزراء السويد، ستيفان لوفين، ووزير الداخلية الفنلندي كاي ميكانين، كما التحق وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر بركب الداعمين لهذه الفكرة، حين قال في 7 مارس/أذار الجاري: "الإرهاب ظاهرة دولية، ويجب أن نتعاطى معها بقضاء دولي".
ووفق تقرير لصحيفة ذود دويتشه تسايتونغ الألمانية، نشر في عددها الورقي، الإثنين، فإن فنلندا والنمسا والسويد وألمانيا دعموا اقتراح إنشاء محكمة دولية خاصة لإرهابيي داعش الأوروبيين في سوريا أو العراق، كمخرج لأزمة استعادتهم.
وتابعت الصحيفة الألمانية: "منذ أن فجر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قضية استعادة دول أوروبا الإرهابيين المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية، والمقدر عددهم بـ 800 شخص، تبحث هذه الدول عن مخرج، انطلاقا من أنها تعتبر استعادتهم مجازفة أمنية كبيرة، كما أن عملية محاكمتهم أمام محاكم وطنية تواجه صعوبات أبرزها وأهمها صعوبة جمع أدلة الإدانة".
رفض سوري- عراقي
لكن مقترح إنشاء محكمة دولية خاصة في سوريا أو العراق يواجه عقبات كبيرة تجعله صعب التنفيذ، بحسب ما أكدته صحيفة ذود دويتشه تسايتونغ.
وقالت: "أول هذه العقبات هي رفض العراق وسوريا المؤكد إنشاء هذه المحاكم على أراضيهما باعتبارها انتهاكا لسيادتهما، وتعديا على نظامهما القضائي".
وتابعت: "وإذا قررت الدول الأوروبية تخطي الحكومة السورية، وإنشاء هذه المحكمة شمالي سوريا بدعم من قوات سوريا الديمقراطية، ستكون هذه الدول عرضة لاتهامات واسعة النطاق بإقرار وضع قانوني سيؤدي في النهاية لتهديد وحدة الأراضي السورية وربما تقسيمها".
ومضت الصحيفة قائلة: "كما أن دولا أوروبية كثيرة، أبرزها ألمانيا، لا تملك في الوقت الحالي تمثيلا دبلوماسيا في سوريا، ما يجعل مشاركتها في أعمال المحكمة، ومراقبة إجراءاتها صعب".
أمر غير واقعي
ورغم استدعاء مؤيدي مقترح إنشاء محكمة دولية خاصة للدواعش، لنموذجي يوغسلافيا ورواندا، حيث قرر مجلس الأمن إنشاء محاكم دولية خاصة لمجرمي الحرب من البلدين في تسعينيات القرن الماضي، قالت ذود دويتشه تسايتونغ إن إصدار مجلس الأمن لقرار مماثل بإنشاء محكمة دولية خاصة لإرهابيي داعش، في دولة مجاورة لسوريا والعراق، أو حتى في مدينة لاهاي الهولندية، مقر محكمة العدل الدولية، غير واقعي.
ونبهت الصحيفة إلى أن إصدار هذا القرار من مجلس الأمن يتطلب على الأقل عدم اعتراض أي دولة تملك حق النقض "الفيتو"، في وقت توقفت فيه روسيا عن دعم مثل هذه القرارات منذ سنوات طويلة، كما أنها تصوت منذ 2012 ضد إحالة ملف سوريا للمحكمة الجنائية الدولية.
وترفض القوات الكردية المحلية في سوريا محاكمة عناصر داعش الأجانب المحتجزين لديها، وتطالب بإرسالهم إلى دولهم، بينما تبدي الدول الغربية ترددا إزاء استعادتهم خوفا من رد فعل سلبي من الرأي العام فيها.
وفي وقت سابق الإثنين دعت قوات سوريا الديمقراطية إلى إنشاء محكمة دولية خاصة في شمال شرقي سوريا لمحاكمة الإرهابيين المتهمين بارتكاب جرائم.
وقالت قوات سوريا الديمقراطية، في بيان "إننا ندعو المجتمع الدولي لإنشاء محكمة دولية خاصة لمحاكمة إرهابيي داعش في شمال شرق سوريا"، مشيرة إلى أن الإرهابيين يجب أن يخضعوا لمحاكمة "في مكان وقوع الفعل الجرمي".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فجر أزمة الإرهابيين الأجانب في صفوف "داعش" المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية، حينما دعا الدول الأوروبية لاستعادتهم، مهددا بالإفراج عنهم.