كانت أفراح وأحزان رسول الله صلى الله عليه مليئة بالعبرة والعظة، ومن أشهرها في رمضان، وفاة السيدة خديجة، ومولد الحسن بن علي.

توفيت السيدة خديجة بنت خويلد بعد وفاة عم النبي أبو طالب بن عبد المطلب بثلاثة أيام وقيل بأكثر من ذلك، في شهر رمضان قبل الهجرة بثلاث سنوات عام 619م.

• حكايات عبدالباسط عبدالصمد في رمضان.. يرويها نجله لـ"العين الإخبارية" (حوار)

وولد أول مولود من أحفاد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، الحسن بن علي رضي الله عنهما، ابن السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها ابنة النبي في ليلة النصف من شهر رمضان.

جمع شهر رمضان الحدثين المتناقضين في المشاعر رغم تباعد السنين بينهما، "العين الإخبارية" حاورت الداعية الإسلامي المصري الشيخ السيد شبل عن الموقفين.

إلى نص الحوار:

بداية.. حدثنا عن مقدار معزة السيدة خديجة لدى رسول الله؟

لم تحظ امرأة بحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل السيدة خديجة رضي الله عنها، فقد كان حبها رزقًا من الله، فقال صلى الله عليه وسلم: "إني قد رزقت حبها"، كما أن النبي لم يتزوج عليها في حياتها، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "لم يتزوج النبي على خديجة حتى ماتت"، كما أورده مسلم.

وذكر النبي صلى الله عليه وسلم مكانتها وفضلها فقال: "خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ: مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ".

وبين النبي مكانتها، فقال: "أتى جبريل فقال يا رسول الله هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام وطعام، فإذا أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب (لؤلؤ مجوف واسع) لا صخب فيه ولا نصب".

كيف كان الوفاء النبوي مع أم المؤمنين خديجة؟

ظل رسول الله يتذكر السيدة خديجة، حتى إنه كان يذكرها في كل مناسبة ويكرم صديقاتها، حتى قالت السيدة عائشة: "كأنْ لم يكُنْ في الدُّنيا امْرأةٌ إلَّا خَديجةُ"، وكان إذا أتى له بالشيء، كان يقول: "اذهبوا به إلى فلانة فإنها كانت صديقة خديجة، اذهبوا به إلى بيت فلانة، فإنها كانت تحب خديجة".

وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا ذكَرَ خَديجةَ أَثْنى عليها، فأحسَنَ الثناءَ، قالت السيدة عائشة: غِرْتُ يومًا، فقُلْتُ: ما أكثرَ ما تذكُرُها حَمراءَ الشِّدْقِ، قد أبدَلَكَ اللهُ عزَّ وجلَّ بها خَيرًا منها، فقال: ما أبدَلَني اللهُ عزَّ وجلَّ خَيرًا منها، قد آمَنَتْ بي إذ كفَرَ بي الناسُ، وصدَّقَتْني إذ كذَّبَني الناسُ، وواسَتْني بمالِها إذ حرَمَني الناسُ، ورزَقَني اللهُ عزَّ وجلَّ ولَدَها إذ حرَمَني أولادَ النِّساءِ.

ماذا عن دور السيدة خديجة في الرسالة المحمدية؟

حملت السيدة خديجة مع رسول الله أعباء الرسالة، فالدعوة تحتاج إلى مال ورجال، فأنفقت السيدة خديجة كل مالها في سبيل الدعوة والرسالة، وكانت أول من آمن وصدق وواست رسول الله بنفسها ومالها ومكانتها في قريش.

لقد دخلت شعب أبي طالب مع رسول الله، وظلت وفية للنبي ولرسالته حتى لحقت بالرفيق الأعلى، فسمى رسول الله عام انتقالها بعام الحزن، وأحب أن أقول انتقالها لا وفاتها ولا موتها، لأن مثل هذه الشخصيات باقية فينا وستظل تذكر أبد الدهر لأنها قدوة بحق لكل النساء.

كيف فرح رسول الله بميلاد الحسن؟

استقبل البيت النبوي أول حفيد وسبط لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة النصف من شهر رمضان سنة 3هـ، فكان أول مولد ذكر في أشرف بيت عربي عريق الأصل، شريف النسب، ولاحت علامات البشر والسعادة والفرح في وجه النبي، وذلك لأن ميلاد الحسن أفشل المؤامرة الإعلامية ضد رسول الله التي كانت تهذي بأن رسول الله يموت ولا نسل له، ولذلك أخذه رسول الله برفق وضمه إليه في حنان بالغ، وراح يلثمه بقبلات حانية، وأذن رسول الله في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى، وسماه حسنًا، وضحى عنه بكبشين أملحين، وقال: "يا فاطمة احلقي شعره وتصدقي بزنته فضة".

كيف ربى النبي والسيدة الزهراء وعلي بن أبي طالب "الحسن"؟

تربى الحسن في بيت فيه النبي والسيدة الزهراء وعلي فأخذ من رسول الله العلم والتقوى والرحمة ومكارم الأخلاق، ومن السيدة الزهراء حبها وعلمها، ومن "علي" قوة الإيمان وحسن التوكل على الله والثقة به التي أورثته الشجاعة التي لا نظير لها، وكانت الزهراء تقول له: "أشبه أباك يا حسن".

وعلمه رسول الله الورع فأخذ من فمه تمرة الصدقة، وقال له: "إن الصدقة لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد".

ماذا قال رسول الله في فضل الحسن؟

أخبر رسول الله عن الحسن بأنه سيد وأن الله يصلح به بين فئتين بين المسلمين، وتحقق هذا حين تصالح الحسن مع معاوية بن أبي سفيان، وترك له الخلافة حقنًا لدماء المسلمين.

أثبت الحسن أن أهل البيت النبوي لا يطلبون كراسي الحكم ولا يتمسكون بها، لأن مقصودهم أحكم الحاكمين عز وجل.

والحسن هو خامس الخلفاء الراشدين، والدليل على ذلك ما أورد الترمذي في سننه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "الخلافةُ في أمّتي ثلاثونَ سنةً، ثم مُلكٌ بعد ذلكَ"، وقد بويع الحسن بعد علي فأتم الثلاثين بمدة 6 أشهر وبضعة أيام قبل الصلح مع معاوية بن أبي سفيان، فيكون خامس الخلفاء الراشدين.