كيف تستثمر أموالك في زمن التضخم؟.. 4 قطاعات رئيسية
يتصدر التضخم المشهد على ساحة الاقتصاد العالمي، ووسط ركود يضرب الأسواق، نتيجة الغلاء ونقص السلع يبحث البعض عن الملاذ الآمن للاستثمار.
ويتساءل العديد من الأشخاص عن أفضل قنوات الاستثمار خلال فترات الأزمات، والإجابة عن التساؤل تدفعنا إلى العودة بالنظر لفترات الأزمات المالية العالمية وكيف تعاملت الحكومات والبنوك المركزية معها.
ومع نهاية فترة الستينيات وبداية فترة السبعينات من القرن الماضي، كانت هناك ثلاث فترات من ارتفاع أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة، بدءا من عام 1968 إلى 1970، ومن عام 1973 إلى 1975 ومن 1978 إلى 1980، كل دورة بدأت بتضخم مفاجئ دفع البنوك المركزية لتشديد السياسة النقدية، لتدفع بعد ذلك أسعار الفائدة المرتفعة الاقتصاد صوب الركود.
وبعد صعود التضخم صوب الذروة وبدء تراجعه، يخفف صانعو السياسات قبضتهم قليلًا على السياسة النقدية، لتبدأ الأسعار في الارتفاع مجددًا، وفي كل دورة، ارتفع معدل التضخم لذروة عند مستويات أعلى على التوالي.
"جولدمان ساكس" ينصحك بامتلاك أسهم القيمة
في سبعينيات القرن الماضي، وحين خسر مؤشر "إس آند بي 1500 المجمع" للأسهم الأمريكية 44% من قيمته السوقية، ظهر في المقابل أهمية "أسهم القيمة: التي كانت أسعارها منخفضة مقارنة بالعوامل الأساسية لها عوائد حقيقية إيجابية.
ويفضل وقت الأزمات امتلاك أسهم القيمة، لأسباب عدة، أبرزها ما تحققه من مكاسب فعلية خلال فترات الأزمات، لأنها في البدايات كانت تتسم بانخفاض أسعارها مقارنة مع بقية السوق، ثانيًا أنها تمتعت بتقييمات معقولة وهو ما كان مؤشرًا على أن المستثمرين لديهم توقعات مخفضة بشأنها، مما منحها هامش أمان ضمنيًا خلال هذا العقد المضطرب، ثالثًا أن ارتفاع عوائد الأرباح في ذلك الوقت جعلها أقل تأثرًا بصعود أسعار الفائدة.
بنك الاستثمار الأمريكي "جولدمان ساكس" أيضًا يرى أن الأسهم ربما توفر أفضل فرصة بين أدوات الاستثمار للتغلب على التضخم من حيث الأداء، ويسلط البنك الضوء بوجه خاص على الأسهم المرتبطة بالدورة الاقتصادية، أي تتحرك بالتزامن مع الأداء الكلي للاقتصاد، مثل أسهم الشركات العاملة في القطاعات المالية والطاقة والموارد والتي بمقدورها الاستفادة من ارتفاع الأسعار، وتحقق تلك الشركات أداءً متفوقًا في المعتاد عندما يكون الاقتصاد في حالة طيبة أو عندما يتعافى من أزمة.
أسهم الشركات المرتبطة بالدورة الاقتصادية والتي تتمتع بمقومات كبيرة للنمو قد تكون فرصة جيدة، لأسباب منها أن إمكانية تحقيق عوائد كبيرة نسبيا وحيازة مثل تلك الشركات لقوة تسعير يمكن أن يعزز من القيمة الفعلية لمحافظ المستثمرين في الأمد الطويل، لكن بالطبع مع استعداد المستثمرين لتحمل التقلبات قصيرة الأجل التي قد تنتاب تلك الأسهم.
الاستثمار في النفط والمعادن النفيسة
تشير التجارب إلى أن الاستثمار في السلع الأولية مثل النفط والمعادن النفيسة وعلى رأسها الذهب والفضة والبلاتين، يمثل تحوطاً جيدا من التضخم، رغم أنها لا تدر ربحاً كبيراً مثل الأسهم.
