"عيد النوروز".. الإرث العالمي الذي يحييه ملايين البشر سنويا
الملايين حول العالم وعدة شعوب في آسيا الوسطى يحيون في 21 مارس/آذار سنويا احتفالات عيد النوروز.
في الحادي والعشرين من مارس/آذار من كل عام، الذي يوافق الأول من شهر فروردين بالروزنامة الفارسية، يحيي الملايين حول العالم وعدة شعوب في آسيا الوسطى سنويا احتفالات عيد النوروز، والتي تتزامن مع بداية فصل الربيع طبقا للتقويم الميلادي أيضا.
عيد النوروز (اليوم الجديد) يعنى في الفارسية بدء سنة جديدة وفقا للتقويم الهجري الشمسي، حيث تصاحبه طقوس شعبية لمدة 13 يوما كعطلة رسمية، في حين تم إدراج النوروز كمناسبة على لائحة التراث العالمي في اليونسكو عام 2009.
- بالصور.. كيف حطَّم الإيرانيون تابوه الملالي بالسخرية؟
- رجوي في رسالة عيد النوروز: عواصف من الاحتجاجات تنتظر نظام طهران
وتسبق عيد النوروز ليلة تعرف باسم "تشهار شنبه سوري"، أو "أربعاء النار" وهي آخر ليلة أربعاء في السنة الفارسية الشمسية، والتي تعد إحدى أقدم الاحتفالات التاريخية حيث يشرع المحتفلون بهذا الإرث المشترك بين إيران وأفغانستان وطاجيكستان وبلدان أخرى في إشعال حلقات نار بأماكن مفتوحة منذ دخول وقت المساء وتبقى متوهجة حتى الصباح.
ويردد المحتفلون القافزون أعلى حلقات النار الكبيرة طوال مساء آخر أربعاء من السنة الشمسية عبارات أبرزها "صٌفرتي إليك وحٌمرتك إلي"، في إشارة رمزية إلى التطهير حسب المعتقدات القديمة بالديانة الزرادشتية، بمعنى آخر أن الناس يسألون النار أن تُذهب عنهم الأمراض والأزمات (دلالة اللون الأصفر)، وأن تمنحهم بالمقابل الدفء والحرارة والقوة (دلالة اللون الأحمر).
وترمز النار إلى الطهارة من الأرواح الشريرة في الديانة الزرادشتية (ظهرت قبل 3000 عام)، بينما كان يعتبر طقس القفز من فوق حلقات النار قديما دلالة على التخلص من الحظ السيئ بالعام السابق واستبداله بحالة من التفاؤل قبل بداية العام الشمسي الجديد.
ويٌعرف أيضا الأربعاء الأخير من السنة الشمسية الفارسية باسم "الأربعاء الأحمر"، بينما تبدو مراسم "قاشق زنى" أو "دق الملعقة" كأبرز المظاهر الاحتفالية التي تصاحبه حيث يرتدي المشاركون تشادر (عباءة للنساء في إيران) ويطرقون بملعقة على أطراف أوانٍ معدنية فارغة وسط ترديد الغناء والأهازيج في طريقهم إلى منازل الجيران والأصدقاء، الذين يبادرون إلى منحهم مكسرات جافة، وحلوى، ونقود.
ما إن ينتهي صخب احتفالات أربعاء النار، حتى يبدأ عيد النوروز وهو اليوم الأول من فروردين أول شهور التقويم الشمسي، ويوافق ميلاديا هذا العام (الخميس 21 مارس/آذار)، حيث تكمل الأرض في هذا اليوم دورة حول الشمس ثم تستقر على نقطة الصفر لتبدأ الدوران مجددا.
- بهلوي يدعو الإيرانيين إلى الانتفاض ضد "انحطاط" خامنئي في النوروز
- موجة كساد حادة تخيم على أسواق إيران مع حلول "النوروز"
ويصاحب عيد النوروز شراء ملابس وقطع أثاث جديدة لاستقبال فصل الربيع الذي يرمز في الثقافة الشعبية إلى تجدد الحياة، في الوقت الذي تسبقه بعدة أيام عادة سنوية لتنظيف السجاد وقطع الأثاث وتشمل رش المياه والتزيين على نطاق واسع سواء في أركان المنازل وأزقة الشوارع وحتى شواهد المقابر.
في هذه الأثناء يتبارى المحتفلون في التجهيز لمائدة "هفت سين" أو "السبع سينات" التي تضم 7 أشياء تبدأ جميعها بحرف السين في اللغة الفارسية، وتشير كل منها إلى رمز من الطبيعة والحياة حيث يتحلق الجميع حول هذه المائدة لحظة دخول العام الجديد.
ويمكن تقسيم السبع سينات التي لا يخلو منها بيت إيراني في عيد النوروز على النحو التالي: (سبزه: العشب الأخضر في رمزية للحياة، سمنو: حلوى مصنعة من قمح في رمزية للبركة، سير: الثوم في رمزية للقناعة، سنجد: شجر الزيزفون في رمزية للخصوبة، سركه: الخل في رمزية للرضا، سماق: نوع من البهارات الإيرانية في رمزية للصبر، سيب: التفاح في رمزية للصحة).
ويعتبر السمك والأرز الطبق الرئيسي لأغلب العائلات عشية إحياء طقس رأس السنة الفارسية والذي يتم غالبا في بيت كبير المساحة بحضور كل أفراد الأسرة، بينما تضاف حاليا إلى مائدة السبع سينات أصناف أخرى أبرزها نسخ من كتب دينية سماوية، ومرآة، وشموع، وورود، وأسماك زينة، وكمية بسيطة من البيض الملون بشكل زاهي، وسط دعوات من الحضور بالخير والبركة في العام الجديد.
ويصاحب قدوم عيد النوروز ظهور شخصية حاجي فيروز التي بدأت في الاندثار حاليا والمعروف برمزية العودة من أرض الموتى في الفولكلور الإيراني، حيث يرتدي غالبا أحد الباعة الجائلين أو متسول ملابس حمراء زاهية ويدهن وجهه باللون الأسود بينما يطوف الشوارع حاملا مزمارا أو طبلة في يده مقابل الحصول على نقود من المارة في إشارة للإعلان عن العام الجديد.
وشخصية حاجى فيروز لها جذور عميقة في تاريخ وأساطير إيران، في الوقت الذي يتحضر الإيرانيون للاحتفال بعيد النوروز مع بداية شهر اسفند في التقويم الفارسي (20 فبراير/ شباط) حيث يقومون بشراء الملابس الجديدة وتحضير الحلويات الخاصة بالعيد وكذلك بعض الوسائل اللازمة لإحياء هذه المراسم التقليدية والتراثية السنوية.
واعترفت منظمة الأمم المتحدة باليوم الدولي للنوروز بتاريخ 21 مارس/آذار في العام 2010، بناءً على طلب دول عدة مثل أفغانستان، وألبانيا، والهند، وإيران، وكازاخستان، وتركمانستان.
ويحتفل بعيد النوروز أكثر من 300 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، وبدأ الاحتفال به منذ نحو 3000 عام من البلقان إلى حوض البحر الأسود، ومن آسيا الوسطى إلى الشرق الأوسط وأماكن أخرى.