"العارفون بالأسرار".. اغتيالات غامضة لإيرانيين والفاعل معلوم
وفاة القاضي الإيراني الهارب في رومانيا، ليست الواقعة الأولى من نوعها، وسط اتهامات لنظام ولاية الفقيه، بتنفيذ هذه الاغتيالات
لم تكن وفاة القاضي الإيراني الهارب في رومانيا غلام رضا منصوري، قبل عدة أيام، الواقعة الأولى من نوعها، وسط اتهامات لنظام ولاية الفقيه، بتنفيذ عشرات الاغتيالات لأسباب سياسية واقتصادية في الداخل والخارج.
شبكة "إيران واير" التي يديرها صحفيون معارضون من دول المهجر، قالت في تقرير لها، الثلاثاء، إن القاضي القتيل منصورى المتورط في قضية فساد مالي، هو أحد ما يطلق عليهم "العارفون بالأسرار" في هيكل النظام الإيراني لذلك يتم التخلص منهم من خلال التصفية جسديا.
وتعد قضية مقتل حسين كنجاني نجاد، ضمن أشهر جرائم الاغتيالات التي جرت أحداثها خارج الحدود الإيرانية، وفق التقرير.
كما قتل في إيران بعض الشخصيات من المتورطين في قضايا فساد بينهم حامد حاجيان، لكن السمة المشتركة بين القتلى جميعا سواء في الداخل أو الخارج كانت قربهم من مسؤولين نافذين بالنظام.
وأثار مسؤولون إيرانيون رسميون فرضية انتحار القاضي منصوري، بينما رفضوا التعليق على الاتهامات الموجهة لطهران بقتله، في حين تواصل السلطات الرومانية تحقيقاتها بهذا الصدد.
وعزت بعض الشخصيات السياسية بما في ذلك حسام الدين آشنا، مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني، موت منصوري، ضمنيا، إلى أشخاص مؤثرين وردت أسماؤهم في قضية المساعد السابق لرئيس القضاء أكبر طبري والمتهم بتشكيل شبكة للحصول على رشاوي.
يذكر أن منصوري كان أحد المسؤولين المقربين من رئيس السلطة القضائية الإيرانية السابق صادق لاريجاني، منذ سنوات عديدة، وحصل على دعم من مساعده أكبر طبري.
وأشار تقرير "إيران واير" إلى أن مسؤولين إيرانيين من المحسوبين على جناحي الأصوليين والإصلاحيين استعانوا بفرق اغتيال مثلما كان لديهم فريق سياسي وأمني في الداخل والخارج.
محمد جعفر صحرارودي، أحد المتهمين في اغتيال عبد الرحمن قاسملو الأمين العام للحزب الديمقراطي الكردستاني في إيران، كان مديرا لمكتب علي لاريجاني (رئيس البرلمان الإيراني السابق).
يشار إلى أن محمد جعفر صحرارودي جنرال سابق بالحرس الثوري الإيراني، وتولي رئاسة وفد طهران الذي أرسل للتفاوض سرا مع قاسملو في العاصمة النمساوية فيينا في يوليو/ تموز عام 1989 ، قبل أن يتورط في قتل المعارض الكردي.
لكن في السنوات الأخيرة، استأجرت إيران قتلة محترفين بدلا من العناصر الأمنية في جرائم مثل اغتيال المنشق محمد رضا كلاهي الذي كان يقيم كلاجئ سياسي في هولندا، الذي اتهمته طهران بتفجير مكتب حزب الجمهورية الإسلامية بطهران، في يوليو/ تموز عام 1981.
ورجح التقرير أن هذا الوضع يمكن أن يزيد من صعوبة اكتشاف قصة مصرع غلام رضا منصوري في الفندق الذي كان يقيم به في بوخارست وبالتالي تزيد التكهنات.
وتوقعت "إيران واير" أن طهران ربما قتلت القاضي منصوري بسبب مخاوفها من محاكمته خارج البلاد، في ظل ملاحقة منظمات حقوقية له لتورطه في انتهاكات بحق نشطاء وصحفيين، فضلا عن إثارة المحاكمة لمشاعر الإهانة لدى مسؤولي الجهازين القضائي والأمني بطهران.
وأعاد موت منصوري بهذه الطريقة إلى أذهان الإيرانيين واقعة مصرع سعيد إمامي، نائب وزير الاستخبارات الأسبق والذي كان أحد المتورطين البارزين فيما عرفت بجرائم "القتل المتسلسل" عام 1997 إبان بداية حكم الرئيس الأسبق محمد خاتمي.
ووقعت في السنوات الماضية، حوادث قتل تشبه قضية منصوري أيضا، حيث عثرت السلطات في أبريل/ نيسان 2019 على جثمان "حميد حاجيان" المحامي الذي اشتهر بالمرافعة في قضايا الفساد الاقتصادي، ملقي بساحة انتظار سيارات أمام مقر عمله في العاصمة طهران.
وأثيرت تساؤلات حينها حول وجود علاقة بين مقتل المحامي حاجيان إثر تعرضه لإطلاق نار وقضية موكله حسين هدايتي، المدير التنفيذي لنادي "استيل آذين" الرياضي، والجنرال السابق في الحرس الثوري.
وعززت أدلة مثل إطفاء الكاميرات التلفزيونية المغلقة التي كانت موجودة بموقع جريمة مقتل المحامي حميد حاجيان التكهنات حول أن الحادث كان مدبرا من جانب مافيا تسيطر على شبكات اقتصادية بالداخل، حسب التقرير.
وقُتل حسين كنجاني نجاد المقلب بـ "حسين نجاد"، وهو مصرفي إيراني ارتبط بالملياردير المحكوم عليه بالإعدام "باباك زنجاني"، داخل موقف سيارات في مدينة كوالالمبور الماليزية، في 29 يوليو/ تموز عام 2013.
وتكتمت وسائل الإعلام الرسمية في إيران على تفاصيل مقتل المصرفي نجاد، حيث لم يتم نشر سوى عدد قليل من التقارير حينها.
وشهد العقد الماضي، مقتل عدد من الأطباء الإيرانيين في ظروف مريبة بسبب علاقتهم بأحداث تعذيب لسجناء أعقبت احتجاجات اندلعت في عام 2009 اعتراضا على نتائج الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل.
وكان من بين الأطباء الذي قضوا في ظروف غامضة رامين بوراندارجاني، الطبيب المناوب الذي تعرض للضغط من قبل سعيد مرتضوي، المدعي العام في طهران آنذاك.
ولفت التقرير إلى أن مرتضوي المتورط بانتهاكات حقوقية، حاول إجبار بوراندارجاني (26 عاما) على تدوين أن سبب وفاة عدد من المعتقلين في سجن كهريزك كان نتيجة إصابتهم بالالتهاب السحائي.
وتضاربت روايات المسؤولين الإيرانيين بشأن وفاة الطبيب الشاب بين تعرضه لنوبة قلبية، وانتحاره قبل أن يعلن الطب الشرعي أن سبب موته كان التسمم.