ضربات طهران على أربيل.. رسالة لأمريكا أم دخول إيراني على خط المواجهة؟
بضربات إيرانية استهدفت شمال العراق، استيقظ العالم على تصعيد جديد بالشرق الأوسط يحمل رسائل عديدة إلى الإدارة الأمريكية بحسب خبراء.
وقد أعلن الحرس الثوري الإيراني مسؤوليته عن تلك الضربات التي زعم أنها طالت بالصواريخ الباليستية "مراكز تجسس وتجمعات لجماعات إرهابية مناهضة لإيران"، إلى جانب قصف آخر في سوريا، وكل هذا يتزامن مع مواصلة واشنطن ضرباتها المكثفة تجاه مليشيات الحوثي في اليمن وكذلك بعض الجماعات المسلحة في سوريا والعراق.
ورغم أن الهجوم الإيراني لم يطل أياً من المنشآت الأمريكية وكذلك لم تقع أي إصابات في صفوف الجنود الأمريكيين، فإن وزارة الخارجية الأمريكية أصدرت بياناً على الفور تؤكد معارضتها وإدانتها له، مؤكدة أن من شأنه تقويض استقرار العراق، ومعربة كذلك عن دعمها لـ"بغداد" وحكومة إقليم كردستان.
رسالة لأمريكا
في هذا السياق، قال الدكتور تيسير عبدالجبار الألوسي الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي، إن الضربة الإيرانية في المقام الأول موجهة للولايات المتحدة، نتيجة الضربات التي طالت مليشيات الحوثيين في اليمن.
وأضاف الألوسي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أنه "حين تقوم طهران بهذه الضربات بشكل مباشر وليس عن طريق المليشيات الموالية لها في العراق فإن هذا يعني مرحلة جديدة من التصعيد الإيراني في مواجهة واشنطن".
واعتبر أن عدم اعتماد طهران على "المليشيات الموالية لها في العراق" في تنفيذ تلك الضربات، أمر يحمل رسالة للمليشيات بأن ضرباتهم لم تعد ذات تأثير، لدرجة أن الحرس الثوري الإيراني يتدخل وينفذ بشكل مباشر، مؤكداً أن تلك الخطوة ستشكل دفعة لوكلاء إيران في الأراضي العراقية لشن مزيد من الهجمات الأكثر شدة.
ورأى الألوسي أن استهداف إيران لمطار أربيل يجر المنطقة إلى مزيد من التصعيد، لا سيما أن رسالة طهران وصلت إلى واشنطن، إذ تؤكد أنها قادرة على الرد في أي وقت بعد استهداف مليشيات الحوثي، وكأنها تضغط باتجاه ألا تنفذ الولايات المتحدة ضربات جديدة ضد الجماعات الحليفة للإيرانيين، وبالتالي كأنها توفر لهم نوعاً من الحماية.
المحلل السياسي العراقي حذّر -في ختام تصريحاته لـ"العين الإخبارية"- من خطورة ما تقوم به إيران من ضربات، لأنها تجر العراق والمنطقة إلى مزيد من الاضطرابات والصراعات في إطار المواجهة مع الولايات المتحدة، معتبراً أن "بغداد في المقابل لا تملك من أمرها شيئا"، على حد تعبيره.
ونفذت الولايات المتحدة، بالتعاون مع عدد من الدول الأخرى على مدار الأيام الماضية عدداً من الضربات التي طالت مواقع جماعة الحوثيين في اليمن، لوقفها عن مواصلة استهداف السفن التجارية المارة في البحر الأحمر، التي تزعم أنها تأتي في إطار الدعم الشعب الفلسطيني.
بدوره، قال كميل البوشوكة، المحلل السياسي البريطاني والخبير في الشؤون الإيرانية، إن النظام الإيراني لديه الكثير من الدوافع والأسباب لشن تلك الضربات، على رأسها أنه يبعث برسالة للولايات المتحدة، الهدف منها لفت النظر إلى أن تفتح الأخيرة خطاً جديداً للمفاوضات بشأن البرنامج النووي في ظل أجواء الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي شهدت انعقاد أول انتخابات تمهيدية أمس الإثنين.
وأضاف البوشوكة لـ"العين الإخبارية"، أنه حتى الضربات التي تقوم بها جماعة الحوثي في اليمن تأتي في إطار نفس الهدف للنظام الإيراني الذي يريد أن يستغل ظرف الانتخابات في أمريكا ويتوصل إلى شيء جديد بشأن البرنامج النووي، خوفاً من أن يأتي الرئيس السابق دونالد ترامب مجدداً ووقتها لن يكون هناك مجال لأي مفاوضات.
واعتبر أن الهجوم على أربيل أيضاً يحمل رسالة موجهة للداخل الإيراني، فالنظام يواجه كثيراً من الإشكاليات الداخلية، من فشل أمني إلى تحديات اقتصادية، وبالتالي يريد النظام شغل الداخل بما يجري في الخارج، فوجد في أربيل الضحية المناسبة لاستهدافها.
لجوء إلى مجلس الأمن
وعقب الهجوم، أعربت الحكومة العراقية عن استنكارها له واعتبرته اعتداءً على سيادة البلاد وإساءة لحسن الجوار وأمن المنطقة، موضحة أنها ستتخذ ما يلزم من إجراءات قانونية بما في ذلك تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي.
وتعليقاً على ذلك، قالت لينا مظلوم الكاتبة الصحفية العراقية، لـ"العين الإخبارية"، إن "رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في موقف صعب، فهو يحاول أن يظهر قدراً من الاستقلال، إلا أنه يقع تحت ضغط القوى الموالية لإيران التي ترى أنها صاحبة فضل عليه في شغله منصب رئيس الوزراء".
واعتبرت أنه في ضوء تجارب سابقة، فإن "التحركات الحكومية لن تخرج عن إطار الإدانة والاستنكار، وحتى مسألة اللجوء إلى مجلس الأمن تبقى في نفس الإطار، أي أنها خطوة لا تشكل أيضاً تأثيراً كبيراً، ولا تؤشر على موقف حازم مما يصدر من الجانب الإيراني، لا سيما أن الأخير يعرف أنه مصدر قوة في العراق"، على حد قولها.
وسبق أن شنت إيران ضربات في مناطق إقليم كردستان الواقع شمال العراق، زاعمة أن هناك مناطق في الإقليم تستخدم كنقطة انطلاق للجماعات الانفصالية الإيرانية وكذلك لعملاء إسرائيل.
aXA6IDMuMTcuNzUuMTM4IA== جزيرة ام اند امز