وعلى مدار التاريخ أظهرت الأصول المكونة من السلع الأولية، درجة عالية من المتانة خلال صعود التضخم لفترات طويلة، إذ إن السلع الأولية مكون رئيسي في مؤشر أسعار المستهلكين، كما أن الاستثمار فيها قد يساعد في تنويع محفظة الاستثمار إذا كانت مكونة في الأساس من الأسهم.
وخلال عقد السبعينيات، صعدت أسعار النفط والذهب بأكثر من خمسة أمثال، ووفرت بالتبيعة أسهم شركات التعدين والطاقة وحتى منتجي الفحم عوائد ضخمة بمرور الوقت.
الانتقاد الذي يطال هذه الاستراتيجية ربما هو أن تلك الأصول لا تدر ربحًا، وحين ترتفع أسعار الفائدة، وهي خطوة تلقائية لمكافحة آثار ارتفاع التضخم، فإن تلك الأصول تقدم عوائد تقل بدرجة كبيرة عن بقية الأدوات المالية.
لكن في الوقت ذاته من الممكن أن تركز استراتيجيتك على تخصيص قدر محدد من محفظتك للاستثمار في السلع الأولية في الأجل الطويل، يساعد التخصيص المتوسط على توفير مصدر للقوة خلال أوقات صعود الضغوط التضخمية.
كما أن الاستثمار في السلع الأولية يمكن أن يتم عبر عدة طرق منها الشراء المباشر أو الانكشاف غير المباشر عبر الاستثمار في صناديق الاستثمار التي تركز على المعادن والنفط أو الطاقة.
العقارات
يعد قطاع العقارات ملاذ آمن للاستثمار محدود المخاطر خلال فترة التضخم، فالعقار من الأصول التقليدية التي تعد وسيلة ناجعة للتحوط من التضخم وهي تشمل أي عقار مملوك ويُدار بهدف جني قيمة اقتصادية، ويختلف ذلك عن العقارات السكنية التي تستخدم في الأساس للمعيشة.
والعقارات التجارية، التي تشمل الشقق السكنية والمنازل والمتاجر والمباني الإدارية ومراكز التسوق والمنشآت الصناعية، ترتبط عادة باتفاقيات تأجير مع العملاء وبالتالي فإنه مع صعود التضخم، تزيد قيمة العقار وكذلك الإيجارات الشهرية لها.
ويتنوع الاستثمار في العقارات سواء بشكل مباشر من خلال شراء العقار نفسه والاستثمار فيه، أو بشكل غير مباشر من خلال شراء أسهم في صناديق الاستثمار العقاري المدرجة في البورصات وصناديق أخرى متخصصة في القطاع.
بالطبع فإن الاستثمار في العقارات على نحو مباشر له إغراؤه لكن العملية تتطلب قدرًا كبيرًا من الاستثمار مقدمًا وتنطوي على نفقات تخص رسوم المعاملات والصيانة وغيرها، لذا فتملك الأسهم المستندة إلى العقارات يتجنب هذه النقائص مما يوفر للمستثمرين طريقة أكثر فاعلية لتكوين محفظة استثمار عقاري أكثر تنوعًا.
"الفوركس Forex"
يرى محللون أن الاستثمار في سوق العملات (الفوركس) الدولار الأمريكي يظل يمثل ملاذًا آمنًا للاستثمار وكذلك العملات المرتبطة بموارد والتي تمثل وسيلة لانكشاف إيجابي على التضخم العالمي، من بين ذلك على سبيل المثال الدولاران الأسترالي والكندي وكذلك الكرونة النرويجية.
فتلك الدول تعتمد اقتصاداتها على إنتاج السلع الأولية وبالتالي فهي تستفيد من ارتفاع أسعار تلك السلع في الأسواق.
أيضًا يشير البعض إلى الفرنك السويسري، فالترجيح بأن البنك الوطني السويسري (البنك المركزي) يميل إلى عدم التدخل لكبح قيمة الفرنك، كما أن العملة ربما تكون ملاذًا مفضلًا في حال ارتفاع التضخم في أوروبا وتأثيره على النمو.