اليوم الدولي للشباب 2025.. مبادرات تمكين ملهمة تعزز ريادة الإمارات

"نحتفي بإنجازات شباب الإمارات وطموحاتهم (...)، ونؤكد مواصلة تمكينهم وتأهيلهم لقيادة مسيرة التنمية وبناء المستقبل الأفضل لوطننا".. كلمات للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، الثلاثاء، بمناسبة اليوم الدولي للشباب الذي يصادف 12 أغسطس/آب.
كلمات تعكس اهتماما استثنائيا من القيادة الإماراتية بالشباب وثقتها بهم وحرصها على الاحتفاء بإنجازاتهم وطموحاتهم وتطوير قدراتهم وصقل مهاراتهم وتمكينهم وتأهليهم لتعزيز إسهامهم في مسيرة التنمية والنهوض بالوطن وبناء مستقبل أفضل.
وفي تغريدة له بتلك المناسبة، قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عبر حسابه في موقع إكس: "في اليوم الدولي للشباب نعبر عن تقديرنا لدور الشباب المحوري في نهضة المجتمعات وازدهارها".
وأضاف :"ونحتفي بإنجازات شباب الإمارات وطموحاتهم وحضورهم الفاعل في كل ميادين العمل الوطني، ونؤكد مواصلة تمكينهم وتأهيلهم لقيادة مسيرة التنمية وبناء المستقبل الأفضل لوطننا".
وتحتفي الإمارات باليوم الدولي للشباب، الذي يتناول هذا العام 2025 موضوع "العمل الشبابي المحلي من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة وما بعدها"، في وقت نجحت فيه الإمارات عبر مبادرات رائدة ملهمة في تمكين شبابها على مختلف الأصعدة الاقتصادية والإنسانية والدبلوماسية والثقافية للإسهام بدور بارز في مسيرة التنمية.
وتؤمن دولة الإمارات بأن الشباب ليسوا مجرد مستفيدين من مسارات التنمية، بل هم شركاء أساسيون في صياغتها وقيادتها نحو المستقبل.
تجربة رائدة
التجربة الإماراتية الرائدة في هذا الصدد، استعرضها قبل أيام الدكتور عبدالرحمن بن عبدالمنان العور وزير الموارد البشرية والتوطين الإماراتي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي بالإنابة، خلال مشاركته على رأس وفد من وزارة الموارد البشرية والتوطين في جلسة "التنمية الشاملة وخلق فرص العمل وتمكين الشباب"، التي عقدت ضمن أعمال الاجتماع الوزاري لمجموعة العشرين حول العمل والوظائف الذي عقد بمدينة جورج في جنوب أفريقيا 6 أغسطس/ آب الجاري.
وقال في هذا الصدد إن فئة الشباب تشكل نصف القوى العاملة في سوق العمل الإماراتي الذي شهد نموا في قوة العمل بنسبة 12% ونموا في الشركات بنسبة 17 % ، إلى جانب نمو قوة العمل من المواطنين خلال السنوات الثلاث الأخيرة منذ إطلاق برنامج نافس بنسبة 325%، وهو ما يعزز دور الشباب في النمو الاقتصادي الشامل، وتحفيز الابتكار ودعم التماسك الاجتماعي، عبر تمكين الشباب وتطوير قدراتهم، وتعزيز مهاراتهم.
وبين أن دولة الإمارات تواصل مواءمة مخرجات التعليم مع الاحتياجات المتغيرة لسوق العمل، من خلال توسيع الاستثمار في التعليم والتدريب التقني والمهني، خاصة في القطاعات ذات الأولوية، والتي تتعلق باقتصاد المستقبل، والتي يرتفع فيها الطلب على المواهب مثل الذكاء الاصطناعي والخدمات الرقمية، بالإضافة إلى القطاعات الأخرى مثل الصحة والتعليم والأعمال والصناعة.
واستعرض التجارب المتميزة للدولة عبر العديد من المبادرات الوطنية الداعمة لهذا التوجه، بما في ذلك “الأجندة الوطنية للشباب 2031" وبرنامج "مصنعين" وبرنامج “نافس”، بجانب رؤية الدولة المستدامة في التنمية الشاملة، وإنجازاتها وريادتها في تمكين الشباب وريادة الأعمال والتوازن بين الجنسين في مكان العمل.
وسلط الضوء على تجربة دولة الإمارات المتميزة لتطوير ريادة الأعمال، وتعزيز الجاهزية الرقمية، من خلال تخصيص صندوق لمجلس الإمارات لريادة الأعمال وإطلاق مبادرة "5000 موهبة رقمية" لتمكين الشباب وإعدادهم لقيادة المرحلة الاقتصادية الجديدة، التي ترتكز على التكنولوجيا والاستدامة والابتكار في مختلف المجالات.
دعم الجهود العالمية
أيضا تدعم الإمارات الجهود العالمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز دور الشباب كشركاء أساسيين في مسيرة التنمية وصناعة المستقبل.
وضمن جهودها في هذا الصدد، نظمت الأمانة العامة للجنة الوطنية لأهداف التنمية المستدامة بالإمارات، خلال مشاركتها ضمن وفد الدولة إلى "المنتدى الأممي المعني بالتنمية المستدامة 2025"، الذي نظمته إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة في مقرها بمدينة نيويورك مطلع الشهر الجاري، جلسة شبابية بعنوان "أصوات من أجل 2045: الشباب يصنعون المستقبل".
واستهدفت الجلسة، التي انعقدت في البعثة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة ، إشراك الشباب في تصوّر مستقبل ما بعد عام 2030، وتمكينهم من رسم ملامح مستقبل التنمية المستدامة، عبر استشراف تطلعاتهم وأفكارهم حول رؤية أهداف التنمية المستدامة الممتدة 2045 والتي تمثل نهجاً عالمياً جديداً للتنمية الشاملة والمستدامة وتم اطلاقها للمرة الأولى ضمن أعمال القمة العالمية للحكومات عام 2023.
كما استهدفت الجلسة تحفيز صناع التغيير من الشباب إلى التأمل في تجاربهم، والتواصل مع الآخرين، واستلهام الأفكار التي تسهم في صناعة مستقبل أكثر استدامة وشمولية.
خارطة طريق شاملة
وتحل تلك المناسبة فيما تواصل دولة الإمارات تحقيق مخرجات الأجندة الوطنية للشباب حتى العام 2031، التي تعد خارطة طريق شاملة لتمكين شباب الإمارات.
وترتكز "الأجندة الوطنية للشباب 2031"، على 5 توجهات رئيسية تهدف إلى أن يكون الشاب الإماراتي محركاً وداعماً رئيسياً في التنمية الاقتصادية الوطنية، وأن يساهم بفعالية في المجتمع متمسكاً بالقيم والمبادئ الإماراتية، وأن يكون مؤثراً بإيجابية على الصعيد العالمي وقدوة عالمية، ومواكباً للتطورات التكنولوجية ومتمكناً من مهارات المستقبل، ومتمتعاً بأعلى مستويات الصحة وجودة الحياة.
وشملت الأجندة مستهدفات طموحة ومبادرات تشمل تأهيل ما لا يقل عن 100 شاب إماراتي لتمثيل دولة الإمارات في المنظمات والمحافل العالمية المرتبطة بالأولويات الوطنية وعقد شراكات استراتيجية مع المؤسسات العالمية المتخصصة في مجال العلوم والتكنولوجيا لتمكين وتعزيز قدرات الشباب، وتوفير فرص مسارات مناسبة للشباب بنسبة 100% في سوق العمل، وأن تكون دولة الإمارات من أفضل 10 دول عالمياً يتمتع فيها الشباب بجودة حياة عالية وترسيخ اعتزاز الشباب الإماراتي بهويته وانتمائه الوطني، وإطلاق الميثاق الوطني للشباب في هذا المجال.
تمكين اقتصادي
ولتحقيق مستهدفات الأجندة الوطنية للشباب 2031، على الصعيد الاقتصادي، تم إطلاق العديد من المبادرات الرائدة في هذا الصدد من أبرزها:
- أطلقت المؤسسة الاتحادية للشباب ووزارة الاقتصاد يناير/ كانون الثاني الماضي "مجلس شباب الإمارات لريادة الأعمال"، بهدف تفعيل دور الشباب في تعزيز التنمية الاقتصادية، وتنافسية ريادة الأعمال الوطنية.
ويستهدف المجلس دعم رواد الأعمال الشباب، وتعزيز جاهزيتهم لدخول سوق العمل، ودعم وصولهم للأسواق العالمية، ومنحهم دورا محوريا لتطوير أفكار مبتكرة تدعم الاقتصاد الوطني وتفتح آفاقاً جديدة للنمو.
- أطلقت وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، مارس/ آذار الماضي النسخة الثانية من البرنامج الوطني للمحترفين الشباب، الهادف إلى بناء قدرات الكفاءات الوطنية الشابة في مجالات التقييس وتقييم المطابقة.
- أطلقت المؤسسة الاتحادية للشباب، بالتعاون مع مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي وهيئة الأوراق المالية والسلع، يوليو/ تموز الماضي برنامج “المستشارين الماليين الشباب” لتأهيل وإعداد الشباب الإماراتي كمستشارين ماليين معتمدين، قادرين على تقديم تعليم مالي فعّال يسهم في رفع جودة القرارات المالية وتحفيز الادخار والاستثمار، وتوسيع الوعي بالفرص الاستثمارية داخل دولة الإمارات.
مساحات شبابية
أيضا تعد مبادرة "مساحات شبابية" من المبادرات والمشاريع الملهمة ضمن الأجندة الوطنية للشباب 2031.
وتهدف المبادرة إلى إنشاء واعتماد وتحسين بيئات عالية الجودة مخصصة للشباب في مختلف أنحاء دولة الإمارات، بما يضمن حصول الشباب على مساحات آمنة، محفزة، ومجهزة بكافة الموارد التي تمكنهم من التطور والمساهمة الفعالة في المجتمع، من خلال استثمار أوقاتهم وطاقاتهم بشكل إيجابي.
واعتمد الدكتور سلطان بن سيف النيادي، وزير دولة لشؤون الشباب 26 فبراير/ شباط الماضي، أول مساحة شبابية في "مدار 39" بإمارة أبوظبي، وفي 29 مايو/أيار الماضي، اعتمد مجددا أول مساحة شبابية في إمارة الفجيرة وفي أول جهة حكومية على مستوى الدولة.
وتشكل هذه المساحات بالنسبة للشباب مقرات تفاعلية يسعون من خلالها لتطوير مهاراتهم واكتساب الخبرات المعرفية، وبناء العلاقات والتواصل مع أقرانهم بمختلف المجالات، وتبادل أهم الممارسات التي تعزز لديهم إمكانية اتخاذ القرارات بأهم القضايا التي تخصّهم.
تمكين بالذكاء الاصطناعي
من أبرز المبادرات الهادفة لتمكين الشباب بالذكاء الاصطناعي، إطلاق جامعة محمد زايد للذكاء الاصطناعي التي تعد أول جامعة في العالم للدراسات العليا المتخصصة ببحوث الذكاء الاصطناعي.
ومنذ انطلاقها في أكتوبر 2019، حققت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي العديد من الإنجازات المهمة على طريق تمكين جيل جديد من قادة الذكاء الاصطناعي من خلال التعليم الاستثنائي وعبر نموذج فريد من الكوادر الأكاديمية.
وفي إطار اهتمام القيادة بتمكين الشباب في هذا المجال، زار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في مدينة مصدر في أبوظبي يناير/ كانون الثاني الماضي.
وأكد خلال الجولة أن الجامعة تعد رافداً مهماً يعزز رؤية الدولة التنموية بشأن الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة وإعداد كوادر وطنية متخصصة في هذا المجال الحيوي بجانب إرساء دعائم الاقتصاد المتنوع القائم على المعرفة وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي وضمان استدامته لأجيال الحاضر والمستقبل.
وأعرب عن تطلعه إلى أن تسهم الجامعة في بناء قاعدة علمية من البحوث والدراسات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي ومستقبل هذا المجال.
وخلال شهر يوليو/ تموز الماضي، اختتمت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، بنجاح، نسخة عام 2025 من برنامجها للتدريب البحثي للطلاب الجامعيين، الذي شهد مشاركة استثنائية تُعدّ الأكبر والأكثر تنوعاً منذ انطلاقه.
تمكين إنساني
على صعيد تمكين شباب الإمارات من الإسهام المجتمعي والدولي المؤثر في شتى قطاعات العمل الإنساني والخيري والتنموي، وتسخير طاقاتهم وقدراتهم في خدمة الإنسانية جمعاء، تم في فبراير/ شباط الماضي إطلاق مجلس شباب الإمارات للعمل الإنساني من قبل مجلس الشؤون الإنسانية الدولية بالتعاون مع المؤسسة الاتحادية للشباب، بهدف تمكين الشباب من المساهمة الفاعلة في تحقيق أهداف التنمية الدولية المُستدامة.
ويستند عمل مجلس شباب الإمارات للعمل الإنساني إلى ستة محاور رئيسية تتمثل في تمكين الشباب، والتعليم والمعرفة، والمسؤولية المجتمعية، والابتكار، والاستدامة البيئية، والتواصل، عن طريق تنفيذ البرامج التعليمية والتدريبية، وتنظيم الورش التعريفية التثقيفية، وتقديم الحلول الابتكارية المجتمعية، وتبادل الخبرات والمعارف في الجوانب الإغاثية، وتوظيف إمكانيات التكنولوجيا لخدمة الإنسانية، وتعزيز المشروعات البيئية المستدامة.
مبادرة جديدة تعزز إسهام دور شباب الإمارات في تعزيز ريادتها كعاصمة عالمية للعطاء وعمل الخير.
تمكين دبلوماسي
أيضا من المبادرات الرائدة لتمكين الشباب على الصعيد الدبلوماسي، مجلس شباب وزارة الخارجية والتعاون الدولي الذي تم إطلاقه قبل عدة سنوت بهدف العمل على إعداد جيل واعد من الشباب الدبلوماسيين المبتكرين والمبادرين .
ويهدف المجلس من رؤيته إلى العمل على تنمية وتطوير المهارات والقدرات والكفاءات الخاصة بشباب الوزارة، وإظهار دور وجهود دولة الإمارات دولياً في تمكين الشباب واحتضان طموحاتهم وآمالهم، والارتقاء بالعمل الدبلوماسي القائم على المعرفة والابتكار لتحقيق التميز في السياسة الخارجية.
مبادرات تتواصل في مختلف المجالات تعزز خطوات الإمارات نحو تحقيق هدفها أن تكون دولة الإمارات الأفضل في العالم بحلول مئوية تأسيسها عام 2071، بالتركيز على تطوير مهارات أجيال المستقبل والنهوض بالشباب على مختلف الأصعدة.
وتسعى "مئوية الإمارات" إلى الاستثمار في شباب الدولة، وتجهيزهم بالمهارات والمعارف التي تستجيب مع التغيرات المتسارعة، والعمل كي تكون دولة الإمارات أفضل دولة في العالم بحلول الذكرى المئوية لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة وذلك في العام 2071.