ليس من السهل الحديث بشكل مختصر عن واقع النكبة السورية المستمرة.
ولكن من الصعوبة بمكان ترك يوميات الاحتلال الإيراني البغيض لبلد عربي كبير مثل سوريا دون توثيق، أو حتى توضيح ذلك للرأي العام العربي الذي تتزاحم أمامه المآسي أحياناً، فينسى أن هناك آهات سورية لا تزال تنبعث من قلب الشام.
ولأن لإيران أجندة طائفية وقومية وتوسعية في سوريا، فإن انتشار نفوذها ومليشياتها في أغلب المحافظات السورية، خلف قهراً وفقراً وعذابات يطول شرحها أو فضحها، والأسوأ من هذا وذاك دخول الأزمة السورية حيز النسيان الأمريكي، والتجاهل الأوروبي والعجز العربي، والتشرذم المحلي على مستوى جميع الأطراف المتنازعة.
ففي المجال السياسي حرصت طهران وتحرص على تعطيل جميع الحلول الشاملة أو الجزئية، وحتى روسيا التي تزعم إيران أنها حليف استراتيجي لها في سوريا وفي المنطقة، عبرت مرات ومرات عن تذمرها من الدور الإيراني التخريبي، إن على مستوى المفاوضات بين الحكومة والمعارضة، أو في مجال عمل لجنة كتابة الدستور المختلطة بمدينة جنيف السويسرية.
وأما على صعيد الاقتصاد السوري المنهار، فإن إيران تستثمر في الدمار من خلال فك الحصار المفروض عليها أمريكياً، فتورد لسوريا عبر العراق أسوأ منتجاتها المحلية، سواء كان ذلك في مجال الغذاء منتهي الصلاحية، أو الدواء الفاسد عديم النفع، أو حتى الصناعات الإيرانية المزعومة كالسيارات والأدوات الأخرى.
وتستولي إيران من خلال مليشياتها على مراكز تجارية وصناعية سورية مهمة، كما تقع تحت نير احتلالها منشآت حيوية ضخمة من مرافئ ومطارات وحتى مصانع تمتلكها الدولة، وتستعمل إيران تلك المواقع من أجل إرسال حمولات خاصة بها ومحرمة دولياً نحو دول أوروبية أو في أمريكا اللاتينية.
وإذا ألقينا نظرة على المجتمع السوري، ندرك الحنق الذي أصاب الغالبية نتيجة ممارسات مليشيات الحرس الثوري الإيراني في حلب ودمشق وحمص ودير الزور وغيرها من المدن السورية، فالخطف ثم طلب الفدية من الأهالي هو عمل يومي لتلك المليشيات، ولا أمان لطالبات الجامعات أن يذهبن ثم يعدن إلى بيوتهن، كون حواجز شذاذ الآفاق والأخلاق التابعة لإيران، باتت مثل الثقب الأسود الذي يختفي فيه كل شيء.
وفي مدينة حلب وحدها، بلغ عدد الفتيات اللاتي تم خطفهن على يد عناصر إيرانية ولبنانية وعراقية وأفغانية، قرابة الـ3 آلاف فتاة فقط عام 2020، بحسب منظمة حقوقية نرويجية، اعتمدت على شهادات حية وموثقة من الميدان لذوي الضحايا.
وفي الأحياء المتاخمة للعاصمة دمشق، لا سيما حي الست زينب الذي ينتشر فيه الإيرانيون بشكل كبير للغاية، ينسى المرء وجود فيروس كورونا، بسبب انتشار أمراض مخيفة كالإيدز وغيره، نتيجة عمليات الاتجار بالنساء وممارسة البغاء وفتح مئات البيوت لهذا الغرض دون حسيب أو رقيب، وتحت إشراف كامل من الجنرال صدقيان المعروف بهذا الاسم كونه ممثل الحرس الثوري الإرهابي في ريف دمشق.
وأما المنظومة التعليمية السورية، فقد تعرضت لضربات إيرانية موجهة، تم خلالها تزييف التاريخ وقلب الحقائق، وإدخال الأكاذيب وتجنيد الفكر العدائي والمتطرف كي يكون المدخل الرئيسي لتعليم الطلاب في المدارس والمعاهد، ونشرت إيران الإرهاب الفكري القائم على قتل النفس وإزهاق الأرواح وترهيب الناس كغاية من غايات الثورة الخمينية.
ولعل ما ذكرته في هذا المقال، هو غيض من فيض ووشل من خضم لمعلومات كثيرة جمة وغفيرة، يحدثك بها كل سوري لا يخشى على نفسه من بطش مليشيات إيران، التي يدفع السوريون ثمن وجودها من حياتهم ومستقبل وطنهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة