كل التقارير الدولية ترى أن "إيران" تحتل المرتبة الأولى في الفقر.
وصعوبة الظروف المعيشية بين "تسعة عشر بلداً" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكنها تمكَّنت من بناء ترسانة من الصواريخ والطائرات المسيّرة، ونجحت في تهريبها إلى مليشياتها الموالية لها في بعض الدول والعواصم العربية، وهذا أكثر ما تستطيع أن تقدمه لهذه الدول التي تنتشر فيها مليشياتها، ولكن ما جدوى كل ذلك إذا لم تستطع أن توفر الدواء والغذاء للملايين من المرضى والجوعى، والحياة الطبيعية لِشَعْبٍ جلهم من العاطلين عن العمل، في ظل تَضاعف المخصصات المالية الداعمة لـ"الحرس الثوري الإيراني" الذي يغذي المليشيات التابعة له في عدد من الدول بالمنطقة، وهو ما أكده وزير الدفاع الإيراني "أمير حاتمي" أن القوات المسلحة تعاني عجزا ماليا يعيقها عن تأمين رواتب المجندين البالغ عددهم سنويا نحو 60 ألف مجند، يصل إلى ألف مليار تومان إيراني، ومن هنا نقول: إن مشكلة إيران في الداخل وليس خارجها، والأكيد أن السلاح النووي أو "مفتاح جهنم" لن يحلّ هذه المشكلة، كذلك لن تحلها الصواريخ، ولا المشروع التوسّعي بِمليشياتها.
إنَّ المتتبع لمسار تحركات إيران على مدار سنوات طويلة من أجل برنامجها النووي، يجد أن مفاوضاتها التي استمرت على مدار "عشر سنوات" تُبرز أهمية الاتفاق النووي متعدد الأطراف بالنسبة إليها، كما يوضح كيف حاولت طهران التكيّف مع ما فُرض عليها من ضغوطات لإتمام الاتفاق، بينما -حالياً- لا يعرف أحد على وجه اليقين ماذا سوف تسفر عنه المفاوضات بين الأفرقاء في محادثات فيينا، وعلى أي وجه سوف تنتهي، سواء بالعودة إلى الاتفاق القديم كما تطالب إيران، أو باتفاق جديد ورفع بعض أو كل العقوبات المفروضة، أو البقاء في مرحلة الصراع والمفاوضات التي تجيدها طهران "سياسة كسب الوقت"، ما يعني الذهاب للاحتمال الآخر وهو "حصول إيران على السلاح النووي" قد لا يكون بعيداً، وربما بات قريبًا، وهو ما نوه عنه الأمير تركي الفيصل حين قال: علينا الاستعداد لليوم الذي تمتلك فيه القيادة الإيرانية القوة النووية، وعلينا أن نستعد لكل الاحتمالات.
أما الحوار مع إيران فنراه قد لاقى ترحيباً كبيراً من السعودية منذ عقود طويلة، حيث سبق لها أن جددت الترحيب بذلك، ولكن "ليس" مع المتوهمين بتصدير "الثورة"، ولا عبر تصدير ودعم المليشيات والفوضى والمخدرات والإرهاب، والمملكة مستعدة أن تتواصل مع الجميع وفق مبادئ الاحترام والسيادة وحسن الجوار، لأنها دولة محورية مهتمة بالاستقرار والعيش بسلام مع إيران أو غيرها، وهي دائما تطالب إيران بانخراط جدّي في المفاوضات النووية، من أجل مصلحة الجميع، وهي الآن تبني مستقبل أجيالها وفق رؤيتها، وستجنح إلى السلام مع إيران وستحدد الوقت ما إذا كان هذا التفاهم ممكنًا بالفعل، لأن إيران تحتاج إلى مَن يوقظها من أوهامها القائمة على أساس خرافي، وإيقاف عدوانها المستمر على الدول والمصالح العربية، الذي لا مبرر له سوى تلك النظرة التوسعية، والطائفية، والاستعلائية، التي آن لها أن "تنكسر وتنتهي"، لتعود إيران إلى دولة تحترم القوانين الدولية والإنسانية والإسلامية، تستطيع أن تؤدي دورها الإيجابي في المنطقة، ونحو شعبها بعيدا عن الحقد الطائفي، والتحجر القومي "المعبرين" عن طريقة ضيقة وقاصرة وجاهلة وغبية في قراءة الدين والتاريخ والمستقبل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة