بمليار دولار استثمارات.. هل تلتهم جوجل شركات أفريقيا أم تدعمها؟
أعلن عملاق الإنترنت الأمريكي جوجل عن مشروع ضخم في بلدان أفريقية من شأنه تطوير مجال تكنولوجيا المعلومات باستثمارات تقدر بمليار دولار.
إلا أن هذا الإعلان أثار تساؤلات حول مدى استفادة القارة من دعم جوجل، والهدف من وراء هذا الدعم هل هو الرغبة في تطوير القارة اقتصاديا أم الاستحواذ على أسواقها التكنولوجية؟.
وتعتبر القارة السمراء أرضا خصبة للاستثمارات الأجنبية لما يوجد بها من أسواق لا توجد فيها تنافسية كبيرة، مما يجعل الشركات الأجنبية الضخمة تسعى لإيجاد موطئ قدم لها في بلدان القارة، خصوصا في غربها ووسطها، وآخر الملتحقين بهذا التسابق هو عملاق الإنترنت جوجل.
وتتزايد أهمية فتح الشركات الأجنبية لأسواق لها بالقارة الأفريقية في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية حيث شهد معدل الاستثمار الأجنبي المباشر عبر العالم تراجعا كبيرا بسبب جائحة كورونا، إذ تراجع بنسبة 35 بالمئة في عام 2020 مقارنة بعام 2019، لذا فأن أفريقيا يمكن أن تمثل نقطة انطلاقة للشركات الأجنبية لإعادة الحياة إلى الاستثمار، خصوصا لقلة التكاليف المادية.
ومن المقرر أن يتجه جوجل لدول مثل نيجيريا وكينيا وأوغندا وغانا، حيث ستتركز استثماراته هناك على ما يخصّ الربط بالإنترنت ودعم الشركات الناشئة.
إلا أن ردود فعل الخبراء اختلفت ما بين من يرى أن هذه الخطوة مهمة وتبيّن أن الشركات متعددة الجنسيات باتت تأخذ بجدية إمكانيات القارة، بحسب ما يؤكده الخبير الاقتصادي النيجيري شعيبو إدريس لـ"دويتشه فيله" (DW).
لكن ليس الكل يتفق مع تفاؤله، إذ يشير خبير التكنولوجيا الغاني، ماكسيموس أمترغوه، إلى ضرورة قياس الإيجابيات والسلبيات في خطوة جوجل، متحدثا عن أن عددا من عمالقة التكنولوجيا، يبدؤون أولا بالاستثمار في الشركات الصغرى، ثم يقومون لاحقا بالاستحواذ علها. ويبرز أن سياسات بعض هؤلاء العمالقة هي "قتل" الشركات الصغرى بعد تملك منتجاتها الرئيسية.
ويعني هذا حسب الخبير ذاته أن البلدان الأفريقية ستعود في النهاية إلى النشاط الزراعي كنشاط غالب على الحياة، مبرزا أن المشكل ليس فيما اقترحته جوجل، بل في ضرورة تقييم الأثر الدائم للاستثمار، وفي ضرورة الإجابة على سؤال: هل ستمتلك جوجل الشركات الناشئة التي ستستثمر فيها أم ستترك ملكيتها لأبناء البلد؟.
كما يتساءل الخبير هل ستترك جوجل هذه الشركات لتخطط مسارها بنفسها، أم ستدفعها لتبني نموذج نظامها الاقتصادي، وبالتالي تفقد أفريقيا فرص التطور وتصبح مجرد رحم لخلق الأفكار والقيم التي ينتهي بها الأمر لصالح عملاق إنترنت قادم من الغرب؟.
الاستثمار أم المساعدة الأجنبية
من جانبه يرى المحلل السياسي أكو جون أكو من الكاميرون أهمية الاستثمار والمساعدات الأجنبية كوسيلة من وسائل مساعدة الدول الناشئة في أفريقيا، لكنه يؤكد أن الاستثمار أفضل للقارة السمراء، أولا لأن الأمر لا يعمق المديونية، وثانيا فيما يتعلّق بعدد فرص العمل التي سيتم خلقها في الشركات المستفيدة.
ولكي يكون استثمار جوجل ناجحا، أكد جون أكو على ضرورة أن يتجه إلى دعم البنى التحتية لتكنولوجيا المعلومات، لافتا أن القارة تحتاج محاربة الأمية في هذا المجال عبر بناء المدارس والجامعات المتخصصة، خصوصا أن عدة دول لا تتوفر على أيّ مؤسسة تعليمية تدّرس تخصصا مماثلا.
لكن شعيبو إدريس الخبير الاقتصادي النيجيري يرى إن الاستثمار والمساعدات على الدرجة نفسها من الأهمية للقارة الأفريقية التي كان لها تاريخ قاتم مع الغرب بسبب الاستعمار والعبودية. ويضيف أنه لا يوجد وقت أفضل من الآن لأفريقيا كي تستفيد من الاثنين، مستشهدا بالطريقة التي نهضت بها أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
ويرى إدريس أنه بالرغم ما تعاني منه القارة الإفريقية، من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، وانتشار ظواهر الفساد والحكامة السيئة، وضعف البنى التحتية، إلا أنها تحظى بموارد بشرية شابة يمكنها أن تقنع عمالقة الاقتصاد للاستثمار والتغلب على التحديات، خصوصا تحدي الفساد.
ومن التحديات الأخرى أن مشروع جوجل لا يركز على كل أفريقيا، بل فقط على أربع دول من أصل 54 دولة في القارة، لذلك لا يرى الخبراء أن التأثير سيكون على مجمل أفريقيا